خلال وجود جوزيف بايدن في المكتب البيضاوي، لم يستقبل الرئيس التركي و كانت العلاقة متوترة بشكل كبير،خاصة بعد اعتراف الرئيس الديمقراطي بالإبادة الجماعية للأرمن في فترة حكم الإمبراطورية العثمانية كأحد قراراته الأولى وتعرض نظام أردوغان لضغوط امريكية بشأن القضايا السياسية الداخلية. حينما انتقدت الولايات المتحدة وضع حقوق الإنسان في تركيا وعقد السفير الأمريكي اجتماعا مع كمال كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2023 مما أغضب وزير الداخلية السابق سليمان صويلو وهناك أيضا الكثير من الاختلافات بين الحليفين في السياسة الخارجية من اتهام أردوغان واشنطن بدعم المسلحين الأكراد في سوريا ، وكان موقف بايدن بمنع إتمام الجيش التركي عملية ( ربيع السلام ) واحتلال كامل الحدود الشمالية لسوريا ، على الرغم من أن أردوغان هدد بالاستمرار بالعدوان إلى أن تم اسقاط الطائرة بدون طيار التركية 2023 في سماء سورية من قبل القوات الامريكية واكب ذلك
تهديد وزارة الخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على عدد من الشركات التركية وكان ذلك ، ثم جاء مشروع محطة أكويو النووية التي ينفذها الروس وعمق الخلاف بين الطرفين و بعد شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية،اس400 من قبل عضو في حلف الناتو .
تعودنا على زيارات أردوغان للولايات المتحدة التي تترافق عادة مع المشاكل والفضائح كما حدث في أحدى زيارته دخل حراسه في عراك مع معارضين أكراد و في الزيارة الاخيرة تم منع تحرك موكب اردوغان من الجمعية العامة من قبل الامن بسبب تحرك موكب ترامب ، وقبل الاجتماع مباشرة بينهما اندلعت أزمة دبلوماسية صغيرة في واشنطن تعليقا على مقابلة أردوغان مع فوكس نيوز حين شكك فيها في قدرة الرئيس 47 للولايات المتحدة على حل النزاعات في أوكرانيا وغزة ورد وزير الخارجية ماركو روبيو إن القادة الأجانب " يمكنهم قول أي شيء ، ولكن في النهاية عندما يحتاجون إلى حل أي مشكلة يهرعون إلى البيت الأبيض و منهم الرئيس أردوغان ، الذي سيلتقي أيضا بالرئيس , هنا سارع الوفد التركي للتخفيف من تلك التصريحات باعتبارها ترجمة غير دقيقة وأن أردوغان أشار فقط إلى الصعوبات في عملية تحقيق السلام في اوكراينا ودعى إلى بذل جهود مكثفة لحل النزاع.
كان تفاؤلا كبيرا يعول على مباحثاته في البيت الأبيض خاصة بعد، اشادة ترامب بالضيف قائلا:" إنه شخص صعب المراس وان اردوغان رجل واثق جدا من نفسه ، لا أحب عادة الأشخاص الذين يعانون من الثقة المفرطة ، لكنني أحببت هذا دائما". وأشار ترامب مرة أخرى إلى انتصار أردوغان في سوريا ، وأعرب عن تقديره لمساهمته في تسوية الصراع بين أرمينيا وأذربيجان و كان تصريح ترامب بأنه رفع (العقوبات) وهو تجميد عن سوريا بناء على طلب أردوغان مما يثبت أهمية أنقرة المتزايدة في الشرق الأوسط
كان سبب التفاؤل بالنسبة للجانب التركي هو تصريح ترامب بشأن الغاء العقوبات التي فرضها بنفسه بسبب شراء أنقرة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية إس-400 وقال ترامب ردا على سؤال حول إمكانية رفع العقوبات" يمكن أن يحدث ذلك قريبا جدا ، على الفور تقريبا إذا كان لدينا اجتماع جيد". لفت الصحفيون الأتراك الانتباه إلى شارة الطائرة التي المعلقة على سترة ترامب ، كان الأمر كما لو كان يلمح إلى عودة تركيا إلى برنامج مقاتلات إف-35 أوعلى الأقل توريد طائرات إف-16.
بعد المباحثات التي استمرت ساعتين ، أصبح من الواضح أنه لم يتم التوصل إلى اتفاقات جادة ، توضح ذلك في المؤتمر الصحفي حين أشار ترامب إلى أنه من أجل إبرام اتفاق بشأن إف-35 ، يجب على أردوغان أن يفعل "شيئا من أجلنا."هذا الشيء له بعد محدد وأفضل شيء يمكن أن يفعله هو التوقف لعن شراء النفط الروسي ، كانت تركيا قلقة بعد إنذار ترامبو لها لمدة 50 يوما ، علما أن تركيا تستورد الغاز بالكامل ، يمثل الغاز الروسي حوالي 40 ٪ والنفط حوالي 90٪. في حالة الأزمة المالية والتضخم المستمرين ، فضلا عن الصراع القائم بين أردوغان وحزب الشعب الجمهوري المعارض ، إذ لا يمكن المبالغة في العواقب الاقتصادية والسياسية لأردوغان فيما يتعلق بالقضايا الجيوسياسية على الرغم من الإجماع على التوصل إلى حل بشأن الغاز(كما أشار أردوغان بالفعل بعودته على متن الطائرة) ، فإن التنسيق بين الولايات المتحدة وتركيا سيواجه تحديات كبيرة ، إذا أصر الرئيس التركي على الحفاظ ذلك وعلى الوقوف مع حماس ولو بالصوت و الإعلام وعدم الضغط من اجل إيجاد حل سلمي للصراع في غزة ، فإن ترامب راض عن السيناريو العسكري في غزة ، لكن تغير موقف الرئيس الأمريكي اتجاه حماس تدريجيا في السابق فدعى إلى الحوار مع هذا التنظيم الفلسطيني ، لكنه الآن أعطى تفويضا مطلقا للقضاء عليها ويدعم ضمني للعملية الإسرائيلية و احتلال غزة ، و ليس من قبيل المصادفة أنه من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة انتقد ترامب قرار 10 دول غربية بالاعتراف بدولة فلسطين اعتباريا كون لا شيء يتغير على أرض الواقع ، بينما أردوغان رحب بذلك كون
موضوع فلسطين مهم لأردوغان لأسباب أيديولوجية وسياسية داخلية وتحديدا انتخابيا في حين يتهم زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل أردوغان باستمرار بأنه مقيد للغاية في سياسته تجاه إسرائيل حيث اعتبر أوزيل بيان وزارة الخارجية التركية بشأن تعليق جميع العلاقات مع إسرائيل ردا على اعتراف نتنياهو بالإبادة الجماعية للأرمن ضعفا ، بينما كان أردوغان يعقد اجتماعا مع ترامب المؤيد لإسرائيل ، نظم أوزيل مظاهرة لدعم فلسطين.أما فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية ، على الرغم من اعتراف ترامب بإنجازات أردوغان ، فإن النهج الجديدة للبيت الأبيض تجاه روسيا وممارسة الإدارة الرئاسية الأمريكية بالفعل ضغوطا على أوروبا والهند والصين لتزويد النفط الروسي واضافة لذلك شعار ترامب "السلام بالقوة" أي إعادة تفعيل مقولة من ليس معناه هو ضدنا البوشية ولكن الهدف نفسه على هذا المسار، لذلك يواجه أردوغان خيارات قاسية وهذا ما جعل النظام التركي أن ينتقل إلى وظيفة “وسيط “ وعملية تهديد مبطن لحماس بالتشرد. أو قبول شروط نتنياهو وهو ما شاهدناه بعد إعلان خطة ترامب لغزة مقابل عودة العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة.
اما النتيجة الإيجابية الملموسة من البقاء هي مذكرة التعاون النووي المدني التي جاءت على لسان وزير الطاقة التركي البلرسلان بيرقدار: "لقد بدأنا عملية جديدة من شأنها تعميق الشراكة متعددة الأبعاد بين تركيا والولايات المتحدة في مجال الطاقة النووية". يتم تنفيذ أول محطة للطاقة النووية في تركيا من قبل روساتوم من المقرر أن يتم تشغيل مشروع أكويو في وقت مبكر من عام 2026. ومع ذلك ، تعتزم السلطات التركية بناء محطتين للطاقة النووية في تراقيا وسينوب. الشركات الكورية الجنوبية وروساتوم تبدي اهتماما بها في حين لم يتم اتخاذ القرار بشأن المشروعين ، فإن الشركات الأمريكية لديها فرصة للتنافس مع موسكو وسيول
بعد المحادثات ، قدم كل من ترامب وأردوغان تقييمات إيجابية ووصفها الأول بأنها " مقنعة للغاية "بشأن عدد من القضايا ، بينما ذكر الثاني أن المحادثة جرت في" جو صادق وبناء ومنتج."أنقرة وواشنطن ملتزمتان بالتقدم في جميع مجالات التعاون و حدد الرئيس التركي هدفا طموحا في حجم التجارة من رفعها من 35 مليار إلى 100 مليار دولار أمريكي ، العلاقة بين ترامب وأردوغان تتطور بالفعل بشكل جيد ، خاصة إذا ما قورنت بفترة بايدن ومع ذلك سيكون من الصعب للغاية تحقيق نتائج جادة بعد اسابيع من الاجتماع ، صرح فيدان أنه " خلال الاجتماع ، تم الاتفاق على حل قضايا مثل عقوبات/ كاتسا/، التي تعيق تعزيز علاقاتنا بشكل أكبر، لكن "التزام ترامب برفع العقوبات لا يضمن النجاح حين ربط ترامب في الواقع إمكانية نقل الطائرات المقاتلة إلى تركيا بفرض حظر نفطي على روسيا ، بالتالي لا يمكن توقع أي صفقة في تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا لان ذلك التطور إلى حد كبير يتوقف على مصير النزاعات الإقليمية و ما ستقدمه تركيا في المقابل، حيث قدم خدماته للجمهوريين سابقا و شكروه عليها وهو ما قام به اليوم في الضغط ونجح في الصراع في فلسطين وغزة تحديدا بعد أن وضعت حماس السياسية بيضها في سلة السلطة بين كل من مصر، قطر وانضمام تركيا بعد لقاء ترامب وأردوغان وكعادة عربنا ينظفون صحون المائدة بعد تجهيزها ، اذا دعم أردوغان لخطة ترامب الشبه تعجيزية سيسمح لأنقرة و واشنطن بالتعاون بشكل أوثق بشأن الشرق الأوسط واتفاق مع تل أبيب عرابهما ترامب لتقاسم سورية وكعادته أردوغان لن يعدم استخدام أي وسيلة لمصلحة حزبه وجماعته في البقاء في السلطة واضح انه عند أول مفرق مصلحي هام يرمي أحماله (حلفائه) الصغار ادواته حيث باعهم طوال الأيام العصبية حلوى “”غزل البنات”” الضخمة الحجم بينما بالواقع أصفر من ربع لقمة في الفم ، مقابل أن يجني غنائم دسمة.