كأن التاريخ يعيد نفسه...
فيزداد هذا التاريخ سخرية...
هل هو زمن شمس بدران وعبد الحكيم عامر مع مصر الناصرية؟
لا صوت يعلو فوق صوت المعركة!!...
في ذلك الزمن، انتهينا إلى الهزيمة اللعينة فجر الخامس من يونيو حزيران ٦٧...
في ذلك الزمن تسلق محمد أنور السادات على ظهر عبد الناصر لكي يطعنه في الظهر بعد الانقلاب على كل الإرث الثوري الناصري... بعد الإنقلاب على عظمة مصر...
اليوم، تدق طبول الحرب، والتهديد بالحرب...
كما كانت فلسطين والثورة غطاء على فساد مخابرات بدران وفساد القيادة العسكرية في الجيش المصري في ذلك الزمن...
كذلك هي طبول حرب الترسيم اليوم...
ليس في هذا أي انتقاص من القيمة المعنوية العظيمة لتهديد السيد نصرالله، والذي جعل الأميركي والإسرائيلي يقفان على رجل ونصف...
تهديد إسرائيل أكثر من مطلوب...
شن حروب على إسرائيل هو أمنية كل احرار العرب...
التصدي للإمبريالية الأميركية هو رجاء كل الأحرار في العالم...
لكن، شئنا أم أبينا، انقذ تهديد السيد نصرالله السلطة الرسمية اللبنانية من مأزق الظهور بمظهر العبيد أمام صلف الأميركي الذي لم يجد وسيطا بين لبنان والعدو الصهيوني سوى ضابط صهيوني سابق/ دائم هو عاموس هوكشتاين...
كاد الرؤساء الثلاثة يبكون في حضرة الأميركي راجين القليل من الرحمة...
ظهرت السلطة في أسوأ صور العبودية والتبعية والسرقة والنهب وتسخير إدارات هذه السلطة من أجل مزيد من النهب والسرقة مع التذلل للأميركي كي لا تطالبهم عقوبات لأنهم أصلا لا صلة تربطهم بهذه الأرض غير فعل السرقة والنهب إياه...
هم لا يريدون إنقاذ شعب لبنان؛ هم يريدون فقط قتلا رحيما لهذا الشعب... هذا، إذا ما أرادوا خيرا لهذا البلد أصلاً...
تهديد نصرالله جعل هؤلاء الجبناء الأوغاد يظهرون على شيء من الوطنية هم منها براء...
أهل الجنوب يتحدثون عن الحرب التي قد تقع بين لحظة وأخرى وهم بالكاد يجدون ما يقيهم شر العوز في اليوم التالي... لا انقطاع البنزين ولا فقدان المازوت ولا زيادة الأسعار الجنونية ولا حتى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد تبخر الودائع والرواتب معا...
كل هذا صار كماليا
لقد أعاد حزب الله الى نجيب ميقاتي صورة مستحيلة لا تليق بهذا الرجل...
طغت أصوات طبول الحرب على كل مطالبات الناس من السلطة بإعادة الأموال المنهوبة، أو محاسبة المصارف على تبخر الودائع وقدرة الناس الشرائية...
لم يعد الناس يفكرون في القضاء على الفساد...
لم يعد الناس يهتمون للكابيتال كونترول...
حتى الحديث عن الرواتب والأجور صارت ترفا أمام عظمة تحدي إسرائيل واجبارها على القبول بجزء بسيط جداً من حقوق لبنان...
باسم عظمة هدف التصدي للعدو، سكت الناس...
وباسم هذا السكوت، تمادت السلطة في نفس نوع الممارسة التي لم تتغير منذ أول قرش حرام سطت عليه وحتى اغتصاب احلام بناء وطن من عيون وعقول اللبنانيين...
ليس حزب الله من يتحمل كامل المسؤولية عما صدر ويصدر...
لكن حزب الله الذي يهادن عملاء اميركا إلى درجة أنه لم يجرؤ يوما على تسمية رئيس حكومة غير سعد الحريري وميقاتي وسلام وأمثالهم ممن لا تليق بهم سلطة شريفة...
الخوف، كل الخوف، هو أن تصل يد النهب حتى إلى هذه الثروة النفطية والغازية بعد تحريرها...
يموت رجالنا، ويستشهد الابطال ثم تذهب بقية الثروات في جيوب المنتفعين الذين هم أنفسهم أهل السلطة الحاكمة اليوم في لبنان...
بدل الموت حياء، ها هم رجال السلطة ينتظرون من خلف حزب الله لاقتناص هذا الثروات...
هل يسكت الشعب مرة أخرى وأخرى؟
التاريخ يعيد نفسه ويجعل من ذلك الأمر مهزلة بانتظار رجال يعرفون معنى استشهاد من خرج يوما طالبا الإصلاح في أمة جده... رجال يقلبون الأمور ويعيدون توجيه هذا التاريخ إلى البوصلة الصحيحة...
حليم خاتون


