والإسلام قد يكون سنيّاً يوماً وقد يكون شيعيّاً يوماً آخر، وقد يكون الاثنين معاً، كما كانا في حقبة ما قبل الحرب، عندما توافق فؤاد شهاب وشارل حلو وكميل شمعون وبشارة الخوري على أنّ التعليم يجب أن يكون حكراً على المسيحيّين فقط.
منعوا إقامة جامعة وطنيّةقبل الخمسينيّات. في صلب العقيدة المؤسِّسة للكيان، هناك إسلاموفوبيا متجذّرة. لم يكن ممكناً تأسيس جمهوريّة تضع المسلمين في موقع دونيّ من دون اعتناق فكرة تفوّق المسيحيّين على المسلمين جينيّاً وثقافياً. وهناك بعض المسلمين الذين يستبطنون عقيدة تفوّق المسيحيّين على المسلمين (يقولون «هم متحضّرون أكثر منا»). أنا أحمل اسماً يوحي لبعض اللبنانيّين بأنّني مسيحي، وكنت حتى سنوات الجامعة ألتقي بمَن يظنّون أنّني مسيحي ويأخذون راحتهم في الحديث قبل أن يدركوا أنني من عائلة مسلمة. كم مرّة حدّقتُ في وجوه أصيبت بالذهول عندما أدركت أنّني من عائلة مسلمة. محطة تلفزيونيّة أذاعت خبراً أنّ خبزاً من فرن شيعي يُباع في كسروان. طبعاً، لأنّ الدعاية الخليجيّة جعلت من العداء للشيعة موقفاً مقبولاً يرتاح إليه حتى ليبراليّو العرب، فإنّ التعبير عن العداء للإسلام من خلال العداء للشيعة وإيران يجعل من الإسلاموفوبيا أقلّ نفوراً. باتت مقبولة. والحلفاء السُّنّة لفريق 14 آذار من أحزاب القيادات المارونيّة السياسيّة يضفون مشروعيّة إسلاميّة على الإسلاموفوبيا اللبنانيّة العريقة التي لم تفرّق يوماً بين سنّي وشيعي. وقيادات وقضاة وصحافيّون يتقيّأون الكراهية ضد الإسلام والمسلمين من دون أي حرج. زياد الرحباني كان أوّل من تطرّق بصراحة إلى رهاب «المحمودات» بين المسيحيّين. هذا جانب مسكوت عنه في الثقافة اللبنانيّة السائدة. جريدة «النهار» عنونت قبل الحرب أنّ أهل الضاحية يتوالدون كالفئران. جبران تويني وبيار الجميّل وغيرهما كثيرون تكلّموا عن النوعيّة والكميّة. دميانوس قطّار وغيره يميّزون بين مناطق تشبههم ومناطق لا تشبههم. هؤلاء من مدرسة الأبارتهايد الصهيوني أو الجنوب أفريقي الأبيض. اِحذروا يا أهل كسروان، خبز المسلمين يجتاح مناطقكم!