كتب الأستاذ حليم خاتون: جلسة بالشكل، مش بالمضمون
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: جلسة بالشكل، مش بالمضمون
30 أيلول 2022 , 14:43 م


وحدهم من يعيشون في عالم الأوهام توقعوا أن يخرج شيء عن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية يوم امس الخميس في لبنان...

وحدهم المنجمون زادت الحيرة عندهم بسبب عدم قدرة أي طرف في المجلس الوصول حتى إلى الخمسين زائدا واحد...

محور السعودية ومن ورائها أميركا الذي وقف وراء ميشال معوض، لم يدخل المعركة بشكل كامل لا في التمويل القادر على شراء نسبة لا بأس بها ممن لم يحددوا بعد السعر المالي الذي يريدون، ولا في الضغط والتهديد لنسبة أخرى لا بأس بها من النواب الذين أتوا باسم التغيير أو الإصلاح من الذين يرفعون شعارات لا تتجاوز لا الطائف ولا الدوحة...

بالتأكيد لا يريد هؤلاء الوصول إلى أية إصلاحات جذرية تحت وهم العودة إلى نفس الوضع ما قبل ١٧ تشرين طالما أن المال الذي سوف يأتي من الثروة البحرية قادر على إضافة عقد أو عقدين من السنين دون خوف من فساد أو محاسبة...

لقد أثبت الشعب اللبناني بجدارة أنه جزء لا يتجزأ من نفس منظومة الفساد القائمة...

بعض الفتات يكفي، كما يكفي رمي عظمة لكلب ينبح...

المحور المقابل أكثر من مفكك...

باستثناء الثنائي إلى حد ما مع أقل من بضعة نواب لا يزيدون على عدد الكف الواحد... يمكن القول إن الحديث عن ٨ آذار صار في ذمة التاريخ...

لا يمكن بأي حال من الأحوال وضع التيار العوني في نفس هذا المحور...

لذلك يمكن القول إن المحورين اللذين يتخاصمان في المنطقة يفتشان عن الانتهازيين الكثر في ما تبقى من نواب يمكن شراؤهم بالجملة أو بالمفرق دون خوف من سوء تفسير كلمة شراء لأن هذا هو لبنان... وزراء الرئيس لحود، ومن بعده، وزراء عون في حكومة ميقاتي خير دليل على هذا...

كما ان الديمقراطية في أمريكا، يحدد إطارها الدولار، كذلك الأمر في لبنان، لبعض النواب أسعار، قد لا تقدر عليها إلا دول...

هل يدفع حزب الله ثمن أغلاط الدوحة؟

لم يتوقف الحزب عن دفع الأثمان منذ أن قرر أن لا يقرر... منذ ان قرر أن لا يقف موقفاً حازما من أجل بناء مجتمع لبناني واحد بدلا عن إقطاعيات الطوائف التي سوف تؤدي بلبنان إلى ما أدت إليه إمارات الطوائف بالأندلس...

بدل أن يفرض الحزب مدنية الدولة التي تشكل الشرط الأساسي لقيام دولة في الدوحة، لم يدخل فقط في النظام الطائفي، بل جعل حتى في هذا الدخول كل همه المحافظة على التيار العوني في تقسيمات بيروت الإدارية، وقام بتعويم فؤاد السنيورة وكافأه بمقعد نيابي عبر فصل صيدا وجزين عن دائرة الجنوب بدل رميه في مزبلة التاريخ...

يتحدث البعض عن الدوحة وكأنها خطوة إصلاحية؛ الحقيقة هي أن الدوحة كانت خطوة إلى الأمام في تكريس الطائفية بدل نسف هذا النظام من الأساس...

لم يشهد التاريخ منتصرا يعطي مكاسب لأعدائه كما يفعل حزب الله...

يحرر الجنوب بالدم، ثم يعفو عن العملاء والمجرمين السفاحين القتلة ويسمح لبعضهم المشاركة في الحكم...

ينتصر في حرب تموز، ثم يهدي النصر إلى الجميع بمن فيهم جوقة عوكر...

يصفي الميليشيات العميلة في بيروت والجبل خلال أقل من ٧٢ ساعة، ثم يسلم قصر بعبدا لميشال سليمان...

ثم، ولكي تكتمل دائرة الاغلاط، يخرج على اللبنانيين بقانون انتخابي استنسابي في تقسيم الداوائر يجعل من المستحيل على القوى الحية في المجتمع أن تصل إلى الندوة البرلمانية، لأن التقسيمات الإدارية في هذا القانون عملت على عدم إمكانية الخرق محافظة على هذه الطبقة وعلى هذا النظام...

حتى الطائف كان أكثر تقدمية من الدوحة حين نص على الداوئر الكبرى وعلى وجوب الانتهاء من الطائفية السياسية...

لا المناصفة ولا المثالثة يمكن لها تأمين عدالة التمثيل...

عدالة التمثيل تقوم على المساوات الكاملة بين اللبنانيين في اختيار من يمثلهم، وليس المساوات بين الدكاكين الطائفية...

كيف يمكن لنائب فاز ببضعة اصوات أن يكون مساويا لنائب آخر فاز بآلاف الأصوات في تمثيل اللبنانيين؟

يقول البعض أن حزب الله يجاري المجتمع كي تتم الإصلاحات بسلاسة مع مرور الوقت ودون دماء...

المشكلة هي أننا لا نتقدم إلى الأمام، بل يتراجع النظام كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه...

مارك ضو الآتي من الشارع، يرفض أن يأتي تغيير الدستور من الشارع...

المؤسسات الدستورية التي يتحدث عنها نائب الصدفة هذا، هي المؤسسات العصية على كل إصلاح، والرافضة لأي بند ينهي البناء الطائفي الذي يشرذم الحركة الشعبية ويحافظ على تبعية الناس لزعيم الطائفة...

لقد نجحت المقاومة في ظرف زماني ومكاني بتحرير ثروة لبنان من الأسر... لكن هذا اتى لكي يطيل عمر الطبقة الحاكمة والنظام الفاسد...

لكن المؤكد هو أننا سوف نصاب بالخيبة ونعود ونقع في الإنهيار من جديد بعد بضع سنوات بعد أن تكون هذه الثروة قد ضاعت ونعود مرة أخرى إلى اسطوانة رياض سلامة آخر أو كل ما يتردد هذه الأيام...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري