كتب الأستاذ طارق ناصر ابو بسام: قمة الجزائر كل عام وانتم بخير
مقالات
كتب الأستاذ طارق ناصر ابو بسام: قمة الجزائر كل عام وانتم بخير
6 تشرين الثاني 2022 , 10:59 ص


في بداية هذا الشهر نوفمبر، وتحديدا في اليوم الأول والثاني منه، انعقدت القمة العربية في الجزائر، ولا شك ان هذه التواريخ لها دلالات خاصة وهامة.

فالأول من نوفمبر يذكرنا بتاريخ اندلاع ثورة الجزائر العظيمة، التي حررت كامل التراب الوطني الجزائري وحررت الانسان الجزائري وإعادة له حريته وكرامته.

اما الثاني من نوفمبر يذكرنا بتاريخ وعد بلفور المشؤوم بمنح وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو الوعد الذي اعطى بموجبه من لا يملك الارض لمن لا يستحقها. ومن يستحقها فقط هم اصحابها.

وفي البداية لا بد من توجيه تحية الاعتزاز والتقدير العالي لشعب الجزائر، وحكومة الجزائر، ورئيس الجزائر السيد عبد المجيد تبون، وتوجيه الشكر لهم على ما بذلوه من جهود كبيرة وشاقة منذ اكثر من عام من اجل انجاح هذه القمة والوصول بها إلى شاطيء السلامة والنجاح.

كما لا ننسى جهودهم الكبيرة في لم الشمل الفلسطيني والتي تكللت بصدور اعلان الجزائر، وهذا ليس غريبا عن الجزائر التي لعبت دورا كبيرا في تحقيق المصالحة والوحدة الفلسطينية من خلال اتفاق عدن الجزائر والتي تكللت بالمجلس التوحيدي عم ١٩٨٧.

لقد جاء انعقاد هذه القمة بعد فترة طويلة من الإنقطاع لأسباب متعددة، اهمها جائحة كورونا والخلافات بين الدول العربية في ملفات كثيرة اهمها:

الملف السوري

الملف اليمني

الملف الليبي

هذه الملفات التى لا زالت عالقة منذ سنوات طويلة، ولم تنجح كل الجهود من المخلصين لمعالجتها حتى الآن. وبذلت الجزائر جهودا كبيرة جدا من اجل حلها، ادراكا منها ان المطلوب هو نجاح القمة وليس انعقادها، ورغم نجاح الدبلوماسية الجزائرية، والجزائر بما لها من ثقل، من معالجة بعض الملفات إلا أن ملفات كثيرة بقيت مستعصية، كما هو الحال في ملفات

سوريا، اليمن وليبيا. هذه الملفات التى تحتاج معالجتها الى قمم عربية وجهود كبيرة من جميع الدول العربية وليس الجزائر فقط، كونها من يستضيف القمة حيث تقع المسؤولية على الجميع خاصة الدول الفاعلة.

وقد جاء انعقاد هذه القمة ايضا في ظل ظروف غاية في الدقة والصعوبة، وحملت معها الكثير من المتغيرات عربيا ودوليا

جاءت في ظل التطبيع الذي قامت به بعض الدول العربية مع دولة الكيان، ولا زال يلقى بظلاله على الاوضاع العربية برمتها.

وفي ظل اندلاع الحرب في اوكرانيا بين روسيا وحلف الناتو... هذه الحرب التى تتواصل منذ ٨ أشهر وتستعر ويبدو ان احتمالات توقفها ما زالت بعيدة. وسيكون لها انعكاساتها على مستوى العالم ككل.

اما الان وبعد انعقاد هذه القمة والتى شكك الكثيرون في امكانية انعقادها، لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة، من نوع هل نجحت الجزائر ام فشلت في عقد هذه القمة

والجواب

ان الجزائر بذلت كل ما تستطيع يكفيها شرف المحاولة، حيث استطاعت ان تجمع القادة العرب في قمة لم يتغيب عنها احد ولم تقاطعها اية دولة كما كان يحصل في السابق، رغم عدم مشاركة بعض الزعماء.

اما نجاح القمة او فشلها، فالمسؤولية هنا لا تتحملها الجزائر، بل تقع على عاتق الجميع.

ان مقياس فشل او نجاح قمة الجزائر يستند أساساً الى الاهداف المرجوة منها وقد حددتها الجزائر تحت عنوان لم الشمل، هذا العنوان الكبير الفضفاض، يفسره كلٌ على هواه.

ونستطيع القول هنا ان الجزائر نجحت في لم الشمل حيث حضر الجميع، ولكنها فشلت في عملية اعادة اللحمة للتضامن العربي حيث بقيت الكثير من نقاط الخلاف عالقة ولم تنجح القمة في معالجتها والا كيف نفهم غياب سوريا عن هذه القمة وهي العضو المؤسس والاكثر فعالية سوى ان الامور لم تنضج بعد لمعالجة هذه القضية.

استطيع القول ان القمة نجحت في الشكل حيث جمعت العرب ولكنها فشلت في المضمون

كون قمة تغيب عنها سوريا، ولا تقوم بوقف الحرب العدوانية على اليمن، ولا تنجح في مصالحة في ليبيا، ولا تناقش عملية التطبيع التي قامت بها الامارات والمغرب والبحرين والسودان، وتتخذ موقفا منها، ولا تذكر في بيانها الختامي كلمة واحدة عن ذلك، ولا حتى عن وعد بلفور المشؤوم الذي اختتمت بتاريخه هذه القمة... قمة كهذه، لا يمكن ان تكون قد نجحت وهنا مرة اخرى اؤوكد ان المسؤولية لا تقع على الجزائر.

لم نكن نتوقع شيئا جديدا من هذه القمة، فهي كغيرها من القمم العربية التى سبقتها. ومن المعروف ان جماهيرنا العربية لم تعد تثق بهذه القمم ولم بعد لديها رغبة في متابعتها او قراءة بيانها الختامي والقرارات الصادرة عنها، واصبحت تدرك ان هذه القمة لن ينتج عنها سوى اشادة هنا ومطالبة هناك ودعوة هنا وتأكيد هناك

واستنكار هنا وادانة هناك، بالتاكيد ليس هذا هو المطلوب من القمة العربية القمة العربية، مطلوب منها ممارسات لا بيانات، مطلوب منها وضع البرامج التي تلبي طموحات المواطن العربي وصياغة مشروع خاص بنا كعرب من اجل نهضة الامة، والتوقف عن ادانة الاخرين، كونهم يحملون مشروعا لخدمة وطنهم.

السؤال هو اين هو دورنا واين هو مشروعنا.

لقد قامت الجامعة العربية قبل تأسيس الاتحاد الاوروبي، وبعد كل هذه السنوات اين هم واين نحن الآن!!!

وماهي المسافات التى تفصل بيننا في التقدم والازدهار والتطور!!! والوحدة...الخ ومن المسؤول عن ذلك.

اقولها بصراحة انتم المسؤولون ايها القادة عن هذه الاوضاع التي لن تتغير حتى تغيروا ما بانفسكم

والى قمة قادمة وبيان ختامي جديد واعلان اخر يصدر عن القمة.

وكل قمة وشعبنا بخير

طارق ناصر ابو بسام

براغ بتاريخ ٦/١١/٢٠٢٢ 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري