عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
أعلن العدو الصهيوني بأنه بدأ أعمال الحفر بمشروع قناة بن غوريون. وهذا المشروع هو بديل عن قناة السويس، ولكن بإتجاهين بنفس الوقت مع لحاظ زيادة العرض والعمق لتبحر فيها أضخم السفن وناقلات النفط في العالم.
ولا بد من الإشارة إلى أن الحركة الصهيونية العالمية تفكر وتخطط لعدة أجيال للحفاظ على وجودها وتأمين موارد دخل إضافية لتحافظ على رأسمالها الذي يتحكم بمصير العالم ولإستثماره.
فالحديث عن البدء بمشروع شق قناة بن غوريون لربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر؛ يعني أن هناك أموال لا يمكن تخيّل عدد أصفارها قد تم إستثمارها مع غياب كامل للمعلومات حول المستثمرين وجنسياتهم. كما يؤكد بأن المشروع قد أُقِّرَ وتجاوز دراسة الجدوى وإزالة العقبات وخصوصًا الأمن في باب المندب وفي جزيرتي تيران وصنافير. ويبدو أنه قد تم تكليف السعودية بتنفيذ الأمر بإحتلال اليمن ونقل الجزيرتين لسيادتها وذلك لمكانتها ولوجود تشابه بين الحركة الصهيونية والحركة الوهابية بالرغم من إنطباق صفة "الغوييم" على السعوديين .
قد يستغرب البعض وجود هكذا ترابط؛ لذا لا بد من شرح موجز جدًا حول الفكرين:-
1- فالتعاليم التوراتية عنصرية بإمتياز ولا مثيل لها في العالم؛ فإنهم ينظرون نظرة إحتقار ودونية وحتى تكفيرية لكل من هو غير يهودي ويدعونهم "غوييم". فهم يعتبرون أنفسهم "شعب الله المختار"، وبالتالي لا يوجد شريك أو حليف للصهاينة لأنهم يعتبرون غيرهم مسخرين لخدمتهم. وبعض التعاليم تكفِّر "الغوييم" وتمنع الزواج منهم وتأمر بطردهم من أراضيهم.
2- وأما الوهابية فهي حركة عنصرية تكفيرية؛ فتعتبر حسب محمد بن عبد الوهاب : "مَن دَخَل في دَعوتِنا فلَهُ مَا لنَا وعلَيه ما علَينا ومَن لم يَدخُل فهو كافرٌ مُباحُ الدّم".
والتاريخ يذكر أن إرتكاب المجازر بدم بارد يجمع بين الصهيونية والوهابية:-
أ- فعصابات الصهاينة ارتكبوا المجازر في فلسطين حين إحتلالها ولا يزالون حتى اليوم وقد وثّق مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (مقره بيروت)، عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الفترة بين 1937 و1948، بحيث زادت عن 75 مجزرة، إرتقى إثرها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني، فضلًا عن إصابة الآلاف بجراح بليغة.
ب- وأما الوهابية ومنذ حوالي قرن وتحديدِا في بداية العام 1342 هجرية الموافق 1923 ميلادي، نفذوا بأيدي الجنود السعوديين مجزرة مروعة بحق آلاف الحجاج اليمنيين. وعُرفت لاحقا باسم «مجزرة تنومه». وتنومه بلدة في عسير وتحدث عنها المؤرخ القاضي عبد الكريم مطهر رحمه الله. فهاجم الجنود بأسلحتهم الحجيج وقتلوهم دون رحمة بعد أن أخذوا الأمان من حاكم عسير. وقد قتل أكثر من 2900 حاج في مجزرة واحدة. ولا يزال الجنود السعوديون ومرتزقتهم يرتكبون المجازر في اليمن دون مخافة من الله سبحانه وتعالى.
وقد عمد قادة الصهاينة وعملائهم إلى إختراع وَهْمٍ وسراب إغلاق باب المندب ليبرروا إحتلال اليمن بذريعة دعم الشرعية. وأما الهدف الرئيس فهو إحتلال مضيق باب المندب وتحديدًا جزيرة ميون للحفاظ على حرية الملاحة الدولية في مضيق باب المندب بناءً على الأوامر الصهيونية وقد تعهدت الإمارات وبالتنسيق مع السعودية هذه المهمة.
وقد تم التمهيد للترويج عن خطورة الوضع في باب المندب عبر الصحافة وكأن العالم قد كلف السعودية والكيان الغاصب بحمايته، متناسين أن مضيق باب المندب يقع تحت السيادة اليمنية ومهمة اليمن فقط الحفاظ على حرية الملاحة الدولية فيه طالما إحترموا سيادة اليمن ولم يعتدوا عليه:-
1- فبتاريخ 05 شباط/فبراير 2015
أكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش أن مصر لن تقبل بإغلاق مضيق باب المندب في اليمن، بأي حال من الأحوال، وسوف تتدخل عسكرياً إذا تم ذلك.
وقال مميش، في تصريحات صحفية، إن هناك قوة عسكرية جاهزة للتدخل إذا حاولت الجماعات المتطرفة في اليمن إغلاق المضيق، مضيفا أن إغلاق الممر المائي يؤثر بشكل مباشر على قناة السويس، وعلى الأمن الوطني لمصر.
2- وبتاريخ 7 آذار/مارس 2015
جريدة الأخبار/ محمد بدير
أبلغت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أخيراً كل شركات السفن الإسرائيلية بالتعامل مع سواحل اليمن بوصفها سواحل دولة معادية، ما يفرض عليها اتخاذ إجراءات متشددة على مستوى الحماية والتأهب عند عبورها مضيق باب المندب.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن ثمة خشية سائدة داخل المؤسسة الأمنية في إسرائيل «من أن يحاول الإيرانيون الذين سيطروا على أجزاء واسعة من اليمن، إغلاق المضيق أو التعرض للسفن الإسرائيلية بواسطة صواريخ تطلق من الساحل».
ويمثّل مضيق باب المندب مساراً بحرياً رئيسياً بالنسبة إلى الأسطول التجاري الإسرائيلي، إذ يعد بوابة الدخول إلى البحر الأحمر، الذي يمثل معبراً حيوياً للسفن في طريقها من الشرق الأقصى إلى «ميناء إيلات» أو قناة السويس.
3- وفي 23 آذار/ مارس 2015
(وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب)
بات مضيق باب المندب الاستراتيجي بين خليج عدن والبحر الاحمر حيث يمر قسم لا يستهان به من الملاحة الدولية، بمتناول المسلحين الحوثيين الذين يتقدمون في جنوب غرب اليمن.
يقع المضيق الذي يفصل الجزيرة العربية عن افريقيا قرب مدينة تعز التي سيطر الحوثيون الاحد على مطارها ويسعون الى السيطرة عليها بشكل كامل.
ويكفي بالنسبة للحوثيين ان يتقدموا قليلا نحو الغرب ليصبحوا على الساحل المطل على المضيق
كانت تلك الأخبار مقدمة لتعبئة الرأي المحلي والدولي وعدم المعارضة أو الإعتراض على إتخاذ أي إجراء ضد اليمن.
فقادت السعودية والإمارات العدوان الكوني الغادر على العام في الساعة الثانية صباحاً بتوقيت السعودية من يوم الخميس 6 جمادى الثاني 1436هـ - 26 آذار/مارس 2015 لتحقيق أكبر عدد من الشهداء والجرحى. فقد قامت "القوات الجوية السعودية والإماراتية" بقصف جوي كثيف على صنعاء دون تمييز بين الأهداف العسكرية والأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات ودور الأيتام والبنى التحتية فطال التدمير كل شيء وفرضت حصارًا جائرًا على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية. وتعتبر هذه الأعمال حسب القوانين الدولية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد تذرعت القيادة السعودية الإماراتية المشتركة بأن العدوان جاء لدعم الشرعية في اليمن متناسين بأن هادي قد انتهت مدة ولايته وبات منتحل صفة رئيس جمهورية لأنه تم التوافق على إنتخابه لمدة عامين فقط.
وسرعان ما احتلت القوات الإماراتية معظم الموانئ اليمنية على البحر الأحمر وخليج عدن وجزيرة ميون ( داخل) باب المندب التي باتت اليوم ثكنة عسكرية؛ وتم بناء مطار حربي داخلها. ويتم حاليًا تغيير ديموغرافي من خلال تهجير سكانها تمهيدًا لإحضار المرتزقة لضمان ولائهم.
وبعد إحتلال باب المندب تكثفت الضغوطات على مصر لنقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية؛ وبذلك ستتحول المياه في جزيرتي تيران وصنافير من مياه إقليمية تخضع للسيادة المصرية إلى مياه دولية تخضع لقانون البحار.
وهناك لغز محيِّر لم تتم فك شيفرته حتى اليوم ويتمثل بسهولة تخلي الرئيس السيسي عن سيادة مصر على الجزيرتين. فأي سر أو فضيحة تم تهديد السيسي بها؟
وفي المحصلة أقر البرلمان المصري، يوم الأربعاء 14 حزیران/يونيو 2016 ، اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية والتي تتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة للمملكة.
وبناءً عليه فإن العدوان على اليمن كان إنصياعًا وإذعانًا للعدو الصهيوني وبالتنسيق المسبق الكامل معه لنجاح مشروع حفر قناة بن غوريون في فلسطين المحتلة.
وإن غدًا لناظره قريب
11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022