مقالات
"انتخاباتُ الرئاسة اللبنانية تسكب الماء البارد على الرؤوس الحاميةِ، لتَبرُد". إنها أيام لتزامِ الصمتِ واتِّباعِ التَقِيَّةِ السياسيةِ وبَلعِ الألسُن.
د. إسماعيل النجار
16 تشرين الثاني 2022 , 17:34 م


هذه أسابيعُ المسايرَةِ والوعودِ وتدويرِ الزوايا رَغمَ ارتِفاعِ حِدَّةِ المواجهةِ وسقفِ الخطابِ السياسيّ.

العينُ على كرسيٍّ من خشب ولكنه يدرُّ ذهباً، في القصر الجمهوري في بعبدا، كُل مَن صَلَّبَ بالخَمسة يتمناهُ وعينهُ عليه.

مُزاحمةٌ مارونيةٌ على ماءٍ عَذب،في بِركةساحة القصر الرئاسيّ الخالي حالياً، من الضجيج والحجيج.

أربعة زوايا يقف عليها التيار الوطنيُّ الحُرُّ، وحزبُ القُوَّات اللبنانية، وحزبُ الكتائب، وتيارُ المَردَة، وبينهم يقفُ في وسطِ ساحةِ الصراعِ السياسيِّ، على كرسيِّ الرئاسةِ، أشخاصٌ من بيوتاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ وأكاديميونَ متواضعون، تفصلُ بين الزوايا الأربعة صحارىٍ شاسعةٌ يصعُب قطعها، نحو نقاطِ التقاء،

بينما تقف بكركي على رأس الجبل الماروني تُراقِبُ الجميعَ بحذَرٍ،وتستمع لكُلِّ مايُقالُ بِانتباهٍ شديد، وتُجري مشاوراتٍ واتصالاتٍ بعيدَةً عن الأضواءِ وبهدوء، مُخبِّئَةً رأيَها بمرشحها الذي تتمناه ليكون مفاجأة الموسم، بعدما ينجلي غبارُ المبارزة الشديدة على الساحة الدولية، وتجري الرياح كما تشتهي سُفن البطريَرك الراعي، ليقولَ كلمتَه،بعدما انخفضت نبرَةُصوتهِ الحادّة تجاهَ حزبِ الله، وبدأت ابتساماته، لحارة حريك جَلِيَةً، بالرغم من بعض الردود على خطاب السيد نصرالله التي يتم تجاوزها في الضاحية الجنوبية لبيروت،ببرودة أعصاب من قِبَل القَيِّمين عليها.

إذاً هيَ معركةُ الرئاسة الأولىَ المسيحيةِ بإمتياز، الَّتي يمتلكُ مفاتيحَها الثنائي الشيعي،إذ من دونهُ ستبقى أبوابُ قصرِ بعبدا مقفلة.

في لبنانَ، ومُنذُ أنْ فرضتِ المقاومةُ نفسَها وهيبتها أصبَحَ واضحاً للجميع أن طريق قصر بعبدا مُعبَّدةٌ للذين يحملون راية المقاومة، وغيرُ ذلك تصبح طريقَ ذاتِ الشوكةِ،ودرباً وَعِرَةً جداً.

ومنذالعام1992لغايةاليوم لم يدخل قصرَ بعبدا رئيسٌ شيعي، ويخرج بعد ست سنوات مارونياً، إلَّا ميشال سليمان؛ ونتمنى أن لا تتكرر التجربةولن يُلدَغ حزب الله مرتين.

الأميركيون يبشروننا بِأنّهم سيُضيِّقونَ الخِناقَ علينا، وبِانفجارٍ أمنيٍّ كبيرٍ يُحضِّرونهُ لِلُبنان،

والأفرقاءُ السياسيون الموالونَ لواشنطن، لايهمهم أن يَموتَ الشعبُ، ولا إن أظلمتِ الدنيا، وما يهمهم هو أموالهم التي نهبوها، ووَعدوا، مقابلها، بتجريدِ المقاومةِ مِنْ سلاحها.

البلاد في الهاوية، والشعب يستغيثُ ولا مِنْ مُغيث، وحالاتُ الِانتحارِ تزداد، والسلطةُ السياسيةُ تُريدُ البقاءَفي سُدّة الحكم،رَغماً عن أنفِ الناس، وانتقل الصراعُ إلى ساحةِ القضاء، حيثُ بدأَوا بمحاكمة كُلِّ قاضٍ يريد محاكمة اللصوص! والفراغُ سيدُ الموقف، ونارُ الغلاءِ تكوي الفقراء، والدولارُ يتهيَّأُ للتحليقِ مُجَدّداً،

وحاكمُ مصرفِ لبنانَ يرفضُ المثولَ أمامَ مجلسِ النواب، ولا أحد يردعه!

مجنونٌ مَن يعتقدُ أنّ انْتِخابَ رئيسٍ هوَ الحل!

مجنونٌ مَنْ يؤمنُ بأنَّ حامِلَ المِعوَلِ بَنَّاء!

مجنونٌ مَن يؤمنُ بأنّ مَن نهبونا هم رجالُ إصلاح،

لبنانُ في ذمَّةِ الله؛ والبقاءُ للَّه.