تنشغل القوى السياسية بالِانتخابات الرئاسية، وتشغل معها بعض الإقليم وبعض العالم، بشأن محلِّيٍّ سياديٍّ، ونادراً ما يَحْصُلُ مثلُ هذا،في بلد من العالم غير لُبنان.
ولو تواضعت هذه القوى، لَأُنْجِزَ انتخابُ رئيسِ الجمهوريةِ، قبل الوصول إلى الاستحقاق،أو على الأقل عند وصول هذا الاستحقاق،خصوصاً وأنّ حاجةَ لبنان واللبنانيين إلى نهوضٍ ماليٍّ واقتصاديٍّ، في ظل أسوأ مستوىً معيشي وصل إليه بلدُنا، بفضلِ أداءِ هذه الطبقة السياسيةالحاكمة، والمُتحكمة بمفاصله، وما هو حاصل في انتخاب الرئيس،هو أشبه بالرّقْصِ فوق جسدٍ مَيِّتٍ، هو نحنُ الشعبَ اللُّبناني.
عندما تبنَّى حزبُ الله، وهو ناخبٌ رئيسيٌّ للرئاسة، مع حلفائه،في الدورة السابقة، العماد ميشال عون،وتقاطع مع قِوىً أُخرى في عملية الِانتخاب، كان يرى في أدائه ومواقفه،إذا صحّ التّعبير، مواقف سنديانية، بمعنى أنّ الرّئيس الجنرال عون لا يُمكنُ أن تهُزَّهُ الرياحُ والعواصف، وهو كان ممثلاً لأكبرِ كتلةٍ نيابية، هي الأكثر تمثيلاً في طائفة الرئاسة، ورئيسَ تيارٍ سياسيٍّ كبيرٍ في الساحةِ السياسيةِ اللبنانية، غلب على تسميته التيار العوني.
أما الآن، فلم يَعُدِ الأمرُ بهذا الحجم، إذْ حوّلتِ تحرُّكاتُ رئيس التيار الأخيرةُ، هذه السنديانةَ إلى صفصافةٍ تشمخُ عالياً، لكنّها، لا ثمر فيها، وسرعان ما يتساقط ورقها،عند قدوم الخريف. فهل يتدارك رئيس هذا التيار وضعه، ويحافظ على تماسك تياره، وكذلك على تماسك تفاهمه مع حليفه القوي، الذي لم يَبْقَ له سواه في لبنان؟
إنّ المُحافظة على هذا التماسُك، هو عاملُ قوةٍ للبنانَ، ولصيغةِ العيشِ المشتركِ فيه بين طوائفه؛
خصوصاً وأنّ الشعبَ اللبنانيَّ يصرُخُ، وليسَ لَدَيْهِ ترف الوقت، يريد استقراراً، بتشكيل حكومةٍ تعالج مشاكلَهُ الحياتيةَ الصعبةَ، وتستخرجُ ثرواتِه النفطيةَ وتعيدُهُ بلداً سياحياً مُزدهراً بمُحاربة الفساد المستشري وتحسين قضائه وإطلاقِ يده للمحاسبة، وتحافظ على عنصر القوّةِ فيه، الذي يحمي لبنان من أطماع الكيان الصهيوني، وعُدوانيته؛ حكومة تعالج موضوع إعادة الأخوة السوريين إلى بلدهم بكرامةٍ وإنسانية، فهل من مستجيب؟