مع تجدد مأساة سيول جدة العقاب للمصلحين والمكافأة للمستهترين بأرواح المواطنين\ جمانة الصانع
مقالات
مع تجدد مأساة سيول جدة العقاب للمصلحين والمكافأة للمستهترين بأرواح المواطنين\ جمانة الصانع
جمانة الصانع
28 تشرين الثاني 2022 , 14:03 م


مجددا في جدة ومصائبها المتكررة، ذات المأساة منذ عقود في مرعى صباي التي غادرتها كرها وحسبي الله ونعم الوكيل، أتواصل مع بعض الأقارب والأصدقاء ولا أصدق ما اسمع، استهتار بحياة الانسان الى أبعد الحدود، وعود باصلاح البنية التحتية من دون تنفيذ، كل سنة تتجدد الوعود بانشاء شبكات تتحمل تصريف الأمطار لكن عند عمك طحنا كما يقولون، بلا تنفيذ ولا متابعة، رغم هذه الأرواح التي تزهق والممتلكات التي تدمر.

يتجدد جرح وكارثة عام 2009، عندما اجتاحت السيول المدينة وأدت إلى مصرع 150 شخصًا وأكثر من 400 اعتبروا في عداد المفقودين بحسب احصاءات الحكومة نفسها، وتسببت كما حصل أمس بجرف مئات السيارات وألحقت أضرار كبيرة بعشرات من المنازل في المحافظة الواقعة في غرب الجزيرة العربية، حتى الآن لم تتضح اعداد الضحايا ويبدو أننا سنصدم بالأعداد مع التكتم الحكومي حاليا وانشغال الجميع بكأس العالم!! لكن الفيديوهات التي تصل تظهر تدفق السيول إثر أمطار غزيرة شهدتها الأحياء السكنية مثل حي النزهة وحي الزهراء وحجم الدمار الهائل الذي طال سيارات وممتلكات المواطنين، إذ غطت مياه الأمطار البعض منها وجرفت البعض الآخر. وعلت صرخات المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطالب بالانقاذ السريع محاولين تجاوز الرعب من المطالبة ولو بأبسط الحقوق!!

وواضح أن الحكومة بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، لم تحاسب المقصرين في السنوات الماضية، ومحافظ جدة باعتباره من العائلة المالكة المسلطة على الناس (من رب العباد) كما يقول مشايخ الجامية!! يبقي في منصبه ولن يحاسبه احد، ومثله امير مكة وكما يعلم الجميع فستجير التهم ضد صغار الموظفين، كما يفعلون دائما!

بالأمس يزعم محافظ جدة الامير سعود بن جلوى أن الامطار هذه السنة بلغت ١٧٩ ملم بينما يقول خبراء بالارصاد انها لم تتحاوز ٩٠ملم، هكذا يفعلون حتى فشلهم يريدون نسبته للطبيعة والأقدار، وفوق ذلك فالحكومة والقصر الملكي لم يقدما حتى بيان اعتذار أو مواساة للأهالي، او تطييب لأهالي الضحايا والخاسرين من خلال وعدهم على الأقل بمحاسبة المقصرين.

سيول جدة هي نموذج صغير يتسبب به الفساد المستشري في جسد هذا البلد الذي واضح أن ابن سلمان يأخذه رويدا رويدا نحو الهاوية، ومن اهم الاسباب لهذا السقوط على كل الاصعدة هو عدم وجود دور للشعب في انتخاب مسؤوليه من اهل الكفاءة والريادة، وأتساءل ومعي كل عاقل: كيف يعد ابن سلمان بانشاء نيوم في حين تعاني جدة كل هذا؟ فهي تغرق من فساد الحاكمين قبل غرقها بالمياه، وهذا الاهمال لارواح المواطنين يتجلى اذا عرفنا أن قصور ال سعود لم تصب باذى فقط أحياء المسعودين، وأظن أننا سنستمر في الغرق على مستوى البنى التحتية وكذلك شبابنا وبناتنا باتوا يسقطون اخلاقيا يوما بعد يوم حتى صرنا نجد كروبات في وسائل التواصل الاجتماعي للمثليين جنسيا وعبدة الشياطين من السعوديين للاسف الشديد، واذا لم توجد صيغة لمحاسبة فريق محمد بن سلمان فستزداد الامور سوء على ما يبدو.

ودعوني أضرب مثالا صغيرا: الا يحقق للمواطنين في (السعودية) أن يتساءلوا عن نتائج لجنة مكافحة الفساد العليا التي تأسست بأمر ملكي عام 2019، برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان، والتي نصَّت على إعادة التحقيق في ملف فساد كارثة سيول جدة بأثر رجعي؟ وبدل أن تتم محاربة الفاسدين والقبض عليهم وسَوقهم إلى المحاكم ومن ثمَّ إلى الزنازين، يتم التكتم على جرائمهم واختلاساتهم وربما تكريمهم وترقيتهم إلى مناصب أعلى، وفي المقابل يُسجَن ويُعاقَب منتقديهم والمطالبين بمحاكمتهم، لا يمر يوم إلا وتخرج إلى العلن فضيحة فساد مدوية مالية أو اخلاقية وغير ذلك يشيب لها الرأس، لكن القضية إما أنها تندثر بكامل تفاصيلها – مع سبق الإصرار والترصّد – كما حصل مع فضيحة نهب ترليون ريال من خزينة الدولة مؤخرا، أو أن الفاعلين يبقون مجهولين وتُنسى الجريمة مع تقادم الأيام، وقد يحصل أن يتم تكريمهم وترقيتهم وهذا ما حصل مع عادل فقيه أمين محافظة جدة السابق. إذ بدل أن يُعاقَب (فقيه) على كارثة سيول جدة في 2009 والكل أجمع وقتها على أن الفساد والفشل وسوء التخطيط والإدارة؛ هو المسبب الأول لها، إلا أن المواطنين تفاجأوا بصدور أمر بتعيينه وزيراً للعمل بعد أشهر قليلة من وقوع الكارثة، وكم من فاسدٍ ومقصّرٍ غيره تمت ترقيته إلى مناصب أعلى بعد اكتشاف فساده وتقصيره، وهذا الأمر أقل ما يمكن أن يُقال عنه: “تحدٍ للوطن والمواطن”. وتشف بالعباد وتدمير للبلاد.

*ناشطة حجازية

[email protected] 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري