اللبنانيون: تنويم مغناطيسي للانتحار الذاتي
مقالات
اللبنانيون: تنويم مغناطيسي للانتحار الذاتي
30 تشرين الثاني 2022 , 08:33 ص

اللبنانيون: تنويم مغناطيسي للانتحار الذاتي 


لا يحق للبنانيين لوم أحد على ما يحصل لهم...

لم ترسل اميركا الأساطيل لفرض الحصار...

اللبنانيون شعب مطيع جداً...

هم يحاصرون انفسهم بأنفسهم...

ينفذون ما يطلب منهم بكل تهذيب...

حتى لو قالت لهم السفيرة الأميركية أن يقفزوا من الجو دون مظلات، لن يتأخروا في ذلك...

لا تقتصر هذه الخاصية على الطبقة الحاكمة...

كلنا سواسية في نهج الخنوع والذل...

شعب ملعون، وسلطة ألعن...

لا وجود للكهرباء!!!...

ممنوع شراء الكهرباء من سوريا أو من الاردن عبر سوريا... يريد الاميركيون أن نشتري الكهرباء من العدو الصهيوني فقط لأن لا حدود للبنان إلا مع سوريا ومع فلسطين المحتلة...

لا مال عندنا لشراء القمح أو الفيول...

ممنوع علينا قبول القمح والفيول من روسيا أو من إيران... حتى لو كان هبة مجانية...

اميركا تشير علينا بالاصبع أن هذا ممنوع، ونحن "مثل الشاطرين"، نطيع كما العبيد، ومعنا أصحاب السيادةوالسعادة والنيافة...

لا مال عندنا لشراء الدواء...

حتى الجينيريك الذي تبيعه إيران وسوريا بارخص الأثمان؛ ممنوع علينا شراءه...

وعندما يتم تهريب تلك الأدوية في البر ودون احترام شروط الحرارة والرطوبة والنقل الآمن، تفقد هذه الأدوية الفعالية، وتكثر الشائعات عن عدم مطابقتها النوعية...

يجري كل هذا ضمن خطة أميركية واضحة ينفذها اللبنانيون بأيديهم...

"القط يحب خنّاقه"، يقول المثل الدارج عندنا، ونحن نعشق الأرض التي تمشي عليها اميركا...

في الجرائد والمجلات، وعلى الشاشات، يتحدث الجميع عن الإنهيار وقرب الارتطام بالقعر...

كوميديا سوداء حيث الإعلام المرئي والمقروء، "راكبيته" قرود اميركا والغرب...

ينظر المرء إلى الناس المجتمعين على أبواب المصارف... مجتمعون كما الخراف كي يحصلوا على ما يساعد على العيش بالحد ما دون الأدنى ولا يخرج من بينهم إلا بضع قليل إلى حد الندرة، يطالبون بالحقوق...

هل من الممكن الخروج من الازمة؟

طالما الآدمي في هذا البلد إما أزعر وإما أخو الأزعر أو حليفه، وطالما شعب لبنان العظيم آكل خرى ومسطل على الريحة...

لا حلول...

يتمنى المرء أن يرى حزب الله يحاول، على الأقل، ان يحاول... لكن المرأة التي لا رحم عندها لا يمكن أن تعطي أطفالاً...

كذلك حزب الله...

"شغلته وشغله" الترقيع والرتي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا...

طبعا، هناك حلول، لكن ليس بسلوك طريق النائب حسن فضل الله...

"اللي بدّو يجيب ولاد، بدو ينام مع مرته"...

هذه الطريق تؤدي فقط إلى "فش خلق" الحزب العاجز عن الفعل...

الحل لا يمكن أن يكون من داخل هذا النظام...

كل الإدارات في البلد "فارطة"...

رؤساء يتسكعون هنا وهناك، وآخرون يستجدون اللقمة لسرقتها، بدل وضع المشاريع التي وحدها يمكن ان تبني وطن...

وزراء يعملون كما "البنشرجي"... يفتشون عن الثقب لإصلاحه... لكنهم كلما أغلقوا ثقبا، اكتشفوا عشرات الثقوب غيره...

النواب، حدًث ولا حرج...

شهود زور... حضور ما لا يلزم...

أكثر المضحك المبكي هم كتلة ما يسمى التغييريون الذين سرعان ما دخلوا في لعبة النظام...

ما يجمعهم أقل بكثير مما يفرقهم...

معظمهم لا يفقه ألف باء السياسة وأصول الحكم...

كلهم تقريبا يراهن على إصلاحات من داخل النظام...

الشيوعي بينهم، يميني ليبيرالي...

واليميني لا فرق بينه وبين أي نائب من الكتائب أو القوات...

من المؤكد أن الطبقة الحاكمة التي نهبت البلد وهربت الأموال الى الغرب أو إلى الجنات الضريبية، بمن في ذلك نواب كتلة التغيير، لن تخالف أوامر اصغر موظف في الإدارة الأميركية حتى لو كان من الدرجة العاشرة، لأن كل ما نهب موجود تحت سلطة هذه الإدارة...

يستوي في هذا الأمر جماعة ١٤ آذار، كما جماعة ٨...

إذا كانت الوان نجيب ميقاتي هي الاكثر لمعاناً في هذا الأمر، وإذا كانت التسريبات أظهرت وجود حسابات لفؤاد السنيورة في الجزر البريطانية العذراء، فإن عذرية الكثيرين من المتلطين خلف شعارات الممانعة مشكوك في أمرهم إلى درجة الفضيحة...

المضحك المبكي أن بعض اكبر اركان الفساد في لبنان، يضعون أنفسهم خارج اصطفاف ٨ و ١٤ هربا من هذه الفضيحة، فإذا فضائحهم أكبر من رأس جبل الجليد الذي يراه كل اللبنانيين...

يتهم ميشال عون شعار "كلهن يعني كلهن" تحت ذريعة أن هذا يهدف إلى التعمية على الفاسدين الحقيقيين متناسيا أن "الشمس طالعة، والناس قاشعة"...

إذا كان اساس ثروة نجيب ميقاتي هو فساد منتشر في لبنان وفي دول كثيرة من طينة هذا البلد، فإن عبقرية عون وجماعته استطاعت كنس كل ما تبقى على قلته في هذا البلد، وزاد هؤلاء في عمليات مصادرة لكل ما يمكن أن يظهر من ثروات مستقبلية باسم ميثاق العيش المشترك الذي صار نهبا يوميا مشتركا متواصلا لكل اللبنانيين...

يخرج سيزار ابو خليل برسالة مبطنة إلى حزب الله، بأن تجاوز المسيحيين ممنوع... والمقصود بالمسيحيين هم حصرا جماعة عون وجماعة جعجع!!!...

هذه هي نظرية ميشال عون في الميثاقية...

وسط كل هؤلاء يقف حزب الله راعياً ومسهلا لعملية النهب باسم احترام الميثاق، ومنع الفتنة...

اللصوص في لبنان لا يثيرون بلبلة طالما النهب قائم على أساس ٦ و ٦ مكرر...

المناصفة في كل شيء؛ وكل شيء عند الطبقة الحاكمة حتى لو سمى بعضهم نفسه معارضة؛ كل شيء ليس سوى نهبا للاخضر واليابس، باسم الله وباسم الروح القدس...

يعيب البعض على المرء ذكر الدكتور شربل نحاس لأن هذا الرجل ارتكب معصية...

الدكتور شربل، رغم علمانيته الباهرة، وقع في المحظور حين ردد بعض ترهات الشارع الطائفي...

المسألة لا تنتهي باعتذار كما تصور الدكتور...

المسألة هي أن على الدكتور شربل إدانة نهج تفكير عنصري يسيطر على أذهان جزء كبير من الانتلجنتسيا المسيحية...

لكن إدانة ما قاله الدكتور شربل نحاس لا يعني على الإطلاق رفض التحليل المنطقي، والمواقف الآيلة لبناء الدولة والتي اضطر فيها الدكتور شربل الى مواجهة ثلاث قوى في آن واحد، تيار المستقبل، التيار العوني وحركة أمل...

حتى في أكثر المواقف التي حاول فيها الدكتور نحاس إنقاذ الاقتصاد اللبناني وتحصين الفقراء عبر البطاقة الاستشفائية لكافة المواطنين مثلا، واجه الدكتور شربل نحاس وحيدا عاريا مافيا المستشفيات الخاصة ومافيا الأطباء ومافيا شركات التأمين وكل ما يتعلق بالصحة العامة دون أن يمد له حزب الله يد العون...

في أحيان كثيرة، يدفع حزب الله القوى أو الشخصيات الوطنية إلى زاوية الكفر كما فعل مع الدكتور أسامة سعد مثلا، وعندما يكفر هؤلاء يصبح التعامل معهم أو الاستعانة بمواقفهم تابو يحرم الاقتراب منه...

هذا لا يبرر بالطبع الكفر، لكن يشير إلى بعض مسبباته...

هناك من لم يكفروا!

إدانة تصرف أو تصريح الدكتور شربل نحاس الذي وضع كامل الطائفة الشيعية في سلة واحدة، وقلل من قيمة النضال الذي خاضه الكثير من أبناء هذه الطائفة المنكوبة بوطن بلا سيادة ولا ارادة؛ وطن عاش على النوم على ضيم الاغتصاب اليومي للسماء والأرض والعرض... الإدانة واجبة...

لم يصدق اللصوص أن يقع الدكتور شربل نحاس في هذه الخطيئة حتى كثر الذباحون...

صحيح أن "غلطة الشاطر بألف"، لكن...

"من كان منكم بلا خطيئة، فليرجمها بحجر..."

منذ يومين خرج النائب نجاح واكيم يعيد التصويب على وجوب تأسيس جبهة وطنية عريضة لإقامة وطن للجميع و"إعطاء قيصر ما لقيصر، وأعطاء الله ما لله..."

وحده وطن يقوم على نظام مدني يتساوى فيه كل أبنائه في الحقوق والواجبات هو من يستطيع إخراجنا من هذا الوضع...

الحل ليس بيد اميركا ولا فرنسا ولا السعودية ولا إيران...

الحل بيد اللبنانيين إذا عادوا إلى الضمير الحي...

الحل بيد اللبنانيين إذا أرادوا امتلاك حاضرهم ومستقبلهم...

قد آن أوان الفطم عن الرضاعة...

أردنا من حزب الله أن يكون الطبيب الذي يقطع حبل الصرة، لكن الحزب يقف كطالب الطب في الشهر الاول من السنة الأولى لا يعرف ما العمل...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري