بعد شهرين من الآن تمر ذكرى اندلاع العدوان الكوني ضد سوريا، هذا العدوان الذي ارادت منه الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) وتركيا وحلفائها، تدمير الدولة السورية وتفتيتها والقضاء على النظام الوطني المقاوم الذي يحكمها، حيث جندت من اجل ذلك وحشدت اكثر من ٨٠ دولة، وارسلت المرتزقة من مختلف البلدان وقدمت الأسلحة والمليارات، ولكنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق اهدافها، بفضل المثلث الذهبي المتمثل في صمود الشعب السوري البطل الذي قدم مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، وبفضل صمود الجيش العربي السوري الذي حافظ على تماسكه والتفافه حول قيادته، وبفضل صمود وشجاعة وحكمة هذه القيادة برئاسة الرئيس بشار الأسد، الذي قاوم وقاتل الى جانب جيشه وشعبه، ورفض الركوع والاستسلام ولم يستجب للشروط الأمريكية.
صحيح ان هذه الحرب بدأت بتاريخ 15/3/2012 ولكن التخطيط لها كان قبل هذا التاريخ بسنوات عدة.
اليوم وبعد مرور هذه السنوات، وبعد هذا الصمود الاسطوري لسوريا شعبا وجيشا ومؤسسات ورئيسا، علينا ان نتوقف امام هذه العدوان الهمجي الظالم الذي شن على سوريا، وماذا كانت تريد دول العدوان من سوريا.
لقد خاضوا حربهم تحت شعار الدفاع عن الديمقراطية والتخلص من النظام (الديكتاتوري) للرئيس بشار الأسد هذا الشعار الكاذب الذي يعبر عن زيف مواقفهم.
اين هي ديمقراطيتهم، واين هو دفاعهم عن حقوق الانسان، وهم اما دول لا تعرف الديمقراطية كما هو حال الرجعيات العربية ويكفي هنا ان نشير الى دولة ابو منشار. ودولة الغاز في قطر التي اعترف رئيس وزرائها السابق بانفاق المليارات من أجل الاطاحة بالقيادة السورية.
او دول قمعية كما هو حال دولة الكيان الصهيوني وغيرها، او دول تتغاضى عن الجرائم الصهيونيه بحق الشعب الفلسطيني بل اكثر من ذلك تقوم بدعم هذا الكيان، اين هي ديمقراطيتهم!!!
وتجدر الإشارة هنا إلى أن سوريا تعتبر من أوائل الدول التي مارست الانتخابات والديمقراطية، وكان لديها برلمان منتخب شاركت فيه المرأة السورية قبل مشاركة المرأة في العديد من دول العالم ومنها في اوروبا، وقبل وجود بعض الدول على الخارطة اصلا.
نعم لقد دفعت سوريا ثمنا غاليا جدا طوال هذه السنوات وما زالت تدفع حتى يومنا هذا.
سوريا دفعت من دم أبنائها، وتم تدمير اقتصادها وبنيتها التحتية لكنها حافظت على التمسك بمبادئها وكرامتها، إدراكا منها ان الثمن الذي تدفعه من خلال صمودها والتمسك بثوابتها اقل من الثمن الذي تدفعه من خلال الخضوع للشروط الغربية.
و للتذكير هنا لا بد من تسجيل الشروط الأمريكية التى حملها كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الذي حضر إلى سوريا بتاريخ ٣/٥/٢٠٠٣ وهو في ذروة الإنتصار بعد فوزهم في حربهم الظالمة ضد العراق، وقدمها للرئيس بشار الأسد ظنا منه ان الواقع الجديد يفرض على سوريا القبول في هذ الشروط المذلة .
لكنه فوجيء على غير توقع منه في الجواب الحاسم والقاطع للرئيس الاسد ورفضه لهذه الشروط وعاد باول على أعقابه يجر ذيول الخيبة والعار.
وكان قد استبق ذلك في مؤتمره الصحفي في مدريد بتاريخ ٢/٥/٢٠٠٣، حيث قال ان الشرق الأوسط قد تغير بعد حرب العراق وعلى سوريا تغيير سياستها، طالبا منها التكيف مع الواقع الجديد الذي أفرزته الحرب على العراق.
وللتذكير هذه هي اهم الشروط التي وضعها كولن باول وطرحها على الرئيس بشار الأسد
مستخدما اسلوب الترهيب والترغيب:
قائلا :
اذا وافقتم على هذه الطلبات سوف تصبح سوريا اهم دول المنطقة واذا رفضتم هاهي تجربة العراق امامكم في تهديد وقح ومباشر. والشروط هي :
1. طرد كافة المنظمات الفلسطينية من سوريا واغلاق مكاتبها كونها منظمات إرهابية، بتوصيفهم المخادع المزيف، و التخلي عن دعمها.
2. التخلي عن المقاومة اللبنانية حزب الله ووقف اي دعم لهم وقطع العلاقات معهم.
3. قطع العلاقات مع ايران
4. الدخول في مفاوضات مباشرة مع ( إسرائيل) والاعتراف بها.
5. وقف الدعم لمنظمات المقاومة في العراق .
6. التعاون مع امريكا بشأن اقامة نظام اقليمي جديد.
وأكد كولن باول ان هذه المطالب غير قابلة للتفاوض.
اما الموقف السوري فكان موقفا واضحا شجاعا عبّر عنه الرئيس الاسد برفضه الحازم لهذه المطالب مؤكدا استعداد سوريا للمواجهة.
بعد الرفض السوري بدات الولايات المتحدة واتباعها بالتخطيط وحياكة المؤامرة ضد النظام السوري، وهذا ما حصل في عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري واستخدامها ضد النظام السوري وتحميله المسؤولية عنها.
وبعدها الاعتداء الصهيوني على لبنان في محاولة لتصفية وتدمير حزب الله.
وقد فشل هذ العدوان في تحقيق اهدافه كما هو معروف وازدادت المقاومة المقاومة صلابة.
بعد ذلك تم اللجوء لضرب وتدمير سوريا من داخلها وقامت مع عملائها بإشعال الفتنة في درعا التي امتدت فيما بعد إلى كافة الأراضي السورية، مستهدفة من خلال ذلك اسقاط النظام الوطني في سوريا وتنصيب نظام موال لها ويخدم مصالحها.
الا ان سوريا صمدت وواجهت هذا المخطط وانتصرت عليه، ومع ذلك لا زالت هذه القوى المعادية لسوريا تواصل مخططات التآمر رغم فشلها. وقد تمثل ذلك في
_ الإستمرار في فرض سياسة العقوبات على سوريا واعتماد قانون قيصر من اجل تجويع الشعب السوري ودفعه الى الانتفاضة في وجه النظام وهذا لم يحصل رغم كل المعاناة.
_ استمرار رفض بعض الدول العربية، لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، رغم محاولات الجزائر قبل انعقاد القمة العربية برعايتها، في محاولة منهم استمرار الضغط على النظام.
_ إستمرار الغارات والضربات الصهيونية على الأراضي السورية وبحجج مختلفة منها استهداف الوجود الإيراني على سبيل المثال. وفي هذا النقطة لا بد من التوقف قليلا امام اهداف العدو الصهيوني من هذه الغارات ويمكن تلخيصها
بما يلي:
_ التاكيد على الدعم الصهيوني للجماعات الارهابية
_ قطع الطريق على مقولات انتهاء الحرب وانتصار سوريا فيها.
_ تريد (إسرائيل) من خلال ذلك اشغال سوريا عن المواجهة الأساسية وعرض عضلاتها كونها تريد نقل كرة النار الى الخارج في ظل الأزمات التي تعيشها.
_استدراج سوريا الى الحرب قبل ان تكون جبهتها الداخلية قد استعدت لذلك
لا شك ان هذه الغارات واستمرارها تضع سوريا امام اولويتين هما، استمرار الحرب على الأعداء المتواجدين في الداخل (المنظمات الارهابية اضافة الى وجود الاحتلال الأمريكي والتركي لجزء من الأراضي السورية) وتقوية جبهتها الداخلية كون ذلك شرطا أساسيا للتصدي والنجاح في مقاومة اية اعتداءات خارجية.
لذا نجد سوريا تتصدى لهذه الاعتداءات ولكنها في نفس الوقت ترفض ان يتم جرها لمعركة لم يحن أوانها بعد انطلاقا من القاعدة العسكرية التي تقول
(من الغباء حوض معركة لم يحن أوانها ويمكن تجنبها ..ومن الجبن والعار تجنب معركة لابد من خوضها).
سوريا تريد حرب تنتصر فيها على العدو وليست حرب ردة الفعل كما يحاول العدو جرها إليها
سوريا تستعد لهذه المعركة وتجهز لها.
انا لست خبيرا عسكرياً ولكنني ادرك تمام الإدراك ان الصبر الاستراتيجي السوري في الرد على هذه الاعتداءات لن يستمر الى ما لانهاية وسيأتي اليوم الذي ترد فيه سوريا الرد الحاسم الذي قد تكون نتيجته زوال دولة الإحتلال.
ليس من حق أحد ان يتهم سوريا بالتخاذل والجبن بسبب عدم الرد خاصة انها ترد في كل يوم وباشكال مختلفة .
_ الإستمرار في محاربه الإرهاب هو رد.
_محاربة الإحتلال الأمريكي والتركي هو رد.
الإستمرار في دعم المقاومة اللبنانية هو رد.
الإستمرار بدعم القضية الفلسطينية واعتبارها القضية المركزية هو رد.
الإستمرار بالتمسك بالثوابت الوطنية وتحرير كافة الأراضي العربية المحتلة هو رد
عدم الاعتراف بالعدو الصهيوني هو رد
اما المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني وفتح المعركة معه الآن هذا شأن متروك للقيادة السورية والجيش العربي السوري ان يحددا ذلك كونهم الأكثر قدرة على ادارة هذا الشأن .
وبعيدا عن التشكيك علينا ان نسأل انفسنا الأسئلة التالية
هل نحن نثق بالشعب السوري وقدرته على الصمود؟؟؟
هل نحن نثق بالجيش السوري وقدرته على المواجهة ؟؟؟؟
هل نحن نثق بالقيادة السورية و دورها وقدراتها؟؟؟
هل نحن نثق بحزب الله ودوره؟؟؟
هل نحن نثق بإيران ودورها في الدفاع عن النظام السوري؟؟.؟
هل نحن نثق بروسيا وموقفها في دعم سوريا ؟؟؟ وهي من قالت قيادتها الدفاع عن سوريا ودمشق هو دفاع عن روسيا وموسكو.
اعتقد جازما ان الجواب على هذه الأسئلة سيكون نعم ليس من موقع الرغبة وانما من موقع النتائج لهذه الحرب وما نشاهده اليوم.
حيث قدم الجميع ثمنا كبيرا معمدا بالدماء .
بعد ذلك وبعد هذه الإنجازات الكبيرة التي تم تحقيقها في سوريا الا ان المعركة لم تنتهى بعد وما زالت سوريا تواجه مجموعة كبيرة من التحديات اهمها:
_ استمرار العمل على توحيد كافة الأراضي السورية ومحاربة التقسيم
_استمرار خوض معركة رفع العقوبات التي ألحقت ضررا كبير في سوريا.
_ استمرار النضال من أجل تحرير كافة الأراضي السورية من القوات المحتلة (الإسرائيلية والأمريكية والتركية)
محاربة الفساد والتصدى له وإشاعة الأجواء الديمقراطية التي تخدم الوطن.
_العمل على عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم و أراضيهم و متلكاتهم.
_ إعادة الأمن والاستقرار في سوريا وتأمين الحياة الكريمة للمواطن السوري الذي ضحى كثيرا من اجل ذلك.
_ اعادة بناء الاقتصاد السوري ووضع خطط للتنمية والتطوير الصناعي والزراعي
هذه بعض الأفكار المتواضعة، اعتقد انها لن تغيب عن القيادة السورية وهي في محور اهتمامهم دون شك.
اما و اجباتنا نحو سوريا نحو سوريا هي كثيرة ومتعددة .
اولها الوقوف الى جانب سوريا والدفاع عنها في كافة المجالات
والعمل على رفع الحصار الظالم عنها، و تقديم كل شكال الدعم الاقتصادي والمادي لها
والعمل بكل طاقاتنا من اجل ان تعود لممارسة دورها على الصعيد العربي والعالمي وما أحوجنا فلسطينيين وعرب لهذا الدور واهميته.
سوريا قدمت الكثير دفاعا عن القضية الفلسطينية والقضايا العربية وبسبب ذلك تعرضت للمؤامرات.
من واجبنا تجاه سوريا وحقها علينا ان نقدم لها كل ما نستطيع من موقع الوفاء
هل نفعل؟؟؟.
نعم يجب أن نفعل وهذا اقل ما نقوم به.
تحية للشعب السوري العظيم وجيشه البطل وقيادته الشجاعة وفي مقدمتهم الرئيس بشار الأسد
تحية لكل من وقف الى جانب سوريا وقدم لها الدعم في هذه المعركة
الخزي والعار لكل من وقف ضد سوريا وشعبها
سوريا حققت الكثير من الانجازات وهي على طريق الانتصار الكبير
وليس ادل على ذلك من الاستدارة التركية الاخيرة نحو سوريا ومحاولة التطبيع معها .
بعد الدور المجرم الذي لعبته ضد سوريا طوال فترة الحرب ودعمها للإرهاب ودخول جيشها الى الارضي السورية لحماية الارهابين .
قبال ان اختتم هذه المقالة
اتوجه بتحية الاعتزاز والتقدير لشعبنا في سوريا وللجيش العربي السوري وسيادة الرئيس المقاوم بشار الأسد
واقول لهم اليوم .
ان الشعوب العربية كافة معكم... واحرار العالم معكم والشعوب المحبة للعدل والسلام معكم
وانكم حتما منتصرون
طارق ابوبسام
براغ..14/1/2023.