عندما يكون المستقبل التي تسعى إليه جزء من تاريخك الاسود…
وتعود بنا الذاكرة إلى نهاية مملكة تدمر السورية العظيمة و" زنوبيا" التي كانت بألف رجل بعد أن اسرها الرومان ودمروا دولة تحكمت بموازين الشرق والغرب .
إن اهمية ما يجري سورية من سباق وصراع بين اربع قوى دولية وإقليمية ب المباشر ومن خلفهما على صيدة قدمتها انظمة الردة العربية ، هو ما يمنح هذه البقعة من الجغرافيا ثمنا جيو سياسيا و اقتصاديا مع ميزان خسارة وربحت في النفوذ السياسي لعقود ، سورية التي عرفناه منذ الاستقلال آخر وأهم ورقة تسقط من رزنامة سايكس و بيكو المرفوض أصلا ، سورية كانت دائما في عين العاصفة والاطماع منذ بداية التاريخ و معركة (مشروع) مستعجل مكرر له بنود خمس تخرج و تجمد حسب الموازين الحاكمة من وفي أدراج من يحكم العالم و يتبنى إسرائيل ،هكذا بدأت الحرب إلى المعركة الاخيرة ، كان تلإنزال السياسي لوزير خارجية جورج بوش الابن " كولن باول "الذي هبط في قصر المهاجرين مزهوا وواثق بأن دمشق لن تحملها ركبتيها خوفا و هلعا من الواقع الجيوسياسي المستجد على حدودها الشرقية عام 2003 من مسافة صفر عمليا مقارنة بين المسافة بين واشنطن و الشام ، لأنه جاءت المطالب ممزوجة برائحة بارود القوات الأمريكية الغازية التي احتلت بغداد وأسقطت تمثال صدام حسين ونظامه ودمرت دولة بكل مؤسساتها .
في تفاصيل المشروع كما تبين و نشر كان- تجربدالسياسة السورية الخارجية من كل اوراقها وثوابتها منذ نصف قرن ، أي إخراج سورية من دائرة نفوذها الطبيعي الذي منح الشام وزن في الإقليم والعالم دورلا يستهان به في رسم توازنات و مصير المشرق العربي والمنطقة ، إخراج فصائل المقاومة الفلسطينية من سورية ونزع مظلة الحماية والدعم السياسي والعسكري عنها ، قطع طريق إمداد المقاومة إلى لبنان ونزع سلاحها ، قطع العلاقات مع طهران ، الامتناع عن دعم المقاومة العراقية التي كانت تتبلور من دمشق وعدم استقبال رموز نظام البعث العراقي وطردهم وتسليم العلماء العراقيين وعائلة صدام ، اتفاق سلام مع إسرائيل بدون استعادة الجولان المحتل كاملا و بدون شروط ، حينها فاجأ العالم رد الرئيس الأسد و انتهى ذلك اللقاء مع كولن باول وبقيت حماس والفصائل الاخرى و قادة حماس السياسيين تحت مظلة دمشق واستمر دعم المقاومة اللبنانية وكشفت تفاصيل اللقاء لاحقا في الوثائق والمذكرات عبر محاضر اللقاء المدونة في أرشيف الخارجية السورية للنظام السابق ، فشل الانزال الامريكي السياسي من سماء العراق الامريكي بالكامل فعادوا المحاولة بعد قتل رفيق الحريري ومن خلال ذلك ابتزاز دمشق ، إما الخروچ من لبنان و تنفيذ المشروع مع امتياز أن تحكم دمشق لبنان أو حتى تضمه وتفاجئت واشنطن بالخروج السريع للقوات السورية وها نحن نرى حال الشقيق الأصغر اليوم بعد غياب الراعي المباشر إلى أن وقعت حرب ال 2006 على لبنان والدور السوري الذي فاق التوقعات و خطاب الأسد معلنا الانتصار وعبارة "أشباه الرجال" التي لم ينساها له بعض حكام العرب و حملوها كالجمر تحرق صدورهم بانتظارا لحظة الغدر والانتقام وتتالت مواقف دمشق من كافة اعتداءات تل أبيب على غزة بنفس الموقف والثبات ، دمشق فعليا قد دخلت على الوضع العراقي آنذاك بقوة و بدأت تقديم كل الدعم للمقاومة العراقية في (الأنبار ) عسكريا وسياسيا بشكل علني وتصريحات رسمية دون خوف والشاهد على ذلك كان كلام الشيخ حارث الضاري وغيره من الشخصيات العراقية كمشعان الجبوري والخ
مر على الانقلاب تقريبا عام ، فقط عليكم إعادة استحضار ذلك المشروع الذي تأبطه "كولن باول" الى القيادة السياسية في دمشق بندا بندا ، سوف تتأكدون أن تم حرفيا تنفيذه اليوم ، بمعنى ما رفضه نظام البعث السابق لمدة نصف قرن وأكثر تم تقديمه خلال خمسين يوم على طبق من ذهب ، بل قدموا الاكثر و الاخطر من خلال تدمير قوة سورية العسكرية ،العلمية والأخطر شرذمة السوريين انفسهم بضرب البنية الاجتماعية ، والجولان المحتل لم يعد ذكره مسموح في مفردات السياسة السورية الحالية ووصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف دمشق والطيران يسرح من الجولان وصولا إلى الشمال الغربي و يصور مشاهد الطبيعة السورية دون خوف من ان تطلق عليه رصاصة من بندقية صيد ، حتى وصل الأمر إلى إلغاء تجمع احتفالية بذكرى انطلاق عملية طوفان الاقصى في دمشق فمن( سواك باخوك ماظلمك) على نسق السلطة في لبنان اليوم فحتى مصطلح العدو الإسرائيلي تعاقب عليه الانتداب الأمريكي، عمليا تحقق مشروع باول+مشروع نتنياهو والأخطر تلوح (بشائره) في التقسيم الجغرافي ،النفسي , حقا اوافق حمد بن جاسم كانت (الصيدة) نادرة ، سال لعاب الكون عليها ولا تقدر بثمن كونها رفضت أن تحلق مع سرب التنازل ،التطليع و الابراهيمية.
كانت البداية ( السر) في قصة البوعزيزي التونسي ولماذا هو ربما على يمينه ليبيا الصاعدة افريقيا والجزائر العصية فكانت الأولية ليبيا ثم اتجهت الريح الصفراء نحو الشرق قصة البائع المتجول في تونس و رجال الأمن وكم من قصص على شاكلتها حدث و تحدث يوميا من البحر الى البحر وبشكل افظع كانت بمثابة (الإلياذة) الحجة للوصول إلى عصر الابراهمية السياسية على امواج ( الربيع العربي ) بقيادة بفليفة "برنارد ليفي" منظر دمار العقل و المجتمع العربي الإسلامي حيث أينما وطأت قدماه كان الخراب و الدماء ، وهو بالفعل صرح و تفاخر بأنه فعل ما عجزت عن فعله جيوش جرارة خدمة لإسرائيل ، اذا اغلقت دائرة المشروع باسقاط سورية التي نبات معادلة لا سلام بدون قرارها ، التي تحولت إلى انقاص دولة فاشلة و"صيدة" يتناتش جسدها الغربان مع أبنائها سوية كان لهم اليد الطولى في ذلك واسدل الستار على تاريخ حقبة في السياسة الدولية بنته دمشق لتصبح شبيهة بإختها " عراق اليوم " و بعد نصف قرن من اعتقال مصر في منفردة السجن الاسرائيلي الأمريكي التي ايضا لا حرب بدونها وتبين أن ( السلام) وهم وهو ما يفسره حالها وحال شعبها على المستوى المعيشي والإقتصادي مع الأردن- وادي عربة و(بلدية رام الله) نتاج اوسلو، نعم وأخيرا أسقطوا دمشق المبدئية الثوابت في السياسة الخارجية ولا يهمهم إنسانها ولو سحقته الديكتاتورية التي هي في خدمته مشاريعهم ، فالدكتاتور الذي يخضع لهم و يخدم مصالحهم فهو ديمقراطي و إنساني اما الذي يرفض او رفض فهو وحش مفترس لشعبه على فرض صحة ما يدعونه…! و اما دمشق الأموية التي وصل عطر ياسمينها و منتج علماء العرب إلى إسبانيا ، وأموية في السياسة يوم كان أولمرت يلاحق الأسد في احتفالية يوم فرنسا الوطني ليصافحه دون جدوى ، إنها وقائع أسردها و لا أدعي موقف شخصي أما أموية منظري الحكم اليوم في دمشق من منظور مختلف متخلف الذي يفتي قتلا و ذبحا مواطنين و مزق نسيج أهله الداخلي الاجتماعي ليعود به إلى عصر المذاهب و الطوائف , فلا مجال للمقارنة بين تلك الأموية وأموية سلطة اليوم .
اذا كانت دمشق آخر بوابات الرفض وآخر حلقة في طوق سياسي عسكري حول الكيان تم إسقاطها و تبنى رئيس وزرائه حصرية تنفيذ الانقلاب متباهيا بأنه وراء اسقاط اسوار دمشق العاتية بمساعدة الطابور الخامس وانظمة عربية وإقليمية مع حصار خانق دولي و فلت ثورا جامحا يحطم و يرتع كيف و أينما شاء على غرار بوش الابن بعد أحداث 11 أيلول 2001 حتى وصل بنتنياهو مع وزرائه الخفة والغرور أن يتجولون داخل الأرض السورية - التي كانت محرمة عليه- وكأنها حديقته الخلفية الوادعة اليوم ، و هناك من العرب شعوبا وأنظمة تحتفل بنصر مزيف على دمشق وأخرى تبتلع مرارة ما حصل عجزا و خوفا.
نعم كسر ت دمشق العصية و ربما إلى زوال بسبب جهل أبنائها و غدر اخوتها و حقد و حسد جيرانها ، طمعا أو ثأر قديم بعد أن طفح الكيل من مواقفها حتى وهي على حافة الموت السريري كما كان في آخر في مؤتمر للقمة العربية و موقفها الواضح من العدوان على غزة و توجيه اتهام مبطن للأنظمة بسبب المواقف المخزية من الإبادة في غزة و سياستها في خدمة سردية الكيان التوراتية التي في طريقها لكي تصبح واقعا ،" أرضك يا اسرائيل من الفرات إلى النيل ".