يبدو من خلال التصريحات التي نسمعها من قيادة التيار الوطني الحر،حول تفاهم مار مخايل مع حزب الله،تُعبِّر عن تخبُّطٍ يعيشه هذا التيار، حيث يخلط بين المبادئ والمصالح والمنافع والتكتيك السياسي.
ما نعرفه عن أداء حزب الله السياسي، في تحالفاته وعلاقاته أنّه يعتمد المبادئ، وما بعده تفاصيل، وهذا ما جعله يتفرَّد في المصداقيّةوالثقة،ممّا جعل الصديق والعدو يحترمه،لهذه الميزة السامية، خصوصاً في التجارب التي مرّ بها، سواء في الساحة اللبنانية أو الإقليمية؛ وتوجد شواهد كثيرة على ذلك، سواءمع دول أوحركات إسلامية عالميّة، أو قوى وأحزاب قوميّة ووطنيّة،ومقاومات على تنوُّعِها، ولا ضرورة للتفصيل بها.
عندما ذهب حزب الله للتحالف والتفاهم،مع التيارالوطني الحر، لم يكن لا محشوراً ولا مزنوقاً، حينها كان القوّة الأقوى في تحالف 8 آذار،إن لم يكن الرأس القيادي، أمّا التيار الوطني الحر حينها،فكان أقرب إلى 14 آذار أو جزءًا منها، لحين خرج أو دُفِعَ للخروج منها، فبقي منفرداًومن دون تحالفات، على المستوى المسيحي والوطني والطائفي، في تركيبة هذا البلد.
ولا شك، وللإنصاف، عمل هذا التيار بقيادة الجنرال ميشال عون جهداً كبيراً، لإقناع تياره وبيئته على تقبُّل هذا الخيار التفاهم، والهدف الرئيسي للذهاب كان فهمه لأداء الدول الإقليمية والمؤثرة، في لبنان والدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا؛فهي تبيع وتشتري بلدانًا وطوائف وأحزابًا، في سوق النخاسة، وتعتمد المصالح، ولا علاقة لها بالمبادئ والحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان، وكل ما تدَّعيه في هذا الإطار ليس إلّا زوراً، تريد به تحقيق مصالحها الخاصّة.
لقد وصل التيار الوطني الحرُّإلى (الحُلْم)رئاسةِالجمهوريةِبفضل هذا التحالف،رغم أن أهم وأكبر حلفاءحزب الله لم يسِر معه،في هذا الخيار، وتحديداً انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية.
أما ما نراه من أداء قيادة التيار الوطني الحر، في هذه المرحلة وتصريحاته حول هذا التفاهم، إنما يُعبِّر عن تخبُّطٍ وضياعٍ في متاهات التفاصيل الداخلية، في إدارةبلدينهارأمام أعين الجميع فهل يعيد النظر في أدائه، ولا يسحب يده من هذا التفاهم، ويعتمدالمبادئ لاالتكتيك، حتى لايعودوحيداًمن دون تحالفات داخلية، ويكون شجر سنديان لا شجر صفصاف، كما وصفت سابقاً؟
يا جماعة؛ البلد، في حالة السلم والاستقرار، لا يقوم إلا على التفاهم والتعاون والتآخي...
لبنان وشعبه يصرخون: "خلِّصوني من خلافاتكم "...." وحتى الرئيس الفرنسي يصرِّحُ بهذا، وبعنف: البلد لا يقوم ولا ينهض، من هذا الانهيار، إلا بالتواضع وبأن يعرف كُلٌّ حجمه وحدَّه.
16/1/2023