بعد هزيمته، تم نفي نابليون إلى جزيرة البا قبل أن يهرب منها ويخوض معركته الأخيرة إلى أن انتهي امبراطور فرنسا كما انتهى قبله مجانين العظمة الذين أرادوا التربع على كل العروش... في مزبلة التاريخ...
لم يتم نفي جبران باسيل إلى جزيرة البا بعد الكوارث التي شارك بها هو وعمه ميشال عون بعد انضمامهم إلى منظومة الفساد في البلد....
لكن هذا الرجل لا يزال كثير القفزات في المجهول...
أن يقفز هو في المجهول حرية شخصية تكفلها الأنانية والنرجسية التي تميز هذا الرجل... لكن المشكلة أن هذا الرجل يجر وراءه من الاغبياء ما يكفي لتدمير الوطن...
نعم، جبران باسيل كثير الحركة...
لكن ليس في كل حركة بركة...
جبران باسيل أقرب إلى دونكيشوت منه حتى إلى نابليون...
السؤال الذي يجب طرحه، ليس متى يَعقِل جبران باسيل، أي يعود إلى رشده، فهذا مستحيل على رجل هو أقرب إلى الطاووس منه إلى رجل الدولة...
جبران باسيل هو نسخة منقحة عن قذافي ليبيا...
السؤال الذي يجب طرحه، هو متى يستطيع أحدهم أن يعقل هذا الرجل، بمعنى ان يربطه إلى شيء ما...
الذين استمعوا الى سمير جعجع على قناة الجديد وانا لا استمع الى هذا المجرم القاتل ولكني استمعت الى التعليقات عليه ففهمت أن الرجل يضعنا اليوم بين "السلة والذلة"...
إما نمشي مع جعجع أو نصل إلى الفيدرالية...
من هذا المنطلق يجب سؤال حلفاء جبران باسيل ما الفرق بين فيديرالية سمير جعجع واللامركزية الإدارية والمالية التي يطرحها جبران باسيل...
ما هو الفرق بين الفيدرالية التي يرسم ابراهيم عازار أهدافها ومهمتها في حصار الآخر الذي لا تتماشى مواصفاته مع عقل ابراهيم مراد المريض...، وبين حدود اللامركزية الإدارية والمالية التي يرسم ناجي حايك حدودها التي لا بد أن تلتقي في النهاية مع المشروع الأميركي الصهيوني...
لا يستطيع أي كان تخوين الشرفاء...
لكن واجب الشرفاء هو تسمية الأشياء باسمائها...
لأن واجب الشرفاء هو رؤية الحقائق وتسمية الاشياء باسمائها، يجب على حزب الله أن يضع كل الامور على الطاولة...
أمس خرج بيان أميركي سعودي يتحدث عما تحلم به اسرائيل، كما يحلم به ابراهيم مراد وناجي حايك، ومن يقف وراء ابراهيم مراد وناجي حايك...
كل ما يريده الاميركيون والسعوديون من اتفاق الطائف هو تحويل المقاومة إلى ميليشيا كما القوات اللبنانية وغيرها من الأحزاب التي ساهمت بتدمير البلد طيلة خمسة عقود منذ ما قبل ١٣ نيسان ١٩٧٥...
يحورون ويدورون لوضع مسألة سلاح المقاومة على الطاولة...
حسنا...
تريدون السلاح...؟
هذا السلاح له أثمان انتم غير قادرين على دفعها...
أولا، بناء دولة قوية عادلة في لبنان مع كل ما يعنيه هذا من وجود جيش قوي يملك أسلحة كافية لترسيخ توازن رعب وردع توازن ما هو موجود في المنطقة...
بناء دولة قوية عادلة يعني وجود شعب حر الإرادة، يعيش حياة لائقة بمستوى معيشي لا يقل عن أرقى المستويات الموجودة في المنطقة...
بناء دولة قوية عادلة يعني وجود دستور عصري مدني خارج كل القيود الطائفية والمذهبية والعرقية والتمييز على أساس المعتقدات ولون البشرة ونوع الجنس بين امرأة ورجل...
دستور تتم صياغته على ايدي كل اللبنانيين، ويطرح على الاستفتاء ولا يقوم بريمر آخر أو غورو آخر بفرضه علينا...
دستور تكون السلطة فيه فعلاً للشعب... حيث يتم انتخاب الجميع مباشرة من الشعب وحيث يستطيع الشعب عزل أي كان وفق مسارات محددة...
لا يتحكم بنا، لا رئيس جمهورية، ولا رئيس حكومة، ولا رئيس برلمان، وحيث يكفي اتباع مسارات محددة للقيام بعزل الوزراء والنواب والمدراء وحتى القضاة...
أما هيئات التفتيش وغيرها من أدوات الحكم، فلا تتبع رئيس الحكومة لأن عليها مراقبة الجميع ويجب أن تعود سلطتها إلى الشعب عبر أطر يجب بحثها وتكريس وجودها عبر استفتاءات شعبية...
بناء دولة قوية عادلة يعني وجود تعليم من الحضانة وحتى أعلى المستويات العلمية مؤمنة بشكل شبه مجاني كما هو الوضع في ألمانيا وفرنسا...
بناء دولة قوية عادلة يعني تأمين استشفاء وطبابة تليق بالشعوب الراقية...
بناء دولة قوية عادلة يعني تأمين حل عادل يؤمن عودة كل اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وإقفال كل المخيمات وليس نقلها من مكان إلى آخر...
بناء دولة قوية عادلة يعني عودة كل النازحين السوريين الى بلدهم...
بناء دولة قوية عادلة يعني تحرير الدولة اللبنانية من أي هيمنة أجنبية ومنع قيام أحزاب على أساس طائفي أو على علاقة مع الخارج...
ببساطة، وعلى بلاطة...
سلاح المقاومة يكون على الطاولة بعد ان يكون لبنان سيدا فعلاً وحرا فعلاً، ولا يفرض موظف من الدرجة العاشرة في الإدارة الأميركية أمرا على رؤساء ووزراء ونواب وأحزاب ومجتمع مدني كما يجري الآن...
باختصار...
السلاح مرتبط بكل هذا وزيادة...
من يريد، ليتقدم إلى طاولة مستديرة يجلس إليها الجميع...
أجل الجميع، بما في ذلك القتلة، لاني توقفت عن التمييز بين ابراهيم مراد وناجي حايك...
إما أن يكون هناك وطن، أو يذهب جميع هؤلاء إلى الجحيم ويبقى السلاح الى أن تتوفر الظروف لتحقيق تلك الدولة القوية العادلة...
حليم خاتون