كتب الأستاذ حليم خاتون: داود رمال ونظرية خلط الماء بالزيت
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: داود رمال ونظرية خلط الماء بالزيت
حليم خاتون
19 كانون الثاني 2023 , 04:51 ص


لم يكد ظهور الإعلامي فيصل عبد الساتر على شاشة الجديد يفاجئ المشاهدين، حتى خرج الاستاذ فيصل المعروف عنه البصم بالعشرة لكل ما يصدر عن الثنائي؛ خرج بمفاجأة أخرى:

لم يستطع السيد نصرالله إقناع الاستاذ عبد الساتر بموقف وجوب المشاركة في اجتماع حكومة ميقاتي...

من المؤكد أن ميقاتي وكل الطبقة الحاكمة لا يملكون أي حل لأزمة النظام القائم في لبنان...

كما من المؤكد أن كل ما يجري ليس أكثر من كيد طفولي وطفيلي بين ميقاتي وباسيل...

إلا أن السيد كان حاسما حين قال لميقاتي وباسيل في الوقت عينه، إن البلد يستطيع المشي على عكاز واحد، ويجب عدم شله على الأخير...

في النهاية هناك حد أدنى من الخدمة الممكن تأمينها، كما أن هناك غرامات لا يدفعها، لا ميقاتي ولا باسيل من جيوبهما الخاصة، بل تذهب من الاحتياط الإلزامي الذي يسير نحو النضوب...

المفاجأة الثانية جاءتنا على موقع سبوت شوت مع الكاتب داود رمال الذي خلع ثوب العلمانية والمطالبة بالدولة المدنية...

حمل الاستاذ داود صولجان البطريرك الراعي، وراح يعيد تفصيل النظام القائم على قياس المارونية السياسية التي أفل نجمها...

يدافع الاستاذ رمال بشراسة عن مقولات جعجع وباسيل والراعي الى درجة تقطيع جسد الفكرة العلمانية إلى آلاف القطع... حتى لم يبق في الاخير سوى طلب الغفران من الأباتي داود رمال...

حيّرَنا الاستاذ رمال...

لم نعد نعرف أي ثوب يلبس...

هل هو ثوب الدولة المدنية التي لطالما تغزل وطالب بها، أم ثوب شربل قسيس من ايام الحرب الأهلية...

لو عاب الكاتب رمال على حزب الله عدم السير بالدولة المدنية، لكانت حجته ناقصة طالما أن الحزب يأتي من أصول دينية، رغم يقين الأكثرية من المثقفين أن لا حل في لبنان إلا بالدولة المدنية...

لكن، بدل ذلك، يصب الاستاذ رمال جام غضبه على حزب الله بدل نقد كل تجربة ميشال عون الذي حمل طويلا شعارات العلمانية لينتهي الأمر به في حواكير الطائفية والطوائف...

حكم ميشال عون ستة سنوات، مارس خلالها جبران باسيل كل انواع التفرقة المذهبية والطائفية وصلت إلى كل المرافق بما في ذلك حراس الأحراش...

لماذا لم يقدم حضرة المسيحي القوي أية تعديلات تتجه باتجاه الدولة المدنية التي توافق عليها حركة أمل بكل تأكيد وربما سمير جعجع الى حد كبير...

طالما أن ميشال عون عاد ومشى بالطائف، لماذا لم يطلب تطبيق البنود الإصلاحية لدستور الطائف التي ترتبط بإلغاء النظام الطائفي...

يقول الاستاذ رمال أنه حين تطلب الأمر ملء موقع الرئاسة الثانية عمل حزب الله من أجل الإتيان فورا بالرئيس بري، بينما لا يفعل الحزب شيئا لملء الشغور في الرئاسة الأولى...

ينسى الاستاذ رمال أن جزءًا من العونيين هم من مشى بالرئيس بري في تسوية حسابية هي أقرب إلى لعب الأطفال...

لماذا لا يقف باسيل وجماعته مع الرئيس القوي الرابع في مجموعة الأربعة؟

هل هذا ذنب حزب الله ام هو جبران الذي "فلق" الناس بالحديث عن الرئيس القوي فإذا به يرفض سليمان فرنجية القوي لصالح مجموعة من اسماء الصف الثاني وما دون الثاني...

طالما أن جبران باسيل حريص على الموقع الماروني الأول، لماذا لا يحترم الموقف الأخلاقي لحزب الله الذي يرد لسليمان فرنجية الجميل الذي يرفض باسيل وعون رده... والله عيب...

لا يكتفي الاستاذ رمال بتقمص جبران باسيل والهجوم على حزب الله، بل يذهب ابعد من ذلك حين يتحدث من داخل عقل سمير جعجع...

كاد الاستاذ رمال يدعو إلى الفيدرالية بدوره لأن حزب الله يدفع المسيحيين إلى اليأس!!!

صدقوا أو لا تصدقوا...

هذه عصارة تفكير الاستاذ رمال...

لو كان عند سمير جعجع ذرة من الأخلاق، لوقف إلى جانب سليمان فرنجية بعد عفو الاخير عن قتلة أبيه وأمه وشقيقته الصغيرة ابنة الأعوام الستة...

يحق للمرء رفض سليمان فرنجية لأنه جزء من المنظومة...

يحق للاستاذ رمال رفض فرنجية من موقع علماني أو حتى إصلاحي...

لكن أن يرفض الاستاذ رمال سليمان فرنجية من منطلق نظرية حقوق الموارنة... هذا مخزي يا أستاذ...

سليمان فرنجية لا يقل مارونية عن أي من الطقم السياسي الماروني الموجود في لبنان بكل عناصره...

لكن الاستاذ رمال الذي صار ملكيا أكثر من الملك، يقزًم كل الحقائق خدمة لجبران، وعم جبران، ومجموعة من الدمى المتحركة من التيار العوني الذين نسوا المبدأ الأول لميشال عون... العلمانية...

لم يبق للاستاذ رمال سوى الدعوة إلى الفيدرالية باسم الحقوق المسيحية...

أما اتهام السيد نصرالله بموقف مذهبي اسلامي ضد المسيحيين، فهو قمة التحريف والتخريف...

يبدو أن الاستاذ رمال آت لتوه من عند ناجي حايك...

عيب يا أستاذ...

الخطأ الذي ارتكبه حزب الله هو بالفعل الوقوف إلى جانب ميشال عون أكثر من مرة حين عطل البلد أكثر من مرة من أجل باسيل حينا وميشال عون حينا آخر...

ألم يكن الأجدر بميشال عون طلب تطبيق إلغاء الطائفية السياسية في الدوحة بدل التفتيش عن إعادة تقسيم الدوائر لكسب نائب هنا او نائب هناك...

أمس، بان الوجه الحقيقي للاستاذ رمال...

وجه أميركي بالقول والفعل...

المضحك في المقابلة وصل إلى الابتذال حين نفى الاستاذ رمال تبعية خصوم الحزب للسعودية وأميركا...

يرفض الاستاذ رمال وصم عملاء اميركا بما يستحقون من صفات...

بالنسبة إليه، يجب الإقلاع عن هذه الحقائق احتراما لشعور من لا شعورا وطنيا عندهم...

لم يكن ينقص الاستاذ رمال سوى الاعتراف بمقاومة القوات أثناء الحرب الأهلية التي انتهت بالاجتياح الاسرائيلي الذي دخل بيروت، ثم جلس في القصر الجمهوري في بعبدا سنة ١٩٨٢...

لم يكتف الاستاذ رمال بكل الكلام اللامنطقي الذي ميز مقابلته أمس، فانتقل إلى الأسلوب العوني بامتياز في الابتزاز السياسي عبر التهديد غير المباشر بالخروج من تفاهم مار مخايل...

صحيح أن حزب الله يحاول بكل إمكانياته الحفاظ على علاقات مستحيلة مع الجميع، بمن فيهم جماعة اميركا وغيرهم من المساطيل، إلا أن الذي يحتاج فعلا إلى هذا التفاهم هو جبران باسيل نفسه...

الخروج من تفاهم مار مخايل يعني طريق من إثنين:

إما المزايدة طائفيا وهذا ما يفعله جبران طيلة الوقت، ولم يؤد إلى أية مكاسب في الشارع لأن المختلين عقليا من الطائفيين قد حسموا مواقفهم وصاروا في القوات أو ليس بعيداً عنها...

وإما التخبط في كل الشوارع التي لم يترك جبران في أي منها لنفسه صاحبا...

الغريب أن الاستاذ رمال يعود بعد كل ذلك إلى الحديث عن سليمان فرنجية كامتداد للأزمة...

أي أنه يعترف أن ميشال عون وعهد ميشال عون لم يكن سوى أزمة...

ليت الاستاذ رمال حافظ على بعض الموضوعية وبعض التماسك في منطق الحوار بدل رمي اسم بيار الضاهر خدمة لجبران باسيل المستعد لوضع حرباء من الدرجة العاشرة في بعبدا على أن يصل إلى هذا الكرسي من يستطيع تخطي كل اخطاء ميشال عون والسير على الأقل بتطبيق الحد الادنى المتمثل بإلغاء الطائفية السياسية وانتخابات كاملة غير منقوصة على الأساس النسبي ولبنان دائرة واحدة...

ليت الاستاذ داود انتقد حزب الله من موقع الدفاع عن إقامة دولة مدنية هي المنفذ الوحيد لإقامة دولة قوية عادلة بدل الهرطقة الطائفية التي مللنا سماعها على ألسنة جماعة جبران داخل التيار...

نصيحة أخيرة للاستاذ رمال...

مركب جبران ملىء بالثقوب...

هو لم يعد قابل للإبحار...

فتشوا على غير هذه الآراء التي لا مستقبل لها إلا في سلة المهملات...

مركب النظام في لبنان ملىء بالثقوب هو الآخر...

رغم كل النقد الذي يمكن توجيهه الى حزب الله، يبقى هذا الحزب هو الأكثر قربا إلى القيام بالإصلاح رغم الحرب العالمية عليه من قبل "الشرعية الدولية" التي تعيق الوضع في لبنان والتي سماها الاستاذ داود نفسه فلم يجد إلا اسماء أميركا وصيصانها في الإقليم وفي العالم...

الحمدلله... على الأقل...

خرج على ال OTV الدكتور مطر، فأعاد إلى الحوارات السياسية المنطق الذي كان الاستاذ رمال حرق نفسه...

بانتظار من يؤمن بالدولة القوية العادلة التي لا يمكن أن تكون سوى وطنية مدنية... كان الله في عون الناس وعون الحزب من عون وجعجع وجبران وبقية الشلة...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري