كتب الأستاذ حليم خاتون:
قليلاً ما يعطي المتصفح الجدي على الانترنت اهتماما إلى الكثير من المواقع، خاصة تلك التابعة لما يسمى معارضة سورية أو بعض أبواق إخواننا في الخليج الذين لا يزالون يعيشون في عالم الأوهام والافلام الخادعة للبصر...
لكن شاءت الظروف أن ينشر موقع "الحدث" السعودي منذ يومين خبرا عمره دقائق عن مهاجمة طائرات أميركية لموقع نووي إيراني في اصفهان...
لا يمكن لأي عاقل أن يتصور أن الغباء السعودي يمكن أن يصل إلى هذه الحدود... لذلك، يدخل المرء إلى هذا الخبر، فيكتشف كم هي طفولية عقول اغبياء هذا الموقع...
يخرج شاب يحاول مبتسما إقناع المشاهد أن هجوما تم على إيران بتفاهم أميركي روسي!!!
طبعاً، لم تأخذ المسألة أكثر من بضع جمل، حتى يكتشف المرء مدى جدية!!! هذا الموقع، وعبقرية المحللين فيه!!!...
أي متصفح جدي عادة ما يخرج من هذه الزلة دون الحديث عنها حتى يحافظ على رصانة مواقفه أمام الآخرين...
لكن أحدهم أصر امس على إرسال مقال نُشر في جريدة النهار اللبنانية الهوية، السعودية التمويل، يتحدى فيه جماعة الممانعة من المعلومات الخطيرة التي كشفها "دكتور" ما، من غير المعروف من أي جامعة تخرج، أو من أي كوكب يستمد عبقريته في التحليل...
"طلع" مع هذا العبقري أن الإمام الخميني ليس سوى صنيعة أميركية بريطانية فرنسية!!!
لا يتقيأ المرء فقط في حالة المرض...
ولا يصيب الغثيان المرء في حالة الوعكة الصحية فقط...
لكن عبقرية دكاترة المواقع السعودية كفيلة بتأمين حالة الغثيان والتقيؤ دون الإصابة بأي مرض على الإطلاق...
ربما تجدر النصيحة إلى هؤلاء الإنتباه لأن محمد بن سلمان ليس ساذجا كما قد يعتقدون...
دولارات السعودية لم تعد تُرمى عبثاً على متسكعين اغبياء كما أيام خلفاء الأمويين والعباسيين...
لا يقبل ابن سلمان أكاذيب لا تقبلها العقول...
على هؤلاء المهرجين تغليف أكاذيبهم بشيء من المنطق وإلا... المنشار جاهز...
ليست إيران خارج النقد...
لا يوجد في إيران معصومون...
لكن ما حدث في اصفهان رغم خطورته، لا يرق إلى مستوى ما يحاول بعض الإعلام التابع لجبهة أعداء الممانعة تصويره...
دون الدخول في التفاصيل التي بينت أن ثلاث مسيرات، نجحت اثنتان منها في الوصول إلى مصنع عسكري غير سري يقع في منطقة سكنية، نجحت في اختراق السقف والتسبب ببعض الخسائر المادية...
تبرأت اميركا فوراً من الهجوم وألمحت إلى مسؤولية اسرائيل...
هي اسرائيل با جماعة السعودية، وليس روسيا!!!
من المنطقي أن يجن جنون إسرائيل، وتقوم بما قامت به انتقاما من الدعم الإيراني اللامحدود للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني...
السلاح الذي بدأ يأخذ منحى أكثر خطورة في الضفة لم يأت من السعودية، ولا من الامارات، ولا من اي من كل الدول العربية أو من تركيا التي داست على حقوق الشعب الفلسطيني ووصلت بها البداحة أن تدين عمليات الانتقام والمقاومة التي يبديها هذا الشعب ضد أكثر أنواع الاحتلال بشاعة في التاريخ...
لا يريد المرء التقليل من وجع الصفعة في اصفهان رغم محدوديتها لأن على الجمهورية الإسلامية واجب التعامل مع ما حدث على أنه بالغ الخطورة...
كما أنه يجب عدم التهاون مع الحركات الانفصالية، يتوجب على الثورة الرقي بالتعامل مع التعددية الاثنية في البلد والعمل بطريقة علمية وروحية على حل مشاكل الأجيال الجديدة التي ولدت بعد الثورة أو لم تعش ثورية تلك المرحلة...
كما يجب إعادة البحث من أجل الوصول إلى حل المسألة القومية في إيران...
إذ رغم أن الأكثرية العظمى من الشعب الإيراني ملتزمة أهداف الثورة، لكن اعداد المعترضين ليست قليلة كما يظهر من استمرار الاحتجاجات وإن كانت تلك الاحتجاحات قد خفت إلى حد كبير...
أما ما حدث في اصفهان...
نعم الرد يجب أن يكون صاعقا...
رد مدروس صاعق يجب أن لا يتأخر كي لا تدخل المقاومة في محظور "المكان والزمان المناسبين"...
لا يكفي هنا زيادة الدعم للشعب القلسطيني، فهذا شيء طبيعي ويجب أن يكون ويستمر سواء حصل هجوم اصفهان أم لم يحصل...
لكن الرد يجب أن يأتي، ويجب أن يكون مؤلما إلى درجة أن "تسك" ركب نتنياهو وتفهم اميركا وتفهم أوروبا أن زمن البلطجة ولى وجاء زمن العين بالعين والسن بالسن والعقوبات بزيادة السرعة في البرنامج النووي لأن ما حدث وما يحدث في أوكرانيا ليس مجرد درس؛ بل هو لحظة تاريخية يجب استغلالها إلى ابعد حدود لخروج إيران دولة نووية قوية تحسب لها اميركا وأوروبا ألف حساب...
حليم خاتون