كتب البروفيسور الدكتور محمّد كاظم المهاجر:
قدم الأخ العزيز الأستاذ كامل آل ابراهيم مداخلة، حول الموضوع المتعلق بالإرادة الإلهية في الكوارث كعقاب، كما قرأت مقالة أيضا للعزيز الدكتور اسماعيل النجار، بنفس السياق وكذلك العزيز د. عبد الله عبد الساتر، وهؤلاء جميعا من الذين أُقَدِّرُهم وأُقدر كتاباتهم الرصينة والعميقة ، ولكنّ فهمي ورؤيتي، حول الموضوع، تحمل منظوراً آخر لابد من توضيحه، مع الملاحظة بأنَّ الغَوْصَ في عمقه يحتاج مجلداً أو أكثر.
لذا أراني مضطراً إلى الإشارة إلى مصادرَ تُمكِنُ العودةُ إليها، حتى أستطيع الِاختصارَ هنا:
_ موضوع النظام الكوني الإلهي وقوانينه الناظمة، ومفهوم العِلّة والمعلول، واستحالة تسلُّلِ العِلل إلى ما لانهاية، وإنّما تنتهي بالباري، عزّ وجَلّ،الذي هو علةُالعِلل، وأيضاً مفهوم حريةالإرادة التي تتطلبُ العودةُ إليها جهداً كبيراً وجَلَداً وصبراً، في الِاطِّلاعِ على المراجع الهامّة، أي أُمّهات الكتب، الّتي أُشيرُ إلى البعضِ مِنها:
الحكمةُ المتعالية، لصدر الدين الشيرازي، إلٰهيات شفا، لِابنِ سينا، تجريدُ الِاعتقاد، للطوسي، وبدايةُ الحكمةِ ونهايةُ الحكمة، لمحمد حسين الطبطائي ...
_ أما الموضوع الذي عرضه الأستاذ كامل، وأعطى أمثله..... سياقُ المراحل التاريخية، في نشرِشريعةِالله، حيثُ تطلب ذلك معجزاتٍ، لتذليل موانع النشر، وأحياناً الإجراءَ الرّادِعَ.
ولكنْ،عصرَالمعجزاتِ قدانتهى مع خاتم الأنبياء(ص)، باكتمالِ رسالةِ الدين:{اليوم اكملت لكم دينكم ...}.
وأمّا تدخُّلاتُ الخالق في شؤون الخلق، كاستجابةِ الدعاءِ مثلاً، أوْ غيرِه، إنْ هي إلّا مانُسَمّيهِ"لطف الله"، لِرَفْعِ ضررٍ مّا عن عباده، ولكنّ مقولةَ الخيرِ والشرِّ من الله، هي مقولةٌ عن الأشاعرة والجَهْمِيّة،لتبريرِطُغيانِ الحُكّام، وهي مقولةٌ مردودةٌ، وليست مِنَ الإسلامِ بشيء.
أمّا أنّ اللهّ يعلمُ صيرورةَ الوجودِ والغيب، فنقول: نعم، هو اللهُ يعلم الغيب، ولكنّّ ذلك لا يعني صدورَ أمرِهِ تعالى بحتميتِها،أو صدورَها نتيجةَ غضبِه تعالى، أو عقابِهِ دُنْيّوِياً، وأستشهدُبحديثِ الإمامِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ(ع) لِلصّبغِ بنِ نباتة،عندما سأله عن حتميةِالقدَرِوصدوره عن الباري عز وعلا:(مُقتطفاتٌ مِنْهُ، تُمكِنُ العودةُ للحديث كاملاً):
◦ ".....لعلّك ظننتَ قضاءً لازماً وقدراً حتماً؟ لوكان كذلك لَبَطَلَ الثوابُ والعِقابُ والوعدُوالوعيدُوالأمرُوالنهي، ولم تأتِ لائمةٌ مِنَ اللهِ لمذنبٍ،ولا مَحْمَدَةٌلِمُحْسٍن، ولم يكنِ المحسنُ أَوْلى بالمدحِ من المُسِيء، ولا المسيءُ أولى بالذّم ِّمِنَ المحسن .............إنّ اللهَ أمَرَ تخييراً، ونهى تحذيراً، وكَلّفَ يسيراً، لم يَعْصِ مغلوباً، ولم يُطِعْ مُكْرَها ..... )
_ لذلك،إنّ ما أوردتُهُ في مقالتي السابقةِعنهُ:"حاشى لِلّٰه سُبْحانهُ وتعالى أنْ يجعلَ مِنَ الزّلازِلِ تعبيراً عن غضبه،قد جاءت وِفْقاً لما أوردتُهُ أعلاه.