كتب الأستاذ حليم خاتون: أحد لبناني طويل، كلهم لصوص يا صاحبي.
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: أحد لبناني طويل، كلهم لصوص يا صاحبي.
13 شباط 2023 , 07:24 ص


شر البلية ما يضحك...

على الجديد... على ال NBN...

على ال OTV... على ال MTV... على ال LBC...

لن اذكر المنار ليس بسبب براءتها، بل لأن التقاطها على ال You Tube صار صعباً...

كذلك الأمر بالنسبة إلى ال Future التي تعيش هذه الأيام في No man's land...

كل تلك الشاشات ترشح زيتا أكثر من تمثال العذراء...

شاشات تستضيف حثالة الطبقة الحاكمة التي تحاضر في العفة وهي عارية حتى النخاع الشوكي...

لا يستطيع جميع القديسين، لا عند المسيحيين، ولا عند المسلمين... لا يستطيع هؤلاء أن يرتقوا إلى طهارة هذه الشاشات التي تصرخ بأعلى الأصوات ضد الفساد والفاسدين في كوميديا حالكة السواد...

يخال المرء نفسه في حضرة مار مارون في عيده، أو في حضرة الأئمة رضي الله عنهم جميعاً، ولا رضي عن الكثيرين من اتباعهم من جماعة مسيلمة الكذاب الذين استقروا في وطن الارز الذي ما عاد شامخاً، لا على قمم الباروك، ولا على قمم بشري...

بعد الدكتور الياس سابا مع جاد غصن منذ حوالي السنة، عاد الكاتب توفيق شومان بنا في رحلة إلى ذلك الماضي الذي أردنا تحسينه فإذا بنا ننتقل بلبنان إلى أسفل درك من مستويات جهنم...

على ذمة الدكتور سابا والاستاذ شومان، يُحكى أنه مع اندلاع حرب ال ٦٧ فجر الخامس من حزيران، لم يطلع الصباح على رئيس الجمهورية الأسبق شارل الحلو، إلا وقد اجتمع مع رئيس الحكومة الشهيد رشيد كرامي يومها ورئيس مجلس النواب المرحوم صبري حمادة... قبل غياب شمس ذلك النهار كان مجلس النواب قد اصدر تشريع الكابيتال كونترول الذي يمنع على اي كان في لبنان سحب أو تحويل أكثر من ألف ليرة لبنانية إلى الخارج في الشهر، وذلك حفاظاً على القطاع المصرفي وعلى الاقتصاد اللبناني وعلى قوة الليرة...

يومها قام رجال الدولة بما يجب القيام به...

نفس الأمر حصل غداة السابع عشر من تشرين مع اندلاع الحراك...

اجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري...

بعد التشاور مع طبقة الزعامات الدنيوية والدينية من كافة الطوائف، وبعد المشورة من حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، تقرر رفض أي كابيتال كونترول كما زعم الحاكم، ريثما يستطيع جميع هؤلاء تهريب ما يمكن تهريبه مما نهبت أيديهم من المال العام، بالتكافل والتضامن مع جمعية المصارف في لبنان...

هكذا وخلال أقل من ثلاث سنوات طار من المصرف المركزي ما يقارب ال ٢٩ مليار دولار وفقا للبروفيسور بسام همدر، إضافة إلى حوالي عشرين مليار دولار كانت في المصارف وفي السوق اللبنانية، بالإضافة لامتصاص المليارات التي كانت تأتي من المغتربين لذويهم والتي تقدر وفقاً لأكثر من محلل اقتصادي بحوالي ١٨ مليار دولار خلال هذه الفترة، وذلك عبر طبع تريليونات من الليرة دون أي غطاء...

لكن أخيراً... وكما حصل بعد الحرب الأهلية حين أصدر مجرمو تلك الحرب عفوا عما ارتكبت أيديهم...

أخيراً اتفق كل جماعة نظام الرذيلة هذا على مشروع كابيتال كونترول يمنع على اللبنانين ملاحقة كل هؤلاء اللصوص ويشرع كل ما ارتكبه هؤلاء من موبقات ويرفض أي رفع للسرية المصرفية بمفعول رجعي حتى لا يرى غنم لبنان ماذا فعلت تلك الحثالة من أهل النظام وجمعية المصارف والاكليروس بهذا البلد...

خلال ساعة مع حليمة طبيعة على الجديد، عاد بنا الاستاذ توفيق شومان إلى زمن الليرة التي كانت تتربع على عرش العملات...

كذلك فعل البروفيسور همدر على ال OTV...

اكتشفنا أن كل ليرة لبنانية كانت

مغطاة بحوالي ٥٠٠ ملغ من الذهب في رسالة من الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة سنة ١٩٤٩...

اكتشفنا أن الليرة اللبنانية كانت تحتل المركز الرابع بين العملات الصعبة قبل الحرب الأهلية...

اكتشفنا أن الدولة الكندية كانت مدينة للمصارف أيام كان أصحاب المصارف في لبنان مصرفيين وليس مجموعة من اللصوص كما هو الحال هذه الأيام...

اكتشفنا أن شركات فرنسية كبرى كانت تسعر منتجاتها بالليرة اللبنانية يوم كان رجال الدولة في لبنان رجالا وليس مجموعة من رجال المافيا...

اكتشفنا أنه كان لدينا وزير خارجية اسمه جورج الحكيم رد على التهديد بمنع الصادرات الزراعية اللبنانية إلى أوروبا بأن لبنان سوف يفرض رسوما جمركية على كل المنتجات الأوروبية... يومها تراجعت أوروبا وساد شموخ الارز والزيتون...

اكتشفنا أن بيروت كانت عاصمة الشرق الأوسط وان نائب حاكم دبي زارها وتمنى تحويل دبي إلى بيروت أخرى، فإذا المؤامرات تحيل لبنان إلى كتلة من الفوضى الأهلية...

اكتشفنا أنه يوم إفلاس بنك إنترا في الستينيات، قامت الحكومة اللبنانية خلا شهر واحد برد كل الودائع الصغيرة للمحافظة على القطاع المصرفي والمحافظة على الطبقة الوسطى التي تعتبر صمام أمان أي مجتمع...

بينما أمعن رجال نظام الطائف والدوحة في النهب حتى السطو على آخر قرش من أموال المودعين رغم كل كلام العسل المغمس بالسم الذي يطبع قانون الكابيتال كونترول المزيف الذي تريد منظومة الفساد في لبنان تمريره...

تساءلنا عن سبب دخول لبنان الى الشراكة المتوسطية التي حولت البلد إلى مجرد سوق استهلاكي لمنتجات أوروبا التي رفضت في المقابل فتح أسواقها لمنتجاتنا في عبقرية تميز بها نظام رفيق الحريري وشلته...

اكتشفنا أن إميل البستاني كان من أهم من استطاع تحريك الشارع في الغرب ضد العدوان الثلاثي على مصر سنة ٥٦، وأنه كما ابطال آخرون من بلدي وقع ضحية سقوط طائرته...

اكتشفنا أن لبنان كان دينامو الجامعة العربية قبل أن تتحول جامعة عبرية بامتياز...

اكتشفنا أن لبنان تعرض لحصار السعودية، كما تعرض لحصار صدام حسين... وأنه في الحالتين صمد واستطاع تغليب لغة العقل بدل لغة الذل الذي يميز حكام هذه الأيام...

صحيح أن لبنان كان ضعيفا في أكثر من جانب...

صحيح أن لبنان كان مركبا كما هو اليوم على التعددية المذهبية...

لكن رجال الماضي، ورغم كل ذلك الضعف، وكل تلك العصبية المذهبية، كانوا افضل بألف مرة من جماعة الطائف والدوحة الذين رجعوا بهذا البلد قرونا إلى الوراء بدل التقدم خطوات بسيطة إلى الأمام...

سألتني زوجتي لماذا دخلت الى الحرب الأهلية طالما أن لبنان كان على ذاك القدر من السمو...

اجبت بأننا أردنا التخلص من الطائفية وقيام الدولة الوطنية المدنية...

أردنا التقدم إلى الأمام خطوة فإذا بالحركة الوطنية ومنظمة التحرير تفشل فشلا ذريعاً وترمي بنا في احضان الهزيمة واجتياح إسرائيل...

منذ ذلك اليوم، ورغم التحرير وانتصار تموز، غرقت المقاومة في وحول القمامة اللبنانية يوم جلبت لنا ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بدل فرض تطبيق إلغاء الطائفية، ويوم عطلت البلد سنتين ونصف ليأتي ميشال عون شريكا مضاربا مع أهل نظام المحسوبيات والزبائنية السياسية...

ألم يكن الأجدى تعطيل البلد من أجل فرض حل وطني مدني ديمقراطي لهذا البلد ينتشل الناس من حالة القبلية والمذهبية

إلى حالة المواطنة؟

عفوا يا صاحبي... كل أهل هذا النظام لصوص...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري