كتب الأستاذ حليم خاتون: إذا اتفق القردة، سرقوا المحصول... وإذا اختلفوا، أتلفوه
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: إذا اتفق القردة، سرقوا المحصول... وإذا اختلفوا، أتلفوه
حليم خاتون
15 شباط 2023 , 10:24 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

كم هي بليغة كلمات الفيلسوف الإيرلندي جورج برنارد شو حين تلفظ بتلك الحكمة...

كلما اتفقت (توافقت) الطبقة الحاكمة الفاسدة عندنا فيما بينها، نهبت الدولة... وحين يدب الخلاف بين مكوناتها، تدب الفوضى في البلد (يتلف المحصول)...

"القلّة تولد النقار"، يقول المثل العامي عندنا في بلاد الشام...

لذلك المطلوب بناء دول مواطنة وليس توافق مزارع طائفية وأصحاب قلنسوات وأصحاب لفات أنّا كان لونها أو شكلها...

بعد أن نهب حكام لبنان كل ما رأته أعينهم، أو لمسته أيديهم، لم يبقى الشيء الكثير للنهب...

توقف رمي الفتات من العلف لشعب لبنان، فهب الرعاع يحتجون على زيادة ٦ سنت على الواتساب...

هذه هي "القلة" التي ولدت "النقار"...

الذين فوق، لصوص ورعاع... والذين تحت أيضاً...

من يذكر المشادة في اوائل حراك تشرين بين خروف سني وخروف شيعي في الشارع ظهر على الشاشات...؟

الأول يدافع عن فؤاد السنيورة والثاني يرد عليه بالدفاع عن نبيه بري...

الخروف السني "منتوف"؛ كذلك الخروف الشيعي...

الخروف السني خسر أمواله في المصارف؛ الخروف الشيعي أيضاً...

الخروف السني لم يعد راتبه يكفيه أكثر من ثلاثة أيام في الشهر... والخروف الشيعي أيضاً...

ليس بعيدا عنهما، خروف قواتي لم يعد يستطيع شراء علبة حليب اطفال يمعًي بوجه خروف عوني بالكاد استطاع شراء دواء غير فاسد كما كل شيء في هذا البلد...

مجتمع خرفان تقوده قردة...

هل يمكن لهكذا مجتمع أن يوصل إنساناً حكيماً إلى سدة الرئاسة...؟

مجتمع بلا أخلاق...

هل يمكن لهكذا مجتمع أن يوصل إنساناً ذا خُلُقِِ إلى سدة القيادة...؟

إلى أي مدى يمكن لتعاليم السيد المسيح أن تسمو في صفوف القوات أو العونيين... أو مسيحيي الشرق عموماً؟

عندما يصرخ باسيل مطالبا بحقوق المسيحيين، هو إنما يطالب بالسطو على حصة المسيحيين من قرص جبنة السلطة في لبنان... له وحده، دون أكلة الجبنة الآخرين...

عندما يصرخ جعجع بنفس المطالب، وهو يفتش عن حمير جدد يقاتل بها كي يحيا جعجع وستريدا، happily ever after في دولة اللامواطنة...

في لبنان، لا يختلف الخروف الدرزي عن بقية القطيع...

"دخلك يا بيك، نحنا صرماية لجريك"...

يخرج ظافر ناصر أو علي الخليل أو شارل جبور أو سيزار أبو خليل ( أبو الكهرباء)؛ يخرج محمد نمر يحاضر بعبقرية في العفة... كذلك يفعل المخزومي أو ياسين أو وضاح الصادق...

يكاد يموت من الضحك كل الأبالسة...

لقد تفوق عليهم في الأبلسة، كل قردة الطوائف في لبنان...

إنه علم حلال الحرام...

هو دينهم... هو ديدنهم...

صحيح أن المستوى العقلي بين

كل هؤلاء القرود ليس متقاربا...

منهم الأغبياء كثر، ومنهم المحتالين والأفاقين أيضاً ممن يدعي العفة وهو منها براء...

الجميع يتساوى في لغة الانتهازية والتملق والتزلف لمن هو فوق؛ والتنمر والتكبر على من هو تحت في زرع عصبية حيوانية عند الغنم...

الذين فوق، يتجاوزون المذاهب والطوائف؛ يتجاوزون حتى الحدود... يتزاوجون فيما بينهم حفاظاً على نقاء دمهم الأزرق...

بينما يتقاتل الأغبياء الذين تحت باسم المحافظة على شرف لم يعد في فلسطين، بل في فرج امرأة أو عضو رجل خرج على تلك الملة اللعينة...

لأن القردة الذين فوق "متحضرون" جداً، تراهم يتحدثون في الصداقة بين الشعوب ووجوب العيش بسلام مع اسرائيل!!!...

لكن عندما يدور الحديث عن شريكهم في الوطن من المذاهب الأخرى تختفي لغة الصداقة ولغة التعايش...

هل يمكن لتلك الأشكال أن تبني وطنا؟

منذ ما قبل خروج ميشال عون من قصر بعبدا والجدل البيزنطي لا يتوقف عن الميثاق والدستور، ليس فقط على كل الشاشات، بل أيضا في صالون الحلاقة، أو في السرفيس...

كلما التقى لبنانيان، يدور نفس الجدل الغبي عن رئاسة وحقوق طوائف وقانون فصل السلطات وغيرها مما هو ليس موجود اصلا في لبنان، أو في العالم العربي...

عندما كنا في السكن الجامعي، انتشرت مقولة غير بعيدة عن الواقع:

إذا رأيت نافذة غرفة لا تزال مضاءة في الليل... فهذا:

إما صيني "عم" يدرس،

أو إفريقي "عم" يرقص،

أو عربي "عم" يحكي سياسة...

نحن "ولاد العرب"... بما في ذلك الخليط الناتج عن تعاقب الحضارات منذ الكنعانيين وحتى الفرنسيين والانكليز ومن بعدهم الأميركيين والروس...

نحن ابناء حضارة القات أو النرجيلة أو الشاي ولعب الورق أو متابعة المونديال على الشاشات والتعصب لهذا الفريق أو ذاك وربما الدخول في سوق المراهنات حتى...

نحن نبرع في كل ذلك... باستثناء العلم والعمل والحفاظ على مصالح الأمة...

عندما انهار الاتحاد السوفياتي، ركض العرب للزواج من جميلات تلك البلاد ( ربما لأجل تحسين النسل)، بينما هرع الإيرانيون والغرب لشراء العقول...

تطورت إيران إلى المستوى النووي، بينما ركض أهل الخليج لصيد الطريدة (إسقاط الدولة السورية)...

يحتقرنا دونالد ترامب... فيبتسم له ملوكنا ورؤساؤنا...

يضحك علينا بايدن، فنمشي كما الخراف إلى المسلخ الأميركي..

يغتصب عِرضنا الأميركي والاسرائيلي، فيهرع إليهم جموع منا تصفق للتطبيع والتعايش...

ينبح فيصل قاسم على الجزيرة محذراً من تدفق السلاح إلى النظام في سوريا ضمن قوافل إغاثة ضحايا الزلازل التي لم تتجاوز الملاليم، بينما لم يبخس الخليج لتدمير مقومات الدولة السورية بمئات المليارات من الدولار...

تنزل طائرة إغاثة إماراتية في الشام، فننسى طائرات التطبيع والاستثمارات الضخمة في كيان اغتصاب فلسطين...

يا لنا من عرب...

جلنا اغبياء... وعلى رؤوسنا يتربع اولاد القحبة الذين لم يسمعوا انين القدس وصراخها وهي تُغتصب...

في لبنان، يصر مقدمو برامج التوك شو السياسي على محاولة معرفة من سوف يكون الرئيس القادم لجمهورية مزرعة الحيوانات اللبنانية...

هل شاهدتم فيلم Animal Farm لجورج أورويل...؟

كأن هذا هو الحل لأزمة عدم وجود دولة قانون...

كأن أمور كل السلطات بخير...

كأن طارق البيطار لم يرضع من "البيبرونة" الفرنسية قراراته الغبية...

كأن نوابنا لم ذهبوا إلى واشنطن للنميمة على الشريك في الوطن والمطالبة بمزيد من الحصار يُركِع الشرفاء في هذا الوطن...

لنضع على كرسي الرئاسة أي من المرشحين المفترضين، ونتخيل فقط ماذا هو فاعل من أجل إنقاذ المزرعة من الفوضى والانهيار...

ما يحتاجه لبنان، وما تحتاجه الأمة هو رجال شرفاء يفرضون بناء الدولة الوطنية القوية العادلة...

هل نرى على مدى العالم العربي كله هكذا رجال؟

هل بين كل الأسماء لرئاسة الجمهورية اللبنانية من يملك تلك الصفات...؟

يطلب السيد نصرالله مرشحا "عنده ركاب"، يستطيع لفظ كلمة لا حين الضرورة وليس على امتداد الأمة غير زعماءاكبر رأس فيهم تحت جزمة الأميركي...

ماذا لو خرج جوزيف عون وفرض الأحكام العرفية وتعهد بتولي سلطة انتقالية لمدة سنتين يقوم خلالها بتنظيف الوطن من كل الحثالة التي تتحكم به؟

هل يستطيع تخطي غنم الطوائف وإلقاء القبض على فاسد واحد...؟

بل، هل نثق بجوزيف عون ونحن نعرف أنه هناك فقط لأن الاميركيون يريدونه هناك؟

قالها قبل زمن السيد جمال الدين الأفغاني:

لا ينهض بالشرق إلا مستبد عادل...

حتى المستبد العادل جمال عبد الناصر، فشل...

بل،هل في كل هذا الشرق إلا مستبدون لشعوبهم، عبيد لأميركا وعبيد للدولار...؟

متى تستفيق الشعوب وتنتفض على هذا الواقع الذي تعيش فيه أمة ال ٤٥٠ مليون عربي، ليس فيهم من ينطق حرف الضاد بشرف إلا قلة لا يُسمع صوتها...

متى تنتفض أمة المليار ونصف المليار مسلم ونُسَخ القرآن تحرق كل يوم في ساحات أوروبا باسم حرية التعبير؟

متى ينتفض مسحيو الشرق وكنائس المهد والقيامة تحت نير صهيوني جاء من كل أصقاع الأرض يدمر المساجد ويحرق الكنائس تارة على أيدي المستعمر وتارة أخرى بأيدي وحوش الجاهلية العربية من دواعش القرون الوسطى...

في زمن ابي بكر البغدادي ومَن خلفه... لا نرى معتصما واحدا بين الملوك والرؤساء العرب يستأهل أن نسميه بطلا أو حتى... رجلا في زمن أشباه الرجال...

حليم خاتون