بقلم ؛محمد سعد عبد اللطيف -مصر؛
ما بین الحرب والحب حرفا واحدا، كتب الجميع عن الحب، وصفوه بكل الصفات، أعطوه مسميات كثيرة تجاوزت حدود معاجم اللغة وقواميسِها. غريبة هي اللغات كيف تختلف وتتشابه تختلف في مسمياتها، تتشابه في أحاسيسِها، تتسابق وتتنافس في مخزون كلماتها التي تصف الحب. يتفوق الحب، لا تعبر عنه لغة، ولا يعطيه حقه وصف.
کتب الرواٸي العالمي ( غابرييل غارسيا ماركيز ) الحاصل علی جاٸزة نوبل فی الآداب روایتة الشهیرة عام 1985 ” الحب فی زمن الکولیرا ”ياتري من يكتب لنا الحب في زمن الحرب والكوارث والزلازل ، في ديار العرب "
وكم كنت أتمنى أن أكتب عن "الحب"
في يوم "عيد الحب", ولكنني بحثت عنه، فلم أجدة في بلاد تسمي مجازا ديار العرب .
وأيضاً مع ذلك فلم يصل بي الحال إلى درجة اليأس والقنوط وفقدان الأمل في المنفعة التي تحت الشمس ولكنه الواقع الذي أعيشه وأختبره حالياً، وخاصة بعد هذا الكم من الكذب والنفاق والسطحية وثقافة التفاهات وغيرها من السلبيات التي باتت تغلف معظم مظاهر الحياة،
الحب الحقيقي هو أن تحب الشخص كما هو، بشكله ولونه وقوته وضعفه، وأياً كانت ظروفه المادية ومستوى تعليمه وثقافته، وأياً كانت وظيفته ومركزه الاجتماعي ، والسياسي، كثير منا لا يقترب من الأقل منه ثقافياً ، أو مادياً ، أو اجتماعياً، ولا من المختلف عنه عقائدياً. فثقافتنا في جوهرها قائمة على رفض الأخر لأنه مختلف، لم نتعلم مفهوم الحب بمعناه الحقيقي الذي يتجلى في التضحية لمن نحب ،نحن شعوب تُمثل مشاهد الحب وتبالغ في أداء هذا الدور، لكننا في الواقع لا نعي ماهية الحب بمعناه السامي، ولا نمارسه بشكل حقيقي صادق، نحن نحب تملّك من نحب ضمن شروط شكلية ونوعية مسبقة، وهو حب مُقيّد إلى سلاسل العادات المتخلفة، وليس حراً طليقاً. لقد شهدت مصر العام الماضي جرائم قتل باسم الحب ،فأسطورة نهر الحب جفت واصبحت سفك الدماء والغدر وانهار من دموع صرخات اطفال من جحيم الحروب والكوارث والاوبئة
ليس في المجتمع المصري والعربي فقط ولكن انتشرت في بقع كثيرة جغرافيا في بقاع المعمورة ؛ وفي ظل الوضع الراهن تعيش بعض الشعوب العربية مأساة من حروب اهلية، وازمة اقتصادية، وهناك الملايين تتصارع علي الحصول علي قوت يومها للبقاء فقط علي قيد الحياة في "يوم عيد الحب "هذا العام لم اري مظاهر للعيد ؛-
الا عازف العُود في ميادين عاصمة الرشيد وعاصمة الامويين ، وعاصمة المعز لدين الله الفاطمي .وعاصمة قدس الاقداس .وعاصمة عمر المختار وعاصمة اليمن التعيس ،وعاصمة الفنيقيين يعزف لحنا جنائزيا في عيد الحب
لأنه يرى أن الموسيقى غذاء كل شيء، الأحلامِ، والخيالات، والقصص التي تفتنك كي تبقيك حيا. مَن يعزف الموسيقى لا يعزف لحنا فقط، وإنما يعزف القسوة، والحب، والخوف، والوحدة التي یعیشها اللحظه الراهنه ، یُعبیر ما في الروح من مشاعر. کذلك الحب فی زمن الحروب والأوبٸة ، الحب لوحده، أو المعرفة لوحدها، لن يعطونا حياة جيدة ، الحب وحدة لا يكفي ،لقد عشنا لحظة الوباء وعالم مفتوح من حجر صحي والابتعاد عن الاخر فالبعض
نحبّهم لكن مع انتشار الوباء لا نقترب منهم، فهم في البعد أحلى ؛ وهم في البعد أرقى، وهم في البعد أغلى، والبعض نحبهم ونسعى كي نقترب منهم ونتقاسم تفاصيل الحياة معهم ، ولا نصافحهم ويؤلمنا الابتعاد عنهم ويصعب علينا. إنّ القضية اليوم قضية حياة أو موت،
وإما أن نستسلم لهذا الوضع الراهن من حروب وكوارث وأوبئة ، ولکن الحياة أقصر من أن نجعل سعادتنا رهن مستقبل قد لا نراه أبداً ، لذلك علينا أن نجد الحبّ كل يوم في كلّ ما هو حولنا، وإلا قد نستيقظ يوماً ولن نرى من حولنا سوى رعب ، وخوف ، وهواجس وظلمة باردة.، ففي العصور الوسطى، عندما ظهر الطاعون، كان الرهبان ينصحون الناس بالتجمع في الكنائس للصلاة والنتيجة أن العدوى انتشرت بسرعة، هذا مثال عن الحب دون معرفة ، کذلك الحرب العالمية الأولى قدمت مثالًا عن المعرفة دون الحب.
وعلی أصوات الموسیقي الجناٸزیة فی کل میادین العالم ، کانت العلاقة بین آلة موسیقي العُود والعرب الكثير من التشابه، العُود أكثر الآلات تعاسة، والعربُ أكثر الشعوبِ حُزنا، وأكثر البشر تعاسة. العود عاشق لعازفه، والعربي رأى من البلاد الغدر، والخيانة، والحرب، والخوف، وما زال عاشقا لها. عاشقا حتى الثمالة. وما بین الحرب والحب حرفا واحدا،
لقد استطاع العلماء في فترة وجيزة أن يقضي علي انتشار هذا الوباء ويقلل من ضحاياه ولم يمر شهور بعد التعافي من الوباء والخسائر الاقتصادية وانتشار البطالة وحالة الركود الاقتصادي والتضخم لنستيقظ علي حرب شبة عالمية شرق اوروبا وحروب خفية عصفت منذ عام من بداية الحرب علي
ثلث اقتصاديات العالم لتعيش شعوب تحت خط الفقر تصارع فقط علي البقاء علي الحياه. ۔
لذلك عزفت الموسيقي لحن إستغاثة لكل ضمائر العالم علي أصوات أطفال تحت الانقاض من سوريا في شمال وغرب سوريا ومن منهم من هرب من جحيم الحرب في تركيا ؛- في لحظة تسأل نفسك وانت تهرب من الموت من الحرب الي الموت تحت انقاض الكوارث الطبيعية "
ما الفائدة للإنسان من كل تعب هذا الذي يتعبه تحت الشمس والبرد والقصف دور يمضي ودور يجيء … والأرض قائمة إلى الأبد .
والشمس تشرق وتغرب ، وتسرع إلى موضعه حيث تشرق من جديد الريح تذهب إلى الجنوب ، وتدور إلى الشمال وإلى مداراتها ترجع كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن .العين لا تشبع من النظر والأذن لا تمتلئ من ما كان فهو ما يكون فليس تحت الشمس جديد .الانهر الحب الخالد فهو النهر الباقي فدعوة للحب والمحبة يوم عيد الحب .في زمن الحرب والكوارث . .
"محمد سعد عبد اللطيف "
كاتب مصري وباحث في علم الجغرافيا السياسية ""