كتب الأستاذ حسن علي طٰه:
قال تعالى في سورة الروم
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ*}.
صدق الله العظيم
ومن كلامه تعالى نبدأ.
منذأكثرمن أسبوع ومع حصول زلزال شرق المتوسط ( تركيا - سوريا)، والذي أدى إلى عشرات آلاف الضحايا، والعدد في تزايد مضطرد، قد يصل الى مئة ألف ضحية.
ناهيك عن أعداد الإصابات الذي غالباً ما يكون أضعاف عدد الضحايا.
وإلى جانب الضحايا والإصابات، هناك المشردون والذين يقدر عددهم بالملايين .
اما العدد الأكبر، فهو للمرعوبين، على امتداد مساحة تركيا وسوريا ولبنان، والكلام عن عشرات الملايين الذين يشاهدون ما حل بمحافظة هاتاي التركية، وحلب السورية على الهواء مباشرة.
وبعيداً عن الوجه البشع للأمم المتحدة، بقيادة الوحش الأمريكي، وتبعيةِ أوروبا وكثيرٍ من دول الذُّلِّ والتّخاذل العربي حتى آخرِ قطرةِ ماءِ وجه، أصاب الناس حالةٌ من الصدمة، إذ إنّنا لأول مرّةٍ لانعرف على من ندّعي ومِمّن نطلبُ العون! وكيف نطلب العونَ واللُّطْفَ منْ إلٰهٍ بيده الكسْفِ والخسف والرجفة والطوفان؟
ومنعاً لأيِّ إشكاليّةٍ فكريةٍ اثأو عقائديةٍ، قد تمرُّ في خبايا وثنايا العقل، أتت الآيةُ الكريمةُ توضح: {بما كسبت أيدي الناس}.
في خطوة تحمل في طياتها دلالةَ بما كسبت أيدي الناس، قام النظامُ التركي بِاعْتقالِ أكثرَ مِنْ مئةِ مقاول ِ بناء، مِمّنْ وقعت العمارات التي بنوها جرّاءَ الزلزال.
حصل الاعتقال، وغبار بنيانهم المنهارِ كان مازال في سماء تركيا .
بما كسبت أيدي الناس، وبيوت حلب المبنيةُ بِاسمِ العشوائياتِ لعدمِ حيازتِها الحدَّ الأدنى من شروطِ السلامةِ العامة.
ولو افترضا أنّ بيوتَ حلب وهاتاي تم بناؤها وفق الشروط اللازمة، تُرى كيف كان المشهدُ ليكون ؟؟
ألم تكن الأضرارُ أقلَّ بكثيرٍ، وكان بالإمكانِ المساعدةُ على إنقاذ ما يمكن إنقاذُه، لتوَفّرِ إمكاناتٍ يُفتَقَرُ لها الآن،ن ظراً لِحجمِ وهولِ الكارثة.
نعم، بما كسبت أيدي الناس .
ولتبسيط المشهد وتقريبه، ماذا لو حصل ما حصل في بلد مثل لبنان ؟؟
ماذا عن المقاولين في بلد فيه أحقر طبقة سياسيةعلى الإطلاق؛ نهبت شعبها وأثْرَتْ أولادها ونساءها ؟
وماذا عن شعب كرّس الطبقة نفسها في سدة المسؤولية وجدد لها شرعيّتَها في انتخاباتٍ نيابيةٍ لِقاءَ رشوةٍ انتخابيةٍ قِوامُها بِناءٌ غيرُ شرعي على مِساحةِ الوطنِ من عكار وطرابلس إلى الأُوزاعي وحي السلم، وصولاً إلى ساحل صيدا وصور وكل قرية ودسكرة؟
بناءٌ بلا رقيب ولا حسيب، وكيف يراقب من كان همه جمع المال الحرام من محرومي وفقراء بلده؟
تخيل مشهدَ بلدٍ مثل لبنان، لتعرف وتؤمن: بأنّ ما يصيبنا هو بِما كسبت اثأيدينا!
والحمد لله الرحيم اللطيف الكريم.