كتب علي خيرالله شريف:
مقالات
كتب علي خيرالله شريف: "كل كاريش وأنتم بخير"
17 شباط 2023 , 04:17 ص

كتب علي خيرالله شريف: 

ها قد بدأ العدو باستخراج الغاز من حقل كاريش، وأرسل أول شحنة ليبيعها في أوروبا، ونحن في لبنان ما زلنا نلقي الخطابات أمام مدير توتال الفرنسية، وأمام مدير شركة إيني الإيطالية، ونُقِيمُ حفلَ استقبالٍ وتصفيق وترحيب، بوصول الشركةِ القطرية، وننحَرُ لهمُ الخِرافَ، "فيفشخُ" فوقها "الفاشخون"، وأصحابُ الوعودِ التي لا تتعدى مقولةَ "ع الوعدْ يا كَمّون".

بدأ العدو ببيع الغاز، ودخل نادي الدول النفطية، ونحن في لبنان ما زال الغاز عندنا مجموعةَ ألغازٍ لا يعلم حلولها إلا اللهُ والرّاسخون في التنقيب، ومازلنا نعدُّ وُرَيْقاتِ زهرةِ الأقحوانِ، ونقول: "بتقبل شيّا ما بتقبل شيا،بتجبلنا غاز،ما بتجبلنا غاز، بتجبلنا كهربا ما بتجبلنا كهربا".

ومازال مسؤولونا يستعرضون بِزّاتِهم ومحاسنَهم وتسريحاتِ شعرِهم وبريق"قرعاتهم" أمام الكاميرات، ليحدثونا عن مفاوضات الخِزيِْ والعارِ، مع صندوق ِ النقدِ الدوليّ، أوليزُفُّوا إلينا "البُشرى" بتزويدِنا بأربعِ ساعاتٍ من الكهرباءِ يومياً، بعد أن حصلوا على قرضٍ بستين مليون دولار، لدفعِ ثمن الفيول العراقي المُخَفّضِ سعرُهُ،شفقةً علينا ورأفةً بحالنا من الأشقاء.

العدو بدأ ببيع نفطه وغازه، ورئيسُ حكومتِنا ما زال يفتش في قاموس الدستور،وفي أدراجِ مجلسِ النوابِ عن اجْتِهادٍ يسمح له بعقدِجلسةٍ للحكومة، يُمَرِّرُ فيهاالموافقة على شذراتٍ من قراراتٍ ركيكةٍ لا تُسْمِنُ ولا تغني من جوع.

العدو دخل عالم النفط من باب كاريش الواسع، وحكومتنا تطمُرُ رأسَها بين رسوماتِ بِئرِ قانا وخطوط البلوكات الوهمية، ووعود الشركات العرقوبية، ونوابُنا ما زالوا يتناطحون، ويتجادلون على ما يسمونه "الكابيتال كونترول" أو على قوانين لا علاقة لها بما يَحُلُّ بنا، أو بتعدادِ الأوراقِ البيضاءِ والملغاة، في انتخاباتٍ لن يكونَ في حاصلها سوى مَلْءِ كُرسيٍَّ شاغرٍ،لرئيسٍٍ لاحولَ له ولاقوة، في وَسَطِ طبقةٍ فاسدةٍ التهمت الأخضرَ واليابس؛ ثم يخرج علينا عتاعيتهم، على وسائل الإعلام بتصريحاتٍ مُمِلَّةٍ، وفذلكات سُريالِيّة، ومبارزاتٍ قد عفاعليها الزمن.

العدو يسير بكل ثقة وأمان نحو المزيد من الثراء و الرخاء والازدهار، والشعبُ اللبنانيُّ المُوغِلُ في الفقر والعَوَز والقهقرى، يتمنى لو أنّ زلزالاً ضربه، فيكونَ سبباً لِتدفُّقِ المساعداتِ والعطايا عليه، من دول العالم، كما يحصل لإخوانهم في سوريا وتركيا.

نعم إن الكثيرين من اللبنانيين يتمنون، إما القضاءَ في زلزالٍ أو الإيواءفي مخيمات،تأتيهم فيها الوجبات الشهية، من أصحاب المساعي الخيريّة وأصحاب النخوة العربية والإنسانية، بدل أن يعيشوا بلا زلزال، تحت عتبةِ الفقر بأذرُعٍ وأمتار.

لقد وصل بنا الأمرُ أن نتمنى الزلازل، للخروج مما نحن فيه؛ ومَن يدري، ربما يكون الزلزال هو الحَكَم بيننا وبين حُكّامِنا، فيرتاحُ أحدنا من الآخر.

برغم كل الكوارث المعيشية التي تتساقط علينا، تُضاعِفُ حكومتُنا جهودَها لِتجوِيعِنا، تارةً برفعِ سعرِ الدولارِالجمركيّ، وطوراً برفع الضرائب لإفقارنا، وأطواراً برفع أسعار لُقمةِ عيشِنا التي أضحت نادرة، وأحياناً بِرَفْعِ الفواتير لزيادةِ حرمانِنا.؛ ثم يحدثوننا عن خطةِ التعافي الاقتصادي للحكومة.

وزاد الطينَ بِلّةً نيَّتُهم التمديد لرياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان،والتمديدلكل المحسوبين والمتحاصصين والناهبين والفاتكين بما تبقى من البلد الذي كان اسمه لبنان.

بدأ العدو ببيع ما استخرجه من أرضنا ومياهنا الإقليمية التي باعه إياها البائعون عام ٢٠٠٧ و ٢٠١١، وكرست البيعَ حكومةُ ميقاتي الأخيرة والطبقةُ الفاسدةُ الحاكمة، وربما تحاول دوروثي شيا أن تفرض علينا شراء الغاز والكهرباء من كيان العدو، لتكتمل الصورة التي تسعى إدارتُها إليها، ويلاقيها فيها بعضُ الأبواق الداخلية الفاجرة، ألا وهي التسليم بالتطبيع والخضوع لشروط العدو، وعندها سيتمنى بيادقُ الدولةِ العميقةِ أن نقول لهم: عوّضَ اللهُ عليكم، بئر قانابقرْضٍ من البنك الدولي؛ وكل كاريش بوأنتم بخير.

ولكن خسئوا أن ينالوا مايصبون إليه، أليسَ الصُّبحً بقريب؟

الأربعاء ١٥ شباط ٢٠٢٣

المصدر: موقع إضاءات الإخباري