كتب الأستاذ حليم خاتون:
عندما هدد صدام حسين بقصف تل أبيب، لم يأبه له أحد في الغرب... تساقطت بضعة صواريخ، فاتخذ القرار الأميركي وتم تدمير العراق على رؤوس الجميع، وتحويل هذا البلد إلى دولة فاشلة...
لكن عندما يهدد السيد نصرالله برد الصفعة ( الفوضى مقابل الفوضى)، من المؤكد أن الأميركي سوف يفكر ألف مرة قبل الاستمرار في الضغط لاستمرار الحصار الخانق على لبنان...
لكن من الواضح جداً أيضاً أن السعودي يطالب بثمن في اليمن من أجل رفع اليد القاتلة عن لبنان...
عندما يرد السيد نصرالله ويشير إلى التسوية التي حصلت في الترسيم البحري، ويكرر في الوقت نفسه توجيه التحية لثورة البحرين المحقة؛ هو يقول للغرب: كفى...
"لحد هون وبس... لن تنالوا أي ثمن آخر مقابل لبنان... إذا كان لا بد من الصدام، نحن لها..."
طبعا لا يأتي السيد على أي ذكر لاجتماع باريس الخماسي، ولا هو تطرق إلى المباحثات السعودية الإيرانية...
وجه السيد كل غضبه باتجاه الغرب واضعا كل الطرف الآخر في الجيب الأميركي...
هذا له معنى واحد فقط:
مهما كانت نتيجة المباحثات خارج لبنان، حزب الله مصر على تسوية داخلية...
هل يعني هذا أن حزب الله يتجه لفرض مؤتمر تأسيسي أو فرض تسوية وفق منظار ومقاييس تناسبه هو؟
إذا كان حزب الله هو المسؤول عن الملف اللبناني والقرار يعود له وحده بالنسبة لكامل فريق الممانعة، فإنه لا يبدو أن القوات اللبنانية تستطيع تمثيل كل الطرف المقابل...
طالما أن الأمر كذلك، لن يكون هناك حلولا هادئة في المدى المنظور...
تقول معلومات الاستاذ سامي كليب أن لقاء باريس الخماسي اتخذ قراراً بالوصول إلى حل لمسألة انتخاب رئيس للجمهورية قبل تموز هذا العام...
كأن انتخاب هذا الرئيس هو الذي سوف يحل كل مشاكل البلد...
إذا كان الأمر كذلك، هذا يعني ان الغرب سوف يفاوض حزب الله مباشرة، وربما تقوم السعودية بالأمر نفسه...
كل هذا السيناريو يحمل معنى واحداً لا غير...
كما زمن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، قد ننتهي برئيس للجمهورية فعلاً، لكن لن تحل الأزمة اللبنانية بشكل جذري...
بمعنى آخر، تسوية ترقيعية لا اكثر ولا أقل...
تسوية لا تسمن ولا تغني عن جوع...
تماما مثل تسوية الترسيم البحري، سوف يسمح للبنان بحل يكفي أن لا يفنى الغنم ولكن دون الذهاب الى قيام دولة قوية عادلة...
أساسا، هل من الممكن الوصول إلى أي حل؟
قطعا لا...
لا الغرب مهتم بقيام دولة فعلية في لبنان، ولا القوى اللبنانية مستعدة للجلوس إلى طاولة ومحاولة بناء دولة في هذا البلد...
حزب الله غير مستعد للذهاب إلى قيام دولة وطنية ديمقراطية علمانية هي الحل الامثل لهذا البلد المؤلف من فسيفساء دقيقة جداً لأسباب فقهية دينية ربما...
كل المؤشرات الناتجة عن كل حراك الحزب منذ أن دخل السلطة وبعد تفويت أكثر من فرصة لم يقم الحزب خلالها بفرض هذا الخيار كما فعل مع خيار عون أو لا أحد... كل ذلك يؤشر أننا لن نخرج باكثر من تسوية طائفية مذهبية تماثل مشروع بريمر في العراق...
في المقابل، لن تقبل كل الأطراف الأخرى بقيام هذه الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية لأن في هذا موت جميع هذه القوى دون استثناء سواء بسبب طائفية هذه القوى أو بسبب الفساد المستشري داخلها...
هل يمكن لفاسد أن يحاسب نفسه؟
نكتة سمجة...
من استمع الى رياض سلامة يرمي الأكاذيب في لقائه على قناة المدار، رأى كيف يستميت هذا الرجل في تصوير نفسه ضحية وكيف يقلب الحقائق عبر الدفاع عن المصارف وعدم إظهار ما بدد من دولارات في دعمها رغم علمه أنها قامت بمصادرة غير قانونية لودائع الناس...
الاستمرار في طرح حلول لا يقبل بها النظام من مثل الاتجاه شرقا ليس سوى خطاب ما لا يلزم طالما أن هذا الطرح لا يستند إلى قوة تفرضه...
ها نحن نعيش اتجاها متسارعا كل يوم أكثر باتجاه الدولرة الكاملة لاقتصاد البلد دون وازع، وتصوير هذا الأمر على أنه ضبط لارتفاع الأسعار...
الكل يعرف من أين تبدأ الحلول، وكل القوى بما في ذلك حزب الله لا يريد حتى أن يحاول فرض هذه الحلول...
الحل الاول يبدأ أولا وقبل اي شيء آخر بمنع كل القوانين التي تحمي الوكالات الحصرية، والاحتكار الذي تتسبب به هذه الوكالات...
الحل الثاني يقوم على منع الإفلات من العقاب الذي سوف يؤدي إلى إدخال كل الطبقة الحاكمة إلى السجون بعد مصادرة كل ممتلكاتها...
صحيح ان زوجة الاستاذ محمد رعد لم تضع يدها على مشاعات البلد، وصحيح أن الاستاذ محمد رعد لم يضع يده على أملاك الدولة البحرية...
لكن الاستاذ محمد رعد لم يفعل أي شيء لمنع كل الفساد وكل النهب الذي قامت به الطبقة الحاكمة رغم وجوده داخل السلطة التشريعية التي تعتبر سلطة مراقبة على كل السلطات الأخرى...
ثم يا سيد... خرج حليف حزب الله، وزير المال، "الحاج" علي الخليل يعطي ضمانات عن قوة الاقتصاد وضمان الودائع وضمان قوة الليرة...
عفوا يا سيد...
صحيح أن هناك لصوصا مباشرين كبار، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس...
يحق للسيد نصرالله رفض وضع الجميع في نفس السلة عبر شعار
كلهن يعني كلهن...
حسنا، الأكثرية لصوص، ولكن هناك أقلية هي شيطان أخرس...
ليس عند أي كان شك أن حزب الله ثوري بالكامل فيما يخص العداء لإسرائيل...
لكن هناك شكوكا قوية جدا في كل مواقف حزب الله من الفساد المسيطر على هذه الدولة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها...
باختصار شديد جداً...
هذا البلد ما "بيظبط" إلا إذا صار فيه "فك رقاب"، وحزب الله يمنع الناس أن تفك هذه الرقاب...
رغم أنه يعرف أن من العجيب أن لا يخرج الجائع على الناس شاهرا سيفه....
حليم خاتون