كتب الأستاذ حليم خاتون:
"السُنّة أمة"، عبارة لطالما رددها الوزير الدرزي وئام وهاب رغم معارضته الشديدة لرفيق الحريري ومن بعده لسعد وغير سعد من جماعة ١٤ آذار الذين انتظمت معظم الطائفة السُنيّة في لبنان وراءها...
يشكل السُنّة أكثر من ثمانين في المئة من العالم العربي، وحوالي ثلاثة أرباع عدد المسلمين في العالم الذي يناهز المليار ونصف المليار مسلم...
كثيراً ما تم استعمال تعبير "السُنيّة السياسية" للهجوم على التيارات الرجعية التي تمالىء اسرائيل وامريكا...
لكن ما استوجب التوقف عند هذا التعبير هو التساؤل فعلاً، " ماذا لو كان هناك رجلا راديكاليا في العداء لاسرائيل والصهيونية العالمية مع الانفتاح والتعامل بأخوة مع الطوائف الأخرى من أبناء المنطقة العربية أو العالم الإسلامي؛ رجل بقامة السيد حسن نصرالله...
منذ اسبوعين، في مقابلة للإعلامي منير الربيع مع آدم شمس الدين على ما اعتقد على شاشة الجديد، لفت الاستاذ منير النظر إلى الحساسية الشديدة التي تتعامل بها أميركا واسرائيل بشكل عام، والرجعية العربية بشكلٍ خاص مع أي شخصية سُنيّة، لعبت أو قد تلعب دوراً مهما في استنهاض الأمة أو حتى في القيام ولو بعشرة في المئة مما يقوم به السيد نصرالله...
إذا كان تشيع السيد نصرالله قد يشكل حاجزا أو جدارا أمام مئات الملايين من الفقراء السُنّة القليلي الوعي بأمور الدين والدنيا... فإن هذا الحاجز يقع مباشرة إذا كان البطل الداعي للجهاد من الطائفة السُنيّة...
بكل أسف، هذا هو قانون الجاهلية الدينية في الزمن المعاصر...
أشار الاستاذ منير الربيع إلى ثلاثة أشخاص تم قتلهم أو اغتيالهم بعد أن تربعت الولايات المتحدة الأميركية على عرش العالم قطبا واحداً فوق الجميع...
ثلاثة أشخاص تمت تصفيتهم على أيدي من يخاف من اي بعث للأمة العربية أو الأمة الإسلامية...
صدام حسين، ياسر عرفات، ورفيق الحريري...
رغم عدم وجود الكثير من العوامل المشتركة بين الثلاثة، ورغم اختلاف درجة العداء لاسرائيل بينهم، إلا أن القطب الاعظم الأوحد على كل الكوكب منذ ثلاثة عقود لم يستطع تمرير أن يتمكن أي من هذه الأطراف أن يصل إلى درجة إيذاء اسرائيل على افتراض أنه يريد هذا ولو ضمنا...
لقد تجرأ صدام حسين على أمرين بالغي الخطورة بالنسبة للإمبريالية الأميركية:
١- تجرأ على قصف تل أببب بصواريخ سكود أثناء حرب الخليج مفتتحا بذلك عصر الصواريخ الذي أزاح لاحقاً جيش اسرائيل عن مركز الجيش الذي لا يقهر...
٢- تجرأ على رفض بيع النفط العراقي بالدولار الأميركي وهذا ما يشكل ضربة لزعامة أميركا فوق الجميع، أحراراً كانوا أم عبيدا....
الرجل الثاني كان ياسر عرفات الذي رغم كل الاخطاء التي ارتكبها، شكل حالة مقاومة ضد اسرائيل، حتى لو لم تصل إلى الحد الأقصى المطلوب والذي شكل تهديدا وجوديا على اسرائيل على المدى البعيد دون شك...
الفرق بين ياسر عرفات ومحمود عباس هو الفرق ما بين النملة والفيل في مسألتي القدس وحق العودة... وهذا وحده كفيل لإزاحة عرفات عن المشهد...
الرجل الثالث لم يكن سوى رفيق الحريري الذي بدأ حياته مع حركة القوميين العرب، ويوجد تلميحات أنه ساعد في تهريب السلاح لصالح الثورة الفلسطينية قبل أن ينتقل إلى أعلى مراكز السلطة في لبنان والعالم العربي...
صحيح أن رفيق الحريري كان قد تخلى عن مبادئ القومية العربية، وصارت له علاقات وثيقة مع الرجعية العربية ومع الغرب ومع الأميركيين... وصحيح أيضاً إن له علاقات تجارية مع شركات اسرائيلية؛ إلا أن الرجل صار يخدم اسرائيل ميتا أكثر منه عندما يظل حيا...
قتل الحريري في ظروف يستلم التحقيق فيها محكمة دولية أميركية صهيونية، كفيل بالتسبب بفتنة سُنية شيعية، وهذا جيد جدا لاميركا واسرائيل والرجعية العربية...
القاسم المشترك بين الرجال الثلاثة هو الانتماء إلى السُنيّة السياسية والنجاح وصعود نجمه إما داخليا أو خارجيا مما قد يسبب خطرا على مستقبل الكيان الصهيوني خاصة ... لذلك كان يجب إنهاء الخطر في المهد وقبل التسبب بأية مشاكل لاسرائيل واميركا كما فعل صدام حسين... الذي انتقل من خدمة الأميركيين ضد إيران إلى محاولة التغريد وحده زعل مزاجه...
في الخمسينيات من القرن الماضي شكل الرئيس المصري جمال عبد الناصر حالة جماهيرية تماثل وتتفوق حتى على الحالة التي وصل إليها السيد نصرالله...
كان الموقع الطائفي لعبد الناصر أكثر إيجابية مما هو موقع السيد نصرالله الآتي من جذور شيعية...
لم تستطع الرجعية العربية مهاجمة عبدالناصر طائفياً لمنع التفاف الجماهير حوله فلجأت إلى اتهامه بالالحاد بسبب تبنيه نهجا قريبا من الاشتراكية العلمية وتحالفه مع الاتحاد السوفياتي بعد أن رأى من الغرب ما يكفي من التآمر على الأمة العربية لكي يمشي على مبدأ عدو عدوي، صديقي...
حتى عبدالناصر الذي لاقى ربه وهو لا يزال في متوسط العمر، هناك شكوك كبيرة أن يكون تم اغتياله بالقهوة أو على أيدي معالجي التدليك السوفيات حيث احتل الصهاينة سواء كانوا يهودا ام لا، مراكز مهمة داخل الدولة السوفياتية، ويكفي هنا الإشارة إلى مؤامرة الأطباء المتداول ذكرها في عهد الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين...
لم تسمح اسرائيل لنجم الشهيد فتحي الشقاقي بالصعود، كذلك الأنظمة العربية...
هنالك خوف... بل حتى رعب من خروج شخصية موازية للسيد نصرالله عند السُنة وعند أهل بلاد الشام أو بلاد ما بين الرافدين او حوض نهر النيل...
فهذا كفيل بموج بشري جارف من الاستشهاديين وموت كل دعوات التكفير التي تعمل على زعزعة أحوال الأمة...
حليم خاتون