كتب الأستاذ حليم خاتون: السياديون الجدد... نكهة لبنانية خاصة
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: السياديون الجدد... نكهة لبنانية خاصة
حليم خاتون
2 آذار 2023 , 17:18 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

اعتاد المرء السماع أو القراءة عن المحافظين الجدد، عن اليسار الجديد؛.. حتى عن المسيحيين الجدد في أميركا الذين قرروا أن العنصر العربي، حتى لو كان مسيحيا حتى العظم، هو عنصر نجس كما الشهيدة شيرين ابو عاقلة أو الدكتور إدوارد سعيد...

لكن العبقرية اللبنانية أتحفت العالم بنوع جديد، سَلَطَة جديدة مع نكهة لبنانية خاصة من السياديين، يستحقون بكل جدارة تسمية "السياديون الجدد"...

في لبنان... هم منتشرون في كل المناطق، وحتى عند كل الطوائف...

حتى الطائفة الشيعية ارسلت إلى مركز العالم الحر الاستاذ الدكتور البروفيسور فؤاد عجمي الذي ادهش العالم بنظرياته التي تبيح أبادة هؤلاء المتخلفين الذين لا يستطيعون استيعاب مدى تحضر أميركا وعدالتها...

عدالة ظاهرة على مر التاريخ،

من إبادة سكان القارة الاصليين، إلى تجارة الرقيق وتراكم الثروات من عمل العبيد في مزارع القطن، إلى فيتنام، إلى فلسطين، إلى غزو العراق، الى تدمير سوريا... والحبل على الجرار...

انجازات يندى لها الجبين، لكن السياديين الجدد في لبنان لن يتوانوا لحظة عن تمجيد صانعيها...

رغم أنهم يُعرًفون انفسهم تحت شعار السيادة، إلا أنهم يختلفون فيما بينهم في الكثير إلى درجة أن اجتماع اثنين منهم يمكن أن يشكل مناسبة للاحتفال...

لكن فريقاً منهم استطاع بعد طول نضال أن ينتظم في جريدة نداء الوطن...

اسماء ظهرت مرة أو اثنتين على الشاشات... ربما أكثر...

إذا كانت قراءتهم تثير القشعريرة، فما بالك بالإستماع إلى جدليتهم التي لا تبتعد كثيرا عن قاموس الفاشية الإيطالية الحديثة...

ليس اسعد بشارة أكثرهم شهرة، ولا راكيل عتيق... يكفي تصفح الجريدة على رواق بعد أخذ بعض المهدئات لتجد من هذا الصنف شتولا...

السيادة عند هؤلاء تعني الانتظام في معسكر العالم الحر...

لماذا يدعى هذا المعسكر حرا؟

هذه قصة أخرى طويلة إلى درجة عدم اتساع مقالة لها وقد يصل طولها إلى حرب الأفيون في الصين أو تجارة الأفيون في الهند او غزو معظم البلاد من أجل تأهيلها وزرع قيم الديموقراطية فيها... نفس ديمقراطية الفرنسيين في الجزائر، أو استيطان فلسطين والتطهير العرقي والديني الذي يجري فيها....

كل هذا... هو مجرد بضعة شعارات طبقها العالم الحر علينا نحن المتخلفين الذين مهما عملنا سوف نظل مجرد عبيد للرجل الأبيض...

إذا كان اسعد بشارة أو راكيل عتيق أو طوني فرنسيس لا يصدقون... اهلا وسهلا بهم مواطنين من الدرجة العاشرة في العالم الحر... عليهم فقط تغيير شيء ما في أسمائهم أو في سحناتهم...

كيف يمكن لفظ عتيق بالأجنبي...؟

علينا ربما سؤال زياد الرحباني...

عناوين ضخمة يجدها المرء، مثل جبهة المعارضة السيادية...

تنتظم القوات فيها أو تنظمها،قلة فرق؛ كذلك حزب الكتائب...

من غير المعروف إذا كان هذا الانتماء قبل الطائف أو بعده...

الطائف، على فكرة، مدينة في السعوديه لا دخل للبنان بها... لكن هذا غير مهم... المهم النوايا الحسنة...

لذلك يمكن القول إن من شروط الانتماء إلى جبهة المعارضة السيادية هو الارتهان إلى معسكر الاعتدال العربي... لأن هذا المعسكر جزء لا يتجزأ من منظومة العالم الحر...

"خلصنا من عبد الناصر"، مصر بعد عبد الناصر "حرة، حرة، والسوفيات بره بره"...ما علينا...

لا داعي لاسئلة محرجة؟

المهم اعتدال وخلص...

"إعتدال"، قد يكون اسم راقصة مصرية بهز الخصر، أو حتى راقصة خليجية مودرن تقوم بتهيئة الأجيال الخليجية الجديدة إلى عصر (نيوم و٢٠٣٠)...

٢٠٣٠ السعودية وليس برنامج ال LBC، رغم أن الثاني ينظر للأول على أنه الذي سوف ينتشل العالم العربي من الجاهلية إلى عصر التنوير...

ليست مسألة عنصرية، لكن التنوير هنا من كلمة نُور ولا دخل فيها للنَوَر...

ما علينا...

ماذا يريد هؤلاء السياديون الجدد...

اهم عمل بالنسبة لأحدهم هو انتخاب رئيس جمهورية سيادي مثل النائب ميشال معوض ابن البيت الذي لطالما كان يلجأ إلى سوريا حتى ايام البعث والرئيس حافظ الأسد الذي لا يعجب سمير جعجع...

لكن هذا لم يمنع سمير جعجع من الذهاب صاغرا إلى القرداحة لتقديم واجب العزاء...

شو بدكم يا حماعة، سمير جعجع شهم... نسي العداوة وراح بكل فروسية لتقديم العزاء بوفاة الرئيس السوري المتهم من قبل القوات باغتيال مؤسسها بشير الجميل...

قد تكون السيادة بدأت مع اولاد مدرسة بشير حين كان يلتقي مع شارون أو مع بيغن لتنسيق "تحرير" لبنان من الاحتلالين السوري والفلسطيني...

"إيه، بلا مسخرة"...

"مظبوط" كان لبنان تحت الإحتلال السوري الفلسطيني، لذلك ذهب جعجع يعزي بوفاة الرئيس السوري...

أما الفلسطينيون... فقد صار بعضهم من أشد أصحاب سمير جعجع وسامي الجميل...

ألا ينتمون جميعا مع رجال سلطة محمود عباس إلى معسكر الاعتدال العربي...

بالنسبة لهؤلاء أهم هدف هو بناء دولة القانون والعدالة في لبنان...

لكن لهذه الدولة شروط مثل الانضمام إلى معسكر العروبة المعتدلة... (وينك يا بشير تقوم من القبر وتسمع... الجماعة صاروا عروبيين)...

يقول أحدهم ولا وقت للعودة إلى مقاله لتذكر إسمه... في النهاية كلهم من نفس المسطرة...

يقول إن السيادة تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية...

"شو بدك يا عم"، عبقرية لبنانية خارقة...

قانون الانتخاب ليس هو الأهم...

المهم رئيس سيادي مثل ميشال معوض يرتزق من الأميركيين مثل جماعة ال NGOs...

المساواة في الحقوق والواجبات بين كل اللبنانيين ليس بندا مهماً...

حرية المعتقد نقطة ثانوية... المهم أن لا تكون يساري... وإذا كان لا بد من ذلك فعندنا الكاتب محمد علي مقلد من نفس جريدة نداء الوطن...

على كل محمد علي ليس اول من تمرد على الحزب الشيوعي اللبناني قبل أن يتمرد الحزب الشيوعي نفسه على نفسه...

مرة أخرى مسكين بشير الجميل...

على الاقل لو رجع هؤلاء السياديون إلى مقابلة بشير الجميل مع جريدة السفير أثناء حرب السنتين الاهلية، لوجدوا كم هم بعيدون ومتخلفون عن طروحات بشير...

حتى الحركة الوطنية اللبنانية بجلالة قدرها، رفضت طروحات بشير التي كانت على يسار اتفاق الطائف في الكثير من النقاط...

هل يعني هذا أن عبيد العالم الحر هم السياديون الجدد الوحيدون في لبنان...

لا حبيبي...

لبنان مليء بالسياديين الجدد، بما في ذلك في المعسكر المقابل...

يكفي أن الكل متفق على إخضاع اللبنانيين إلى أنظمة الملة التي خرجت منها دول متخلفة كثيرة...

المهم رفض الذمية عند الفريق الأول والتشبث بالحقوق المذهبية عند الفريق الثاني...

في لبنان كل الأطراف سيادية...

لكن لكل سيادي مرجع لا دخل له ببناء دولة قوية عادلة في هذا البلد المنكوب...

دعك من الشعارات...

الدولة القوية العادلة لا تبدأ لا برئيس جمهورية ماروني ولا برئيس برلمان شيعي ولا برئيس حكومة سني ولا بوزراء ونواب ومدراء واحزاب طائفية حتى العظم...

إذا كان جبران باسيل رفض تعيين حراس أحراش مسلمين للمحافظة على التوازن الطائفي، هل يستطيع أحد إبلاغ الناس اين توجد السيادة يا عبيد...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري