كَتَبَ د. اسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. اسماعيل النجار: "الِانفتاحُ العربي على سورية، جَدِّي أم هو مناوراتٌ عربية، في ظِلِّ اصطِفافات المحاور، واستمرار الأزمة والحصار؟"
د. إسماعيل النجار
6 آذار 2023 , 10:20 ص

كَتَبَ د. اسماعيل النجار: 

هُوَ سؤال كبير يحتاج إلى جواب واضحٍ، عمّا يجري من تحركاتٍ عُرْبانِيّةٍ انفتاحيةٍ تُجاهَ العاصمةِ السوريةِ دِمَشق.

الإماراتُ كانت أوّلَ المبادرين وتَلَتها البحرين وسلطنةُ عُمان؛ فهل كانَ أولَ الغيثِ الخليجِيِّ رسالةٌ سعوديةٌ لسورية. لكي تكون مستعدَّةً للعودةِ إلى الحظيرةِ العربيةِ، في المستقبل القريب؟

أم هي رسالةٌ مشروطةٌ، في حالِ قَبِلَت بالعروضِ السعودية؟

أم إنّ الأمرَ لا يعدو كَوْنَهُ خطوةً خجولةً بدأَ بها البعض، وهو يتَلَفَّت خلفَهُ، ليرىَ الرضا أو الرفض في العين الأمريكيةِ، تُجاهَ ما يقومون به، مع دولة شقيقةٍ كانت تربطهم بها، في الماضي، أواصرُ صداقةٍ وأخوَّة وعلاقةُ أشِقّاء؟

في الشكل، الأمورُ تسير على ما يرام، بين دمشق ومجلس التعاون الخليجي، بخطواتٍ متفرقَةٍ، من هنا وهناك، ولكن في الواقع هناك فجواتٌ كبيرةٌ وواسعةٌ بينهم وبينها، من الصعب دملُها بمجرَّدِ زيارةٍ وقُبلةٍ، وعناقٍ بين المسؤولين.

سورية الأسد، بعد النصر على الإرهاب، بَدَت منخرطةًبمشروعٍ تغييريٍّ على مستوى العالم، يستهدفُ هيمنةَ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية، سيدةِ دُوَل ِ الخليج ِ،وصاحبةِ أُحادِيّةِ القرار.

الِاصطفافاتُ الدوليةُ بلغتْ حَدَّها الأقصىَ، والدُوَلُ التي تحاولُ الِانفتاحَ على سورية هي شريكٌ أساسيٌّ بالعدوان عليها، وبكلِّ ما جرى فيها، من قتْلٍ وذبح ٍ،وسفكٍ للدِّماءِ،واغتصابٍ ودمارٍ لا يزال قائماً حتى اليوم.

كما أنَّ هذه الدُوَلَ جُزْءٌ من مشروعٍ أمريكيٍّ صهيونيٍّ يجتاحُ المِنطقةَ، منذ عقود، فعلى أي أساس يُبنَى على هذا الِانفتاح؟!

وكيف نستطيعُ أن نُصَدِّقُ أنّ الأمرَ سهلٌ ويمُرُّ، عند الرئيس بشار الأسد، مرور الكرام؟

سورية واجهَت، قاتلت، صمدت وانتصرت،هذا يعني أنها هي في موقعِ مَن يُملي الشروطَ،ويرسُمُ خرائطَ الِانتماءات، فهيَ ليستْ مهزومةً، ولا تُملى عليهابشروط، هذا أولاً...

وثانياً : إنّ واقعَ الأمرِ ،أنّ سوريا دفعتْ أثماناًباهظةً،جَرَّاءَالحربِ الإرهابيةِ الكونيةِ عليها، و الّتي كانت تقودها الولاياتُ المُتّحِدةُ وتُركيّاوقطرُوالسعودية،فَمَن يريد الِانفتاحَ عليها، وإعادةَ بِناءِ علاقاتٍ معها، يجب أن يُقَدِّمَ الإعتذارَ لها أولاً، والتوقَّفَ عن دعم ماتَبَقَّىَ من إرهابيين ويبدأ بدفع ما يتوجب عليه من تعويضات.

هذا الأمرُ، لكي ينضُج يحتاج ويتطلَّب موافقةً أمريكية، وواشنطن لاتزال في طَورالإعداد للحربِ على سورية مُجدّداً، وترفضُ الِانسحابَ من شمالِها ومن شرق الفرات! وهيَ تُمعِنُ بالتعدِّي على سيادةِ الدولةِ، وتقومُ بسرقةِ النّفطِ والغاز، وتُشَجِّعُ فريقاً من السوريين على الِانفصال، وترفض التفاوضَ معَ دمشق، إلَّا وهيَ مستسلمَة! في الوقتِ الّذي أعلن فيه الشعبُ السوريُّ النّصرَ على الإرهاب، منذ أكثرَمن أربعِ سنوات،وبالتحديد عند تحرير آخر مَعقِلٍ للإرهابيين في مخيم اليرموك والحجر الأسود.

بكل الأحوال، دمشقُ استقبلتْ وزيرَ خارجيةِ الإماراتِ مَرَّاتٍ عِدَّة، ومسؤولين خليجيين، ووزير خارجية مصر، الذي جاء نتيجةَحصولِ الزّلزال، ولم يتجرَّأْ أن يعلنَ موقفاً سياسياً واحداً، تُجاهَ الأزمةِ السوريةِ، لكي لا يُغضِبَ السيدَ الأمريكيّ، فكيف ستكون العلاقات، وعلى أي أساس؟

تفسير الأمرِ أنّ العربَ يُريدون مسحَ إثْنَيْ عشرَ عاماً من الدم والدمار، ببوسَةِ لِحية، بينما سوريا تحتاج إلى أكثر من 400 مليار دولار لإعادة الإعمار، وإلى رفع العقوبات عنها ليتسنىَ لها استيرادكافة الموادِّ اللازمةِ بهذا الشأن، كما تحتاجُ لِتَعَهُّدٍ منَ الأنظمةِ العربيةِ المتصهينَة، بعدمِ التدخل بشؤونِها، وطردِ كافةِ قياداتِ الإرهابيين من بلدانهم،وإقفالِ القنواتِ الّتي تقومُ بالتحريضِ والفتنةِ، وعدمِ التدخلِ في شؤونِها الداخليةِ.

كلّ ما ذكرتُه أعلاه، يجبُ أنْ نتمناه، ولكن في الحقيقة لن يتحققَ منهُ أيُّ شيء، لأنّ كلَّ ما يجري هو عبارةٌ عن محاولةٍ لِسَلخِْ سورية عن مُحيطِها المقاوِم، بعدما عجَزوا عن سلخِها بالحرب، وعندما يعجِزونَ عن سلخِها عن روسيا وإيران، سيزدادُ الحصارُ ويعود التآمرُ، لأنّ حكامَ الخليجِ هؤلاءِ دَيْدَنُهمُ الخراب، وكما تعرفون ونعرف: أنّ جُرْذانَ الأرضِ لاتنالُ السحابَ مهما قفزت عالياً.

سوريا انتصرت...

بيروت

المصدر: موقع إضاءات الإخباري