من جبور إلى قيومجيان: خطاب متوتر ينشد الانعزال ويرفض الشراكة
مقالات
من جبور إلى قيومجيان: خطاب متوتر ينشد الانعزال ويرفض الشراكة
خضر رسلان
10 آذار 2023 , 09:41 ص

من الأمور المتعارف عليها والتي تكاد تكون من البديهيات أنّه عند تشكيل أو تأسيس أيّ هيكلية أو إطار سواء أكان حزبياً أو سياسياً أو شكلاً آخر من منظمات المجتمع المدني أو المؤسسات الأخرى أن يتجه خيار تعيين الناطق باسم الإطار المزمع إنشاؤه ومن يُصار الى تكليفهم سواء في ملفات التواصل والعلاقات أو في الشؤون الخارجية الى أشخاص جديرين بأن يعبّروا عن حقيقة وماهية الفريق الذي يمثلون، لأنهم الصورة والمرآة التي تعكس الجوهر والأسس التي قام عليها الإطار المزمع إنشاؤه، وهم بالتالي موكل إليهم إظهار ما يعتقده ويعمل عليه ويروّج له من أفكار ورؤى بغية تحقيق النتائج المرجوة.
 بناء على ما تقدّم يمكن الاستنتاج أننا أمام أمرين؛ هما المشروع وآلية إظهاره والتعريف به، وبالتالي فإنّ أصحاب هذا الهيكل أو المشروع أو التنظيم أو المنظمة لا بدّ ان يلجأوا الى أفضل الخيارات عند اختيارهم للأشخاص المنوط بهم أن يكونوا رسلاً للتواصل والعلاقات في الشؤون الخارجية والذين بعد اختيارهم تصبح كلّ صولاتهم وجولاتهم تعكس روحية وسنخية العقل الجماعي لمن انتدبهم للمهمة. وفي هذا الإطار هناك الكثير من العينات التي يتمّ انتدابها وتفشل في أدائها إلّا أنّ خطرها يبقى متفاوتاً بحسب الجهة التي يمثلها سواء كانت هذه الجهة سياسية أو حزبية أو إطاراً آخر، لكن العبرة في تأثير الخطاب أو الموقف على الآخرين. وفي هذا السياق يمكن التعريج الى حزب القوات اللبنانية كعيّنة وقراءة لبعض من تصريحات مسؤوليه المنوط بهم التعبير عن مواقفها وتوجهاتها بشكل علني وصريح:

1 ـ شارل جبور: رئيس جهاز العلاقات والتواصل في حزب القوات اللبنانية

ـ 31 تشرين الأوّل 2013: غرّد على صفحته بصريح العبارة: «نعم داعش ضدّ حزب الله… نعم أنا مع داعش».

ـ 24 تشرين الأوّل 2017: تعرّض للذات الإلهية ضمن برنامج بلا حصانة على قناةotv حينما قال: «بشير الجميّل قديس غصب عن الله…» وهذا ما استوجب تقدّم محامين ينتمون الى مختلف الطوائف اللبنانية بدعوة ضدّه بجرم المساس بالذات الإلهية وإثارة الفتن.

ـ 29/12/2022 في موقف عنصري طائفي، يصرّح شارل جبور بصريح العبارة بأنّ «عقيدة حزب الله تجليطة تنتمي الى العصور الحجرية» في مخالفة صريحة للدستور اللبناني وقانون العقوبات اللبناني التي نصّت موادّه على معاقبة كلّ من يعمل على تحقير الشعائر الدينية والنيل من الوحدة الوطنية وإثارة النعرات العنصرية والطائفية والمذهبية.

2 ـ في نفس السياق واستكمالاً لسلوك مسؤول التواصل فيها كان موقف رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب «القوات اللبنانية» ريشار قيومجيان، الذي انبرى الى خطاب عنصري طائفي تعرّض فيه لأحد التشريعات الفقهية لدى المسلمين الشيعة، في تجرّؤ خطير وخروج عن الحدّ الأدنى من احترام معتقدات الآخر؛ وفي ذلك انتهاك صارخ ليس للدستور فقط وإنما لأبسط قواعد العيش المشترك ومعتقدات الطوائف على تنوّعها.
وترتسم عند ذلك علامات استفهام أمام الكثيرين؛ فقد يكون مفهوماً في إطار الخيارات التي تنتهجها الأطراف السياسية ومنها حزب القوات اللبنانية وجائزاً في السياسة، أن تجنح في خياراتها كحال ما سبق من قرارات؛ سواء خلال حروب شرق صيدا والجبل والتي جلبت الويلات للمسيحيّين، أو حين انقلابها على الاتفاق الثلاثي الذي كان بالتأكيد مردوده على المسيحيين أفضل حالاً من اتفاق الطائف، وغيرها من الأخطاء التي حسب الوقائع والتاريخ قد تقع فيها معظم القوى السياسية، إلّا أنّ قضية اختيار قياديين في مواقع أساسية وحساسة وخاصة ممن يتبوأون مناصب يكون منوطاً بهم تقديم صورة التنظيم ومرتكزاته وأهدافه وتصدر عنهم مواقف عنصرية وطائفية تزيد الشرخ بين المكونات اللبنانية، فإنّ هذا الأمر دونه الكثير من التوجس والأسئلة المشروعة؛ وحدّها الأدنى للتساؤل أنه هل يعود ذلك الى الماهية والتوجهات والمرتكزات التي ينطلق منها هذا التنظيم؟ وهل ما يصدر من مواقف جهاراً نهاراً إنما يحمل في طياته أهدافاً خطيرة تعمل على تحضير الأرضية المناسبة لضرب الشراكة الوطنية التي تسالم عليها اللبنانيون، إحياءً لمشاريع العزلة والغيتوات التقسيمية الطائفية؟!
تساؤلات تتضح الإجابة عليها مع ما يحدث من تطورات ومواقف في الآتي من الأيام.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري