كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "التدخل السعودي في لبنان سافر وصَلِف؛ فمَن أولاكُم أمرَنا؟".
د. إسماعيل النجار
10 آذار 2023 , 19:18 م

كَتَبَ د. إسماعيل النجار: 

عندما كان لبنانُ مُزْدَهِراً وساطعاً سرقَ الأضواء، وكانَ السعوديون من بين كافة شعوب الدُوَل العربية الذين يَمَّموا وجوههم نحوهُ، للإقامةِ والسياحةِ والتجارة والعمل فيه.

بموقعهِ الجيوسياسي في الشرق يتمتع لبنان، "وحديثاً" فقط، أي منذ أربعين عاماً بالتحديد، حظيَ بِاهتمامٍ دَوْلِيٍ، لعدَّةِ أسبابٍ أهمُّها حدودُهُ الجغرافيةُ مع فلسطين المحتلة لِوجودِ مقاومةٍ تُهدِّدُ أمنَ الِاحتلالِ الصهيونِيِّ ووجودَهُ هناك.

قَبْلَ وِلادةِ المقاومة، لَم يَكُن يوماً هذا البلَدُ مَحَطَّ أنظارِ أي أحد، بدءاً من قبرص وصولاً إلى واشنطن؛ فسبحان الله!!! كيفَ انقَلَب السحرُ على الساحرِ عندما قررَ شارونُ غَزْوَ لبنانَ، بِالِاتِّفاق ِ مع بشير الجمَيِّل، وقد هدف الإثنانِ إلى إخراج منظمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ منهُ،وتوقيعِ اِتِّفاقِ سلامٍ بين لبنانَ وإسرائيل.

نجحَ شارون والجمَيِّل بإخراج عرفات ومسلحيه من بيروت، ولكنّهما لم يكونا يتوقعان ولادةَ مقاومةٍ ستكون بالمرصادِ وتُهَدِّدُ أمنَ الِاحتلال، بل أصلَ وجودِه وكيانِه من جذوره.

شارون لم يَكُن يعلمُ بأنّ بشير الجميِّل، عندما حَرَّضَهُ على احتلال بيروت، سيأتي، كما يقول المثل: بِالدُّبِّ إلى كَرْمِ الصهاينة،(حاشا المقاومةَ طبعاً)لأنّ وجودَ الِاحتلالِ صنعَ المقاومة، والمقاومةُ أصبحت تهديداًحقيقياً له؛لذلك كان لابُدّ من إنقاذِ إسرائيل، وتعويضِ خسارتِها في لبنان،بخِطّةٍ تأخذهُ نحو السلام معها، فكان اتفاقُ الطائفِ هوالبديلَ،وكانَ النافذةَ التي مَدَّت السعوديةُ يدَها منها إلى لبنان، وتسبَّبت بكل مآسيه.

الطائفُ جاءنا برفيق الحريري، حامل ِ المشروع ِ الأمر يسعودي التفقيري الإفلاسي، ودخلَ الحلبةَ السياسيةَ اللبنانيةَ، تحت شعار: التعليمُ والبناءُ والتطهيرُ الإداريّ، وإعادةُ الإعمار، وإذْ بمشروع الحريري يكشفُ عن وجههِ الحقيقي، خلالَ سنوات، ويتبيَّنُ اللبنانيون أنّهُ جاء لسرقتهم، ومُصادرةِ مُمتلكاتِهم وإفقارِهم، بدءاً من تشكيل الترويكا الأولى وصولاً إلى ١٤ شباط ٢٠٠٥، تاريخ ِ إغتيالِه؛ بعد ذلك توالتِ الأحداثُ في لبنان، ضِمْنَ مُخَطّطٍ مرسومٍ، أمريكياً وإسرائيلياً، كانَ للسعوديةِ اليَدُ الطولى فيه، بِهَدَفِ إفلاسِ الخزينةِ وسرقةِ أموالِ الناسِ وحصارِهم، أي كما يحصُلُ لنا اليوم كلبنانيين، تماماً من دون أي فرق يُذكَر.

التصريحاتُ السعوديةُ، حولَ لبنان بشكل عام،لاتشوبُها شائبة ولكنَّ أفعالَها لا يقبلُها عاقل؛

فاليومَ يُعلِنُ سفيرُ هذه المملكةِ، جهراً وبصلافة، رَفْضَ بِلادِهِ اِسْمَ مُرَشَّحٍ طبيعيٍّ للرِّئاسةِ اللبنانية هوَ(سليمان فرنجية)، ويتدخَّلُ بِكُلِّ وقاحةٍ في الشؤون الداخلية اللبنانية ويُصَرِّحُ في بكركي، بكذبِ الأمريكيّ وعنجهيّتِه، أنه لا يتدخل في لُعبةِ الأسماء، أي إنّهُ يقول الشيءَ ونقيضَهُ في اللحظةِ نفسِها.

لدى السعوديةِ سببانِ لرفض ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة: السببُ الأول، يتعلَّقُ بترشيحِهِ من قِبَل فريقِ المقاومةِ، ودعمِ حِزبِ اللهِ لهُ بشكلٍ مباشر.

والسببُ الثاني، تصريح وزير حزبهِ السابق (جورج قرداحي) بخصوص حرب اليمن.

لكنّ هذين ِ السببين ِ يزولان ِ ويصبحان ِ إيجابيين، ويُصبِحُ سليمان بيك من العائلة الحاكمة السعودية، وبلمحِ البصر، يصِلُ إلى قصر بعبدا، إذا وعدَ حِزبُ اللهِ الرياضَ بالمساعدةِ في حلِّ ملف اليمن، لإنزال محمد بن سلمان عن رأس الشجرة العالق عليه، منذ ثماني سنوات، وفي حالِ تَمَنُّع ِالحزبِ عن المساعدة سيبقى فرنجية شيطاناً مقاوماً لا مكان له في السلطة اللبنانية.

ماذا يعني هذا غيرَ أنّهُ تدخُّلٌ سعوديٌّ علنيٌّ وصَلْفٌ في الحياة السياسيةِ اللبنانيةِ الداخلية، مُترافقاً مع نفاق ٍ سياسي ؟ّ!!!

الإعلانُ السعوديُّ الكاذبُ، بعدمِ التدخُّل ِفي الشّؤون الداخليةِ اللبنانية مُرفَقٌ بدعمٍ أمريكي غيرِ مسبوق ٍ للرياض، في محاولةٍ أخيرةٍ لهم، للحصول على أيَّة إمتيازاتٍ داخلَ لبنان، قد تُتِيحُ لهمُ البيعَ والشراءَبهافي الخارج

لبنانُ مَخرجُهُ الوحيدُ هو إخراجُ اليدِ الغريبةِ منه، والإهتمامُ بالصناعةِ والزّراعة والتجارة اللبنانية، وبغير هذا سيبقى لبنانُ مسرحاً لسفراءٍ الشياطين والمُتشيطنين، وللذي "يسوى وما يسواش".

بيروت في...

10/3/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري