المصالحة السعودية الايرانية في بكين؛ نهاية زمن وبداية ازمنه. ماذا تستطيع امريكا؟، اين ومتى ستضرب الحرب؟
دراسات و أبحاث
المصالحة السعودية الايرانية في بكين؛ نهاية زمن وبداية ازمنه. ماذا تستطيع امريكا؟، اين ومتى ستضرب الحرب؟
ميخائيل عوض
15 آذار 2023 , 17:15 م


تحليل معمق

بيروت؛ ١٥-٣-٢٠٢٣

ميخائيل عوض

الاتفاق السعودي الايراني من منصة بكين خبر ليس عادي وحدث ينتمي الى الاحداث النوعية بل التاريخية المؤسسة لتحولات فرط استراتيجية.

والاكثر اهمية على الاطلاق والاعمق دلالات ليس المصالحة على اهميتها القصوى فحسب. انما المكان والزمان والمضيف.

فهي المرة الاولى في التاريخ الذي تنتقل فيه الصين من الدفاعية والخمول الابدي الى الحيوية والمبادرة، ومن الاقليمية الى العالمية باقتدار وامتياز، وبتحدي سافر لأمريكا والاطلسي وفي اخطر واهم مناطق سيطرتهم ومصالحهم، والاكثر اهمية ان هذه النقلة التاريخية تجري بهدوء وثقة وبوعي وبتخطيط متقن وبعيد المدى.

فالصين انهت مؤتمر حزبها بوثيقة سياسية برنامجية، واقعية عارفة بما هو جار اليوم وبما سيكون غدا وقررت ان الغد يجب ان يكون طوعها هي اولا وعلى نموذجها هي لا مكان فيه للنموذج الانكلو ساكسوني العدواني والمتوحش المتراجع بتسارع.

واتمت مؤتمرها ووثيقته الاستراتيجية بالتجديد لرئيسها واحداث تغيرات نوعية ودالة في قيادتها، فوزيرها للدفاع تحت العقوبات الامريكية، والاعلان عن المصالحة السعودية الايراني في يوم التجديد لولاية ثالثة لرئيسها، وبعد ان زادت موازناتها العسكرية، واعلنت انها ستمتلك جيشا فولاذيا، وبمستويات عالمية.

الصين الخاملة تحولت الى قوة هجومية مبادرة دبلوماسيا واقتصاديا وتقترب من المبادرة العسكرية وقد امنت نفسها اولا اقتصاديا، وكأكبر واحدث قوة بحرية عالمية، وتتساند مع الدور الروسي الهجومي عسكريا، ودبلوماسيا، ومستفيدة من الحرب الاوكرانية ومساراتها ومستعدة بل مساهمة في تسريع انهيار الاقتصاد الرأسمالي في حقبته الليبرالية المتوحشة وتستعجل الانهيار.

فقد كرست نفسها وعملتها قطبية عالمية وامنت تبادلاتها التجارية بالعملات الوطنية وانشات شبكة العلاقات المصلحية التفاعلية مع شنغهاي والبريكس وافريقيا وامريكا اللاتينية، ومع الهند وباكستان، وعندما حان الوقت ضربت ضربتها في الخليج ومع اهم واخطر منتجين للنفط والغاز، والبتروكيماويات وفي قلب قلب العالم، فحققت مكسبا وخطوة غير مسبوقة في تاريخها واعلنت تسوية بين قطبين اقليميين احتربا لأربعة واربعين سنة في مختلف الساحات والمسارح وعطل صراعهما الاقليم من التطور وحرمه من استعادة مكانته في العالم وبين الامم.

استضافت الصين في وقت مدروس جدا الحوار لأربعة ايام وانجزت المهمة التي بدأت في بغداد وسلطنة عمان وتم اعلان الاتفاق ببيان رسمي وباحتفالية اعلامية عصفت بإسرائيل وحكومتها اليمينة وهزت مكانتها واسقطت كل رهاناتها واستراتيجياتها كالتتبيع والابراهيمية وصفقة القرن ومحاولات بناء خط دفاع اقليمي عنها وهي مأزومة، وجعلت من تهويلها واستعداداتها لحرب ضد ايران موضع تساؤلات .

فاجأت الخطوة امريكا واربكتها وهزت سمعتها وكشفت عن انحسار سيطرتها وهيمنتها في العرب والمسلمين وانحسارها من الاقليم وجاءت خطوة الاعلان عن المصالحة بين ايران والسعودية، بمثابة طلقة الرحمة واخر المسامير بنعش الهيمنة الامريكية والعالم الاحادي والعالم الانكلو ساكسوني وقد لا تكون مسألة عابرة تلازم المصالحة وتعويم الصين في الاقليم الحاكم بتوازنات العالم والمقرر من يسود ومن ينهار، فجاءت الخطوة كإشارات بداية انهيار وافلاس القطاع المصرفي الامريكي الأوروبي تعبيرا وتجسيدا للتحولات التاريخية العالمية الجارية، وفي الغالب دلالات التفاهمات الايرانية السعودية من بكين، تخط اول حروف ازمنه لتاريخ جديد تستعيد فيه اسيا مكانتها ودورها ويعود الاقليم حاكما وشريكا في تقرير مصيره ومصائر القوى العالمية والاقليمية.

غدا؛ ماذا عن الرابحون والخاسرون

٠٠٠/ يتبع

 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري