كتب الأستاذ حليم خاتون:
يقال إن لبنانياً ذهب عند بصارة قبل اندلاع الأزمة في لبنان يريد معرفة المستقبل...
بعد أن نظرت البصارة كثيرا في كرة زجاجية ملونة أمامها، وبعد استشارة عدة مستشارين من الجن من أهل الاختصاص، نظرت إليه بحسرة وقالت:
"امامك عدة سنوات من ضيق الحال تتعرض فيها للسرقة والنهب والطعن واغتصاب الحقوق و"الدعس والرفس" بين الأرجل تكاد فيها ان تتمنى الموت على هذا الذل..."
"وماذا بعد هذه السنوات العجاف؟ هل سوف تفرج إنشاءالله"... سأل الرجل اللبناني البصارة...
"بعد عدة سنوات سوف تعتاد على "أكل الخرا والبهدلة"...
وسوف تقضي بقية حياتك في الذل دون أن يغيظك كل ما سوف يحصل لك من قرف وسوء... سوف تعتاد!!"...
لم نعد نعيش في الخمسينيات، ولا في الستينيات...
لن يخرج ضابط يعلن البلاغ رقم واحد...
اساسا، هذه الانقلابات يمكن أن تنجح في كل البلاد العربية باستثناء لبنان وفلسطين...
"حظنا هيك"
"نصيبنا في الدنيا هيك"
في فلسطين، عندهم سلطة اخت شحطة في رام الله...
سلطة تذهب إلى العقبة وإلى شرم الشيخ تبيع ما تبقى من فلسطين وسط غضب الفصائل في غزة التي يصدق عليها المثل القائل،
"كلب داشر ولا سبع مربوط"...
يحتار الفلسطيني في أمره...
"السلطة بنت ستين الف كلب، فهمنا... لكن الفصائل في غزة، لا "طلعت" من الكلاب الداشرة، ولا يبدو أن بينها وبين "السباع" قاسم مشترك...
يسأل المرء نفسه، من المذنب؟
هل هم أهل الضفة الذين يرضون بهكذا قيادات عفنة، أم هي القيادات نفسها؟
حتى المال الذي يبيعون به فلسطين هو أموال ضرائب الفلسطينيين المحتجز من قبل الإحتلال...
أما في لبنان...
يرحم الله الاحياء قبل الأموات...
الكلاب الداشرة تنهش في كل ما تبقى من عظام عند الناس، بينما قام السبع بربط نفسه بسلاسل وزاد صوته علة...
عدة سنوات مرت ولا يزال حزب الله يحاول أن يقنع الحلفاء والخصوم على حد سوا بوجوب الاتجاه شرقاً...
هو في السلطة... هو أحد أحزاب السلطة... ويطلب منا نحن الذين بين الأرجل لا حول لنا ولا قوة، أن نفعل شيئا...
كلما سأل أحدهم حزب الله عما يحدث تتجه الملامة مباشرة صوب نجيب ميقاتي أو القضاء المهترئ وكأن لا دخل لحزب الله بتربع ميقاتي على عرش السلطة في لبنان، ولا ذنب لحلفائه بالقضاء العفن الموجود...
كأن لا دخل لحزب الله بكل الخبيصة التي تدور...
أمس أيضاً، خرج السيد نصرالله يلوم الناس لأن الحكومات التي يساندها هو لا تقوم بأي شيئ للخروج من الأزمة...
قبل ثلاث سنوات، رفض أحد مواقع حزب الله نشر مقالة لي فيها انتقاد للرئيس ميشال عون، حليف المقاومة...
هذا تابو، قيل لي...
كيفما أدار المرء رأسه يصطدم بحقيقة أن هذا البلد صار عصفورية بالكامل، مرضى وممرضين وأطباء...
الكل يدور حول نفسه والكل يظن أن الباقين هم من يدور...
استضاف أمس الإعلامي سامي كليب الدكتور أسامة سعد رئيس التنظيم الشعبي الناصري، والسيد حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني بصفتهما يمثلان الوجه الآخر من بؤساء من يقود الجماهير اللبنانية...
أول ملاحظة هي أن الدكتور أسامة لا يختلف عن كل أحزاب لبنان والسلطة والناس الذين ينتظرون منة خليجية تنقذ البلد... باختصار شحادة بشحادة...
الدكتور أسامة يريد وضع قرار استعمال السلاح بيد السلطة التي يعرف انها اخت شحطة...
يقول الدكتور أسامة أنه طرح برنامج إقامة جبهة وطنية على نواب التغيير الآتين من المريخ ولا يشرح لنا كيف ولماذا يفشل هو في الاتفاق مع أكثر من أربعة أو خمسة تنظيمات ناصرية في لبنان على حد أدنى من التنسيق..؟
يحق للدكتور أسامة انتقاد حزب الله شرط أن يأتي هذا النقد من على يسار الحزب وليس عن طريق التآلف مع نائبة القطاع المصرفي في لبنان پولا يعقوبيان...
لكن كل ما يقوله الدكتور أسامة كوم، وما قاله السيد حنا غريب كوم آخر...
لا ينفي امين عام الحزب الشيوعي اللبناني الذي كان يصرخ بأعلى صوت ضد حيتان المال؛ لا ينفي أن الحزب الشيوعي ساهم في إيصال الدكتور الياس جرادي إلى البرلمان...
لا يشرح لنا الرفيق حنا كيف يرشح الشيوعي جرادي أحد أهم حيتان المال في لبنان، نعمت فرام لرئاسة الجمهورية...
كما لا يشرح لنا السيد حنا غريب ما الذي يجمع الحزب الشيوعي العلماني الذي يريد انتخابات خارج القيد الطائفي مع لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى أساس القانون النسبي؛ ما الذي يجمعه مع حزب الكتائب الطائفي المذهبي الذي يصر على انتخابات وفق القيد الطائفي على أساس اكثري ودوائر سوبر صغيرة تنتج لنا ديوك احياء بدل انتاج نواب أمة...
لا أحد ينكر على الحزب الشيوعي الأسبقية في المقاومة...
لكن هل يمكن للحزب أن يشرح للشيوعيين سبب الدونية التي ميزت علاقة الحزب طيلة الحرب الأهلية مع التقدمي الاشتراكي ومع المقاومة الفلسطينية قبل الوصول إلى التزلف لعبد الحليم خدام وغازي كنعان من أجل حصة في سلطة النهب الحريرية؟
من المؤكد أن المرء الذي ينظر إلى الواقع اللبناني من كل الجوانب يصل إلى حقيقة أن كل الأحزاب الموجودة، سواء يسارية كانت أم وطنية كما حزب الله غير جديرة بقيادة الناس لأنها تفتقد الثورية اللازمة للقيادة...
يا اخي... حزب الله يقولها بعظمة لسانه إنه غير قادر ولا يريد حتى لو كان قادراً؛ لا يريد القيام بثورة... يعني خلي العفن موجود...
لا الدكتور أسامة ولا السيد حنا غريب ولا مسؤولي حزب الله يشيرون إلى القرارات الأساسية الواجب اتخاذها في أية خطة إنقاذ والقائمة ليس فقط على الحلول السياسية أو التقنية من أجل البدء فعلا وفورا في خطة الإنقاذ والقائمة على وضع اليد على أملاك كل المسؤولين في كل المواقع، لأن القانون واضح في القول بأن يتحمل أي مسؤول الخسائر الناجمة عن سياساته الخاطئة من ماله الخاص...
لا يعرف المرء حتى اليوم سبب عدم مصادرة كل المصارف مع كل ما تملك داخل وخارج لبنان وحبس أصحاب هذه المصارف والمساهمين وكبار المدراء...
المأساة الكبرى أن جميع الأحزاب ،من أقصى اليمين المتخلف إلى أقصى اليسار اللفظي مرورا بالمقاومة ينتظرون منة الشحادة الخليجية أو الغربية لإنقاذ لبنان بدل البدء فورا بإجراءات نقل الاقتصاد من الدعارة التي تعتمد على بره، إلى إنتاج يأكل مما يزرع، ويلبس مما يصنع...
ألا يعني كل هذا أن جماعات المصارف التي نهبت يتمتعون بحماية سلطات في الدولة رجالها فوق القانون؟
في مقالة في جريدة الأخبار، ذكرت الجريدة أن المدعو انطوان الصحناوي هو الذي اقنع وليد جنبلاط بترشيح ميشال معوض للرئاسة...
وفي تلفزيون الجديد يقول البوانتاج أن نفس انطوان الصحناوي قد وعد صديقه فرنجية بإعطائه اصوات النواب الذين يمون عليهم...
ثم نعرف أن انطوان الصحناوي هو صاحب مصرف سوسيتيه جنرال الذي امتص مئات ملايين الدولارات من السوق قبل انفجار الأزمة عبر استعمال أموال المودعين وقام بشحنها إلى الخارج...
يقول لنا رضوان مرتضى أن القاضي علي ابراهيم رضي بعدم ملاحقة هذا الرجل...
هل نحن أمام احجية؟
ألا يظهر فورا أننا كنا ولا نزال ضحية مؤامرة داخلية خارجية كانت تمسك بخيوط كثيرة في البلد...؟
من المسؤول، القيادات ذات الرؤوس المتحجرة ام الناس التي تعيش في الذل ولا تفعل شيئاً؟
القصة فيها وجهة نظر...
حليم خاتون