كتب الأستاذ محمد النوباني,
صحيح أن السبب المباشر للصراع المحتدم حاليا بين مكونات المجتمع في الكيان الإسرائيلي هو الموقف من التعديلات القضائية التي ينوي بن يامين نتنياهو واحزاب الصهيونية الدينية فرضها على المجتمع الإسرائيلي.
حيث ترى قوى "الصهيونية العلمانية" أن من شأن تلك التعديلات تحويل "دولتهم" من برجوازية ديموقراطية إلى دينية مما سيجعل العيش فيها متعذراً.
وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد عندما أكد يوم أمس بأنه في حال تم إقرار التعديلات القضائية فإنه سوف يغادر إسرائيل ولن يعود إليها.
فنتنياهو يريد فرض تلك التعديلات ليتسنى له حماية نفسه من المحاكمة بتهم الفساد ،فيما تريد احزاب الصهيونية الدينية فرض تلك التعديلات للسيطرة مرة وإلى الأبد على مفاصل القرار السياسي والأمني والعسكري في الكيان.
ومع ذلك يخطئ من يعتقد بأن التعديلات القضائية والموقف منها هي التي إستولدت المشكلة الحالية في إسرائيل.، فهذه المشكلة ناجمة عن اسباب اكثر عمقاً ومن ضمنها عجز الحركة الصهيونية عن كسر إرادة الشعب الفلسطيني والقضاء على مقاومته للمشروع الصهيوني ، وتراجع مقدرة الجيش الإسرائيلي على شن الحروب العدوانية كأسلوب مجرب للهرب من الازمات الداخلية التي تعاني منها إسرائيل، و تفاقم الصراعات السياسية والإثنية والدينية في داخل الكيان ووصولها إلى مرحلة اللاعودة،
على ضوء ما تقدم فإنني لا ابالغ إن قلت بأن ما يجري حالياً في الكيان الإسرائيلي هو إرهاصات حقيقية لحرب أهلية ومقدمات لتفكك المشروع الصهيوني.
فالتناقضات بين مكوناته واطرافه السياسية لم تعد ثانوية بل آخذه في التحول من إلى تناحرية.
وتحولها إلى هذا الشكل غير السلمي سيؤدي في البداية إلى إنقسامات في كل ما هو قائم من مؤسسات وربما إلى تفكك الدولة الواحدة وإقامة دويلات يهودية على انقاضها واكنه سينتهي بالضرورة بإنهيار وتفكك المشروع الصهيوني برمته.
ولن يغير من صحة هذا التقدير للموقف حتى لو اقدم نتنياهو على تعليق التعديلات القضائية، لأن التعليق لن يلغي اسباب الأزمة الحقيقية التي هي اكثر اهمية وعمقاً من التعديلات كما أشرنا في المقالة.