ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن الوجود الأمريكي غير الشرعي على الأرض العربية السورية, ولن تكون الأخيرة بالطبع فما تشهده الأيام الأخيرة من تطورات تؤكد أن العدو الأمريكي سوف يجبر على سحب قواته المحتلة للأرض العربية السورية, وهنا لابد من التذكير بأن هذا العدو الأمريكي على مدار تاريخه العدواني لم ينسحب طواعية من أي دولة قام بالعدوان عليها, فحقائق التاريخ تؤكد أن انسحابه من فيتنام كان تحت ضغط المقاومة الفيتنامية التي قتلت ما يزيد عن 50 ألف جندي أمريكي, ونفس الأمر تكرر في افغانستان حيث تكبدت قواته خسائر فادحة اضطرته مؤخرا لانسحاب مهين, وبالطبع لا يمكن أن ننسى انسحابه من العراق تحت ضغط الضربات الموجعة من المقاومة التي كبدت قواته خسائر هائلة, واليوم تستهدف القواعد العسكرية الأمريكية غير الشرعية على الأرض السورية بطائرات مسيرة وتقصف بصواريخ جعلته يفقد صوابه, وبعدما صوت الكونجرس الأمريكي برفض الانسحاب من سورية فسوف يضطر تحت ضربات المقاومة البطلة والشجاعة للانسحاب صاغرا كما تعود دائما.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد خاضت حربها العدوانية على سورية منذ مطلع العام 2011 ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد والذي تسعى من خلاله لتقسيم وتفتيت الوطن العربي, ولم تدخل الولايات المتحدة الحرب مباشرة بل دخلتها بطريقة غير مباشرة عن طريق الوكلاء الإرهابيين فقد قامت بتجنيد الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل تحت رعايتها تاريخيا، وساعدتهم في الدخول للأرض العربية السورية عبر وكلاءها من الأنظمة المتاخمة للحدود العربية السورية، وبالفعل تم جلب ألاف الإرهابيين من كل أصقاع الأرض لخوض حرب شوارع وعصابات في مواجهة الجيش العربي السوري، في معركة يعلم الأمريكي جيدا أنها لن تكون في صالح أي جيش نظامي فقد هزم الجيش الأمريكي بقواته النظامية في فيتنام ثم أفغانستان ثم العراق في مثل هذا النوع من الحروب، لكن خاب ظن العدو الأمريكي حيث نجح الجيش العربي السوري في مواجهة جحافل الإرهاب وتمكن مع الحلفاء من تجفيف منابع الإرهاب على كامل الجغرافيا العربية السورية، في معركة طويلة الأمد سوف تدرس في كبرى الأكاديميات العسكرية العالمية، ومع فشل الوكلاء الإرهابيين على الأرض حاول الأمريكي تجنيد بعض القوى الداخلية الخائنة والعميلة والتي باعت وطنها لصالح العدو الأمريكي والتي تمثلت في قوات قسد الانفصالية الكردية، ولم يكتفي العدو بذلك بل قام بإدخال قواته العسكرية ليحتل بعض الأراضي العربية السورية ويفرض سيطرته على بعض الموارد الاقتصادية الهامة للدولة العربية السورية وفي مقدمتها مصادر الطاقة, حيث تمت السيطرة على أبار النفط في منطقة الجزيرة بشمال شرق سورية, وتتم سرقة النفط ونقله بواسطة صهاريج للقواعد الأمريكية بالعراق.
ولم تقف الدولة العربية السورية مكتوفة الأيدي أمام هذا العدوان الأمريكي المباشر على أراضيها وعلى مدار السنوات الماضية تطالب الحكومة العربية السورية قوات الاحتلال الأمريكي بالانسحاب والكف عن العدوان وسرقة النفط السوري, والعدو الأمريكي لا يستجيب لكل المناشدات السلمية ويؤكد كذبا وزورا أن وجود قواته لمكافحة الإرهاب على الأرض العربية السورية, في حين أن العالم أجمع قد أصبح الآن على يقين من أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي الرسمي للإرهاب في العالم, وجاءت الضربات الصاروخية الأخيرة للمقاومة ضد القواعد الأمريكية لتؤكد بأن مرحلة جديدة من المقاومة المسلحة ضد قوات العدو الأمريكي قد بدأت بالفعل لإجباره على الانسحاب, في وقت تتغير فيه الخريطة الاقليمية والدولية بشكل متسارع, فالعدو الأمريكي يفقد قطبيته الأحادية للعالم في ظل تصاعد الدور الروسي والصيني ليتحول العالم بفضلهما إلى عالم متعدد الأقطاب, وفي نفس اللحظة يتقدم القطبين الجديدين ليعيدا ترسيم خرائط اقليمنا ليفقد العدو الأمريكي جزء مهم من تحالفاته الاستراتيجية في الإقليم, ففي الوقت الذي تمكن القطب الصيني من عقد اتفاق مبدئي لإنهاء الصراع الإيراني – السعودي, يسعى القطب الروسي لعقد اتفاق سوري – تركي لإنهاء الاحتلال التركي للأراضي العربية السورية, وهو ما يجعل تحرك المقاومة تجاه القواعد العسكرية الأمريكية في سورية مقدمة طبيعية لإنهاء حالة الاحتلال, بعدما تأكد العدو الأمريكي أن مشروعه قد هزم على الأرض العربية السورية, ولم تتوقف الهزيمة عند هذا الحد بل هزم مشروعه في الإقليم, وتراجع دوره بشدة على الساحة الدولية، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
بقلم/ د. محمد سيد أحمد