مقدمات لا بد منها وقرار حان تنفيذه
دراسات و أبحاث
مقدمات لا بد منها وقرار حان تنفيذه
م. زياد ابو الرجا
5 نيسان 2023 , 08:28 ص


*ان الكيان الصهيوني على ارض فلسطين هو مشروع ذو شقين, الاستعماري والاستيطاني الصهيوني .جوهره وعماده جيش ومجتمع " اسبارطي" له دولة بمهمة وظيفية محددة وهي الابقاء على الانقسام السياسي والتخلف الاقتصادي.يتم تمويل المشروع ورعايته وتسليحه وتدريبه كقاعدة متقدمة للاستعمار العالمي واكبر حاملة طائرات ثابتة في العالم ولسلامة امن القاعدة يجب تطهيرها عرقيا من السكان الاصليين.

*تم اختبار دور الكيان في العدوان الثلاثي على مصر.

* حقق الكيان اكبر انجازاته في حرب حزيران ١٩٦٧ والتي احتل فيها كامل التراب الفلسطيني والجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية.واهم شيئ انه وجه ضربة قاصمة للمشروع القومي العربي الذي قاده جمال عبد الناصر.

*وضعت حرب تشرين/ اوكتوبر ١٩٧٣ وجود الكيان على المحك وتداعت الدول الاستعمارية وعلى راسها امريكا لاخراج الكيان من محنته عسكريا وسياسيا.كان محصلة ذلك اتفاقية " كامب ديفيد" التي اخرجت مصر من الصراع العربي الصهيوني وفرت مظلة الامان للكيان.

*ادى قيام الثورة الاسلامية في ايران وموقفها من الصراع العربي الصهيوني حيث وسعت نطاقه وبشكل واضح وجلي على انه (( صراع اسلامي صهيوني وان الكيان سرطان يجب اجتثاثه وان امركا الشيطان الاكبر الراعي للكيان )) من اهم النتائج التي ترتبت على انتصار الثورة الاسلامية انطلاق حركات مقاومة اسلامية فيي لبنان طليعتها حزب الله وفي فلسطين حركة المقاومة الاسلامية " حماس" وحركة الجهاد الاسلامي

* في ظل الخلل الاستراتيجي الذي احدثته الثورة الاسلامي في ايران دفعت امريكا بصدام حسين لمحاربة الثورة الايرانية ووضع حد لتداعياتها الا انها صمدت وخرجت اصلب عودا. وخلال تلك المرحلة من الصراع اراد الكيان الصهيوني ان يقدم اوراق اعتماده للمركز الامبريالي ويثبت قدرته وصلاحيته. قام باجتياح لبنان واحتل اول عاصمة عربية " بيروت" واخرج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.

* كان من البديهي ان يستدعي احتلال لبنان نقيضه المتمثل بالمقاومة الشعبية بكل اشكالها وصورها ومحركها الرئيسي حزب الله.ففي الوقت الذي كان فيه جنرالات البنتاجون والكيان يشربون نخب انتصارهم في لبنان قامت المقاومة اللبنانية بتفجير مقر قوات المارينز في بيروت ومقر قيادة الاحتلال الصهيوني في الجنوب.

*استمرت المقاومة اللبنانية بالتصاعد كما وكيفا حتى ارغمت قوات الكيان على الفرار من لبنان تحت النارفي ايار ٢٠٠٠ .قد يجادلك الطابور الخامس ومنظمات ما يسمى المجتمع المدني وعلى راسها ال N.G.O.بالقول ان الكيان خرج من لبنان بقرار تكتيكي، لكني احيلهم الى سيدهم الذي وظفهم(( المخابرات المركزية الامركية )) وعلى لسان اعلى مسؤوليها

ROBERT BAER في كتابه THE DEVEL WE KNOW حيث يقول بالنص Something extraordinary occured in may 2000 for the first time in Middle- Eastern history, a small guerrilla force defeated a commited, western equipped and trained conventional army unit.It's defeat in Lebanon,Israel had never lost a war .This marked the first time Israel ceded land under force of arms.

بما معناه (( ظهر شيئ غير عادي في شهر ايار ٢٠٠٠ حيث انه للمرة الاولى في التاريخ الحديث للشرق الاوسط تستطيع قوة صغيرة من مقاتلي حرب الغوار من الحاق الهزيمة بوحدة جيش ملتزم ومسلح ومدرب من الغرب في لبنان. لم يسبق لاسرائيل ان خسرت حربا. كان هذا علامة فارقة انه لاول مرة ترغم فيها اسرائيل على التخلي عن ارض تحت قوة السلاح.

*منذ ان وطأت اقدام الجيش الامريكي والناتو ارض العرب بعد غزو صدام حسين لدولة الكويت ومن ثم تحريرها واعادة الشرعية اليها وما تلاه من حصار العراق وتجويع شعبه العربي الكريم ومن ثم احتلاله في اذار ٢٠٠٣ واسقاط عاصمة الرشيد حاضرة العباسيين . بعد ذلك حط كولن باول رحاله في دمشق قلعة الامويين ومدينة الياسمين حاملا معه املاءات استعمارية من جملتها طرد فصائل المقاومة الفلسطينية من سورية ووقف الدعم والتأييد لحزب الله. لقد اوحى كولن باول تلميحا وتصريحا بان عدم استجابة دمشق لمطالبه سيعرضها لنفس المصير الذي لاقته بغداد. كان ذلك واضحا وجليا ان امركا لم تعد تعتمد على الكيان الصهيوني " وكيلها وقاعدتها" لتحقيق اهدافها الاستراتيجية الكبرى في الهيمنة على العالم.* عبثا حاول الكيان ان يستعيد دوره المفقود، ويكون في مقدمة المشهد ، كوكيل حصري معتمد. منحته امريكا الفرصة الاخيرة وهيأت له كل الاسباب ودفعته الى المواجهة مع حزب الله في لبنان في شهر تموز ٢٠٠٦ بهدف استراتيجي عبرت عنه وزيرة الخارجية الامركية في ذلك الوقت " كونداليسا رايس" القضاء على حزب الله وخلق شرق اوسط جديد. على مدى اكثر من شهر صب جيش الكيان حمم ناره من البر والجو والبحر وعمليات تدمير ممنهج الا انه اخفق في تحقيق اي انجاز، ومنيت قواته بهزيمة نكراء وشاهدنا عويل جنوده ورعبهم من ضربات حزب الله وشاهدنا دبابات الميركافا فخر الصناعة العسكرية للعدو وهي تحترق كاوراق الشجر في الجنوب ومجزرتها في وادي الحجير.

*منذ هزيمة الكيان في تموز ٢٠٠٦ وهو يفتش في المعاجم عن مفردات يبرر بها هزائمه ولجأ الى مراكز الابحاث السياسية والاستراتيجية عله يجد عندها ما يسعفه ويستعيد دوره المفقود ولكن دون جدوى.

دخل العدو في مواجهة ازماته الداخلية وخاصة ما يتعلق بالشعب الفلسطيني ومقاومته المتعاظمة في قطاع غزة وخاض عدة حروب للقضاء عليها وكان مصيره الفشل الذريع. والازمة الثانية فلسطينيا هي التهديد الديموغرافي حيث ان العدو يعاني مما يمكن ان نسميه" عسر الهضم" المزمن لديه والذي تفاقم منذ نشأته على ارض فلسطينحيث فشل في هضم وتذويب الشعب الفلسطيني في دولته المزعومة. عجز عجزا تاما عن هضم او قضم او ضم الشعب الفلسطيني المقاوم. وكما يقول المثل الفلسطيني(( واوي بلع منجل لا قادر يسرطه ولا قادر يرجعه)) بالاضافة الى التحدي الوجودي الذي فرضه محور المقاومة. الذي يتنامى في العديد والعتاد والقدرات اللوجستية بكل انواعها.

*في بداية العقد الثالث من هذا القرن اخذت الازمات الداخلية تزداد تفاقما وتطورت الى فرز داخل المجتمع الاستيطاني بين مستوطني الهجرات الاولى والهجرات اللاحقة وازدادت الهجرة العكسية وتبعها هجرة رؤوس الاموال الى اماكن اكثر امنا واستقرارا وازداد التطرف الديني وامسكت القوى الفاشية والعنصرية بمقاليد الكيان مهددة ركائزه القائمة على الجيش والقضاء. ومع تواري القوى العلمانية ساد التطرف وعم العنف المطالب بالتطهير الهرقي وززل المستوطنون المدججين بالسلاح الى القرى والبلدات الفلسطينية يقتلون الامنين ويحرقون بيوتهم وممتلكاتهم.

* ان العمليات الفردية البطولية وبؤر المقاومة المحلية مثل مخيم جنين او عرين الاسود في نابلس رغم بطوليتها وملحميتها ليست الا تكتيكا بلا هدف استراتيجي الذي لا يخططه ولا يعمل على تنفيذه الا حركات وفصائل ذات امكانيات وقدرات عالية يواكب الاعمال الفردية، ستبقى هذه العمليات في حدود الملاحم البطولية التي تغذي الروح الشعبوية لتعيد انتاج نفسها فقط، ما دامت فصائل المقاومة الفلسطينية تقف موقف المتفرج او المصفق او المشيد في احسن الاحوال. بعد ان اغمدت سيف القدس وعلاه الصدأ.

*بعد تشكيل نتنياهو حكومته الفاشية التي ضمت عتاة العنصريين الاكثر تشددا والفاشيين الاقصى تطرفا مثل بن عفير وسيموريتش ووضع تشكيلات عسكرية وامنية تحت امرتهم ، ونزل غلاة المستوطنين من مستوطناتهم مدججين بالاسلحة الحديثة واخذوا يهاجمون البلدات والقرى الفلسطينية، وقاموا بقتل الابرياء الامنين وحرق ممتلكاتهم وتدمير بيوتهم، بغية اجبارهم على الرحيل اي عمليات تطهير عرقي تحت نظر وسمع الرأي العام الدولي، تداعت امركا الى دعوة الكيان والسلطة الفلسطينية ودول الجوار الاردن ومصر الى اجتماع العقبة لوضع حدلما يهدد الوضع الراهن وحالة الاستقرار الهشة.

* على ضوء المظاهرات الحاشدة التي تعم مدن الكيان ضد التعديلات القضائية التي ينوي نتنياهو اتخاذها وان تم تطبيقها فانها ستعصف باحد ركيزتي الكيان القائمة على مؤسسة الجيش ومؤسسة القضاء .مما يضع وجود الكيان/ القاعدة في مهب الريح ويهدد وجودها..مما دفع الولايات المتحدة الامركية ومعها منظمة الايباك الطلب من نتنياهو بوقف هذه الاجراءات. وما زالت المظاهرات مستمرة لانهاء التجميد.

*دفعت الازمات الداخلية التي تعصف بالكيان والمتغيرات الكبرى في الاقليم واستمرار المقاومة الفلسطينية في الداخل الى تصديرها الى الخارج على شكل عمليات عسكرية منتقاة وضمن معارك بين الحروب، كونه عاجز بمفرده عن شن حرب شاملة ضد محور المقاومة. راح يعجل ويسرع في وتيرة هجماته على سورية لانه لم يجد الردع الكافي لثنيه عن الاستمرار في اعتداءاته، التي غطت كامل مساحة سورية من البوكمال شرقا وحتى اللاذقية غربا ، ومن حلب شمالا حتى دمشق وحوران جنوبا.

* نتنياهو في في اخر تصريحاته قال: سنواصل استهداف اعدائنا على جميع الجبهات. والخلافات الداخلية لا تؤثر في قدرة اسرائيل على الرد.

* امتلأت شاشات التلفزة والصحف والمجلات ووسائل التواصل المتعددة بالتحليلات السياسية من قبل المحللين السياسيين والاعلاميين والمثقفين المنتمين لمحور المقاومة او المدافعين عنه بالقول: ان الكيان يواجه ازمة وجودية ، وانه في اضعف حالاته واوهن من بيت العنكبوت، وانه عاجز عن شن حرب سواء ضد ايران او ضد بقية محور المقاومة في لبنان وغزة وانه يخشى ان يتسع نطاق الحرب ليشمل دول الاقليم، وان امركا ليست في وضع يجعلها ان تخوض حربا لعدة اسباب.

ما دام الكيان عاجز بمفرده عن شن حرب وان امركا ليست مستعدة لذلك، لكن المهم الان ان الكيان ما زال يقوم بضربات عسكرية على سورية والتي يطلق عليها المدافعون عن محور المقاومة " معارك بين

الحروب"، فلماذا يا قادة محور المقاومة ويا السادة المدافعين عنه لا تقومون بمعركة واحدة بين الحروب ((العين بالعين والسن بالسن ، والبادئ اظلم.)). الستم القائلين دوما: بان الكيان يريد حربا ولكنه يخشاها. ونحن لا نريد حربا ولكننا لا نخشاها ولا نخاف عقباها.

لست في موقف يتناقض مع هذا الطرح بل هو جوهر يقيني ووعيي، لكن جمهور المقاومة على امتداد ساحة الوطن العربي بشكل عام والداخل الفلسطيني بشكل خاص يريد من محور المقاومة ولو لمرة واحدة ضرب قاعدة عسكرية وازنة بصواريخ دقيقة او ضرب مطار بن غوريون واخراجه من الخدمة. نحن نقدر الصبر الاستراتيجي، وانما للصبر حدود، نحن بحاجة لمخاطرة كبيرة ومؤلمة واحدة لانه " حيث تستعمل المخاطرة ينمو ايضا الامل وما ينقذ" اليس هذا ما يقوم به العدو؟

اطلقوا العنان لصواريكم

واوقدوا نارا يستأنس بها المؤمنون بكم

وارسلوا السكين كي يراكم الامل.

م/ زياد ابو الرجا

المصدر: موقع إضاءات الإخباري