كتب الأستاذ حليم خاتون: أين هي المشكلة، وأين الحل؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: أين هي المشكلة، وأين الحل؟
حليم خاتون
11 نيسان 2023 , 15:51 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

مرتان انهارت فيهما العملة الألمانية حتى وصل ثمن رغيف الخبز إلى مئتي مليون مارك، وسعر الدولار الواحد إلى حوالي تريليون مارك...

يومها اضطرت الحكومة الألمانية لطباعة ورقة نقدية من فئة الخمسمائة مليون مارك لأن قيمة الورقة النقدية تجاوز قيمتها الشرائية إلى درجة أن الألمان وجدوا أنها أرخص من ثمن ورق الحمام فراحوا يستعملونها بدل هذا الورق...

كيف خرجت ألمانيا من هذا الوضع؟

أهم عنصر للخروج من هكذا إنهيار هو في *وجود إرادة*...

يجب تسليم السلطة إلى من يملك الإرادة قبل أي شيء آخر...

نحن في لبنان شعب من المنافقين الفاسدين الطائفيين الذين يتباكون ثم يولون على شؤون الأمة نفس الطبقة الحاكمة الفاسدة الطائفية...

أمس خرج على الOTV المحامي وديع عقل يلعن الظلام ويحمل الجميع المسؤولية طبعاً باستثناء الرئيس الجنرال وصهره العفيف النظيف...

قد يكون الجنرال تنبأ بهذا السقوط فعلاً بسبب السياسات الاقتصادية...

قد يكون الرئيس عون رأى منذ كان في فرنسا أن سياسة الدعم سوف تؤدي إلى الإنهيار كما قالت مقدمة البرنامج...

قد يكون الوزير باسيل من أشداء الذين حاولوا إزاحة رياض سلامة...

كل هذا الكلام حلو وجميل...

لكن عودة إلى ٢٠١٦، وتبوأ عون وباسيل قمة السلطة في لبنان يكشفان أن الرجلين لم يشكلا أي فارق او تمايز عن بقية أهل السلطة...

الرئيس عون هو أحد الذين جددوا ولاية رياض سلامة في المصرف المركزي...

كما أن التيار لم يقم بأي جهد لوضع حد لسياسة الدعم، بل جزء كبير من عداء التيار لرياض سلامة كان بسبب رفض الاخير الاستمرار في دعم الليرة اللبنانية كما تستمر حتى اليوم فعله الطبقة السياسية في لبنان بكلفة حوالي ٨٥ مليون دولار يوميا يتم نزفها مما تبقى من أموال المودعين...

صحيح أن القاضية غادة عون تميزت في الجسم القضائي بملاحقة رياض سلامة والجسم المالي من السلطة، لكن هذا بدأ بعد دخول لبنان في دوامة الإنهيار وليس قبل...

بضمير مرتاح، يمكن القول إن كافة القوى والأحزاب في لبنان كانت يزايد بعضها على البعض الآخر في الشعبوية من أجل استزلام الناس...

منذ ما قبل ١٧ تشرين وكبار المفكرين الاقتصاديين يطالبون بإجراءات تقشفية غير شعبية ولكن الأحزاب ترفض ذلك خوفا على انفكاك رعاع الناس من حولها...

في هذه المسألة يتساوى الجميع مستقبل وقوات وتقدمي وكتائب وأمل وتيار وحزب الله وغيرهم من "الزقًيفة"...

ألم نرى على الشاشات كل الأحزاب والنواب والوزراء يخرجون إلى الشارع في طلب الدولار الطالبي حينا، ودولار رد القروض حينا آخر في مسرحيات صفق لها بسطاء الناس الذين كانوا كما الفأر الذي يلحس المبرد...

نفس السياسات التي وضعها رفيق الحريري، أكملت بها الطبقة السياسية حتى اليوم ولا تزال...

فحتى اليوم، وبطلب من الرئيسين بري وميقاتي يتم رمي ٨٥ مليون دولار كل طلعة شمس للمحافظة على ليرة سقطت لأن نفس هؤلاء يطلبون من رياض سلامة كل يوم تأمين تمويل لما لا قدرة مالية للبنان في تحمله...

الذي لا يصدق مسؤولية كل هؤلاء عن المصائب التي وقع فيها لبنان عليه الاستماع الى حديث الرئيس الأسبق إميل لحود الذي فضح كل الطبقة السياسية مباشرة أحياناً، ومواربة أحياناً أخرى...

إذا أردنا إنقاذ البلد فعلاً، يجب على السلطة اتخاذ اجراءات مهمة جداً هي ما انتشل المانيا من القعر الذي كانت وقعت فيه أيام الإنهيار...

١-تأمين سيولة...

٢- تخفيض الضرائب أو حتى الغائها عن كاهل عامة الناس من أجل تقوية القدرة الشرائية...

٣-وضع حد لسياسات الدعم وترك السوق يأخذ طريقه، وصولا إلى انتهاء السوق السوداء...

أما تأمين السيولة، فيجب أن يأتي بالدرجة الأولى من مصادرة أموال وموجودات طبقة الواحد في المائة المسؤولة الأساسية عن الإنهيار الحالي...

٢- تأمين السيولة يجب أن يأتي أيضا من إعادة جدولة السلم الضريبي بشكل يقوم على إنقاص الضرائب عن كاهل العامة لزيادة قدرتهم الشرائية حتى يتمكنوا من العيش ضمن شروط السوق الحر، مع زيادة مضطردة للضرائب على طبقة العشرين في المائة الذين استفادوا ولا يزالون يستفيدون من النظام الاقتصادي الحالي...

٣- إلغاء تعدد الأسواق والاسعار عبر ترك السوق يحدد السقف حسب العرض والطلب...

في النهاية على التجار أن يجدوا هم انفسهم دولار الاستيراد وترك تحديد الاسعار لقوة السوق...

هذه الأسعار سوف تخضع من تلقاء نفسها لعامل القدرة الشرائية للناس كما لعامل التنافس بين التجار من أجل تصريف البضائع...

على التجار انفسهم تحديد ما إذا كانوا يفضلون أن تفسد بضائعهم وترمى أو يبيعونها حسب القدرة الشرائية لعامة الناس...

أما ارجاع الودائع، فيتم بالتقسيط مما بقي من الاحتياط ومن تسييل الذهب...

طبعا كل هذا مشروط بمبدأ المحاسبة الذي يكون أنهى معظم الطبقة السياسية الفاسدة التي لا تزال حتى اليوم في سدة الحكم...

إن عدم القيام بأي إجراء لن ينقذ أي كان، بما في ذلك الفاسدين...

لن يسقط رياض سلامة وحده...

ها هو مروان خير الدين قيد التحقيق( مبروك للثنائي)...

وقريبا سوف نجد انطوان الصحناوي في القفص أيضاً ( مبروك ل١٤ آذار)...

أعلم... ويعلم الجميع أن كل ما قيل سوف يصب في البحر الأبيض المتوسط...

كل هذا صراخ في البرية...

فلا مسؤولون على قدر المسؤولية...

ولا أناس ذوو إرادة...

حلي خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري