كتب الأستاذ حليم خاتون: الفراغ، سلاح الأقوياء في لبنان
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: الفراغ، سلاح الأقوياء في لبنان
حليم خاتون
29 نيسان 2023 , 20:54 م

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

"سليمان فرنجية أو الفراغ"، هو مختصر فحوى محتوى الفريق المؤيد لوصول فرنجية إلى الرئاسة...

"الفراغ أفضل من رئاسة سليمان فرنجية"، هو الكلام الدقيق الذي تلفظ به سمير جعجع...

قامت قيامة ال OTV والقوات على ما قاله الشيخ نعيم قاسم، رغم أن هذا لم يكن سوى صدى لما كان طرحه سمير جعجع نفسه في المقابلة مع جورج صليبي على الجديد...

لا بل، غنّى شارل جبور في اليوم التالي، ولحن له غسان عطاالله من التيار، مذكرين كيف تصدى المسيحيون لتسوية مورفي/ الأسد أواخر الثمانينيات التي تحدثت عن "مخايل الضاهر أو الفوضى"...

نعم، صحيح؛ اجتمع يومها ميشال عون وأمين الجميل وسمير جعجع على القبول بالفوضى رفضاً لمخايل الضاهر...

لكن ماذا كانت النتيجة...؟

هُزم عون والجميل في المرحلة الأولى وذهبوا إلى المنفى، ثم تبعهم جعجع بعد فترة حين ذهب إلى السجن...

يضع العونيون والقواتيون لهذه الفترة عنواناً، هو استبعاد المسيحيين من السلطة لأن الطرفين لا يستطيعان رؤية المسيحيين خارج علبهم الطائفية المغلقة...

اليوم "تعود حليمة إلى عادتها القديمة"...

"يتصدى" ثلاثي نفس سمير جعجع، وجبران باسيل ممثلاً عن ميشال عون، والجميل الإبن؛

يتصدى هؤلاء مرة أخرى إلى إمكانية تسوية تصل بسليمان فرنجية إلى الرئاسة، حتى لو كان الفراغ بديلاً...

في السابق لم يستطع المرء فهم ما هو العيب في مخايل الضاهر...؟

لم يفهم المرء ما الذي دفع جعجع للقبول بالياس الهراوي، وما هي ميزات الهراوي الفائقة التي أعطته ما رفضت إعطاءه لمخايل الضاهر...

اليوم يعيد التاريخ نفسه...

كما كانت النتيجة سيئة على هذا الفريق فيه السابق، سوف تكون النتيجة مرة أخرى سيئة على نفس هذا الفريق:

هذه المرة، سوف يؤدي الفراغ إلى وضع فاصل يكون فيه ميشال عون آخر رئيس لجمهورية الطائف...

كثيرة هي الاحتمالات التي سوف تنجم عن الفراغ الذي تريده القوات علنا، ويعمل له التيار العوني مواربة...

البعض يرى مؤتمرا آخرا واتفاقا آخر غير اتفاق الطائف...

البعض يرى نهاية المسيحية الانعزالية لصالح مسيحية مشرقية بالفعل ليست على أنغام عون ولا باسيل، وبالتأكيد لا كلمة للجميل فيها...

هذا قد يكون جميلاً ومطلوبا، لكنه ليس حتميا... هنا الخوف...

الاميركيون من جهة أخرى، لم ينسوا بعد المقترح الذي حمله السفير دين براون أيام الحرب الاهلية عن استعداد البواخر لحمل ما تيسر من المسيحيين إلى كندا وأستراليا...

الذي يشك في نوايا الأميركيين عن تهجير المسيحيين، عليه أن يرى ويسمع ما يقوله، وما يفعله السفير الألماني في بيروت هذه الأيام ومعه ال NGO,s الأميركية والألمانية...

يقول السفير الألماني للمسيحيين بالحرف: "انتم لا يزيد عددكم عن المليون، وعليكم تقبل توطين ودمج السوريين في المجتمع اللبناني"...

الغرب الذي يحمل صبغة مشوهة عن المسيحية لا يهتم بمصير المسيحيين في هذا الشرق... العراق وسوريا وفلسطين خير شاهد على هذا...

الدخول في الفراغ مفتوح على كل الاحتمالات...

بعضها قد يكون جيدا كأن نصل إلى ويستفاليا تفرض إقامة الدولة المدنية العلمانية في لبنان، وبعدها في المنطقة... لكن هذا الاحتمال ضعيف جداً لعدم وجود الرافعة الحزبية لهذا الأمر...

كل الأحزاب اللبنانية مصابة بلوثة التخلف حين يأتي الأمر إلى بناء الدولة بدءاً بالمقاومة وانتهاء بآخر حزب انتهازي إنعزالي طائفي مذهبي اسلامي أو مسيحي...

لهذا، يخاف المرء من الفراغ، ويقبل بأقل الأمور سوءاً وهو تسوية بأقل رجال النظام اللبناني فساداً، سليمان فرنجية...

حتى لا يجري تقسيم المقسم، يحاول المرء الحفاظ على سايكس/ بيكو...

من المضحك، والمثير للسخرية حين تصر السيدة ريتا على ال OTV، على رفض وضع العونيين ضمن منظومة الفساد؛ أو حين تتحدث القوات عن نفسها وكأنها القوة التي ترشح زيتا من كثرة الطهارة وهي تملك في تاريخ الإجرام والذبح والقتل وتقطيع الرؤوس ونهب الثروات الكثير مما يضعها في نفس مستوى داعش والنصرة...

كل الأحزاب التي دخلت في الطائف، بما في ذلك حتى تلك التي لم تستطع الوصول إلى داخل هرم السلطة، هي قوى رجعية مذهبية لا تستأهل أكثر من مزبلة التاريخ... لكن الشعوب المتخلفة لا يمكن أن تنتج غير قيادات على نفس الشاكلة في التخلف...

لو طرح السؤال على اي مثقف غير متخلف في لبنان حول ما يريد، لكانت الإجابة قطعا أن كل هذا النظام القائم لا يمثل أي شرعية أو صفة تمثيلية...

بالإذن ممن يدافع عن بعض القضاة... السلطة القضائية كلها بالإجمال أكثر تعفنا من السلطتين التنفيذية والتشريعية اللتين لا تملكان أدنى مقومات نظافة الكف أو العقل...

نوافق على الديمقراطية اللبنانية الزائفة لأن مفهوم الديمقراطية تطور مع الوقت حتى وصل مستويات غير موجودة حتى في البلاد المتقدمة...

لم تعد الديمقراطية تعني سلطة الأغلبية على الأقلية، رغم أن هذا ما كان الأمر عليه حتى تاريخ قريب...

عندما تتحدث الديمقراطية عن وجوب عودة كل السلطات إلى الشعوب، هناك شروط احترام الخصوصيات والتعددية...

لعل افضل ما يمكن أن يعبر عن الديمقراطية هو البند الأول من الميثاق الألماني الذي يقول:

عن وجوب احترام الذات البشرية وعدم التعدي على ماهيتها،

La dignité humaine est intouchable...

أين نحن، بل حتى أين أوروبا من هذه الديمقراطية السامية مع ما يدور من حروب وتعد على الأعراق والأديان والأقليات...

لهذا ربما يجب توجيه الصفعات على وجوه الفاشيين من أمثال شارل جبور الذي لا يحمل من القيم المسيحية التي ميزت حياة السيد المسيح غير قشور الجلد الميت التي يجب التخلص منها...

لعلهم يستفيقون...

شارل جبور المجبول بكراهية الآخر أو مي شدياق ذات الدم الازرق... أو جويل بو يونس الحائرة في وجهة الكراهية...

لكل هؤلاء،

تعقلوا...

بسببكم، وبسبب المتخلفين من امثالكم في كل الطوائف اللبنانية وبانتظار أن تسود قيم السيد المسيح الفعلية الأقرب للديمقراطية المثالية...

دعوا الناس تعيش على البسيط الممكن...

ديمقراطية التوافق والتخلص ما أمكن من التشوهات التي تجعل ممن لا يحمل وزنا تمثيليا يدعي العكس ويلبس ثوب الكتلة الأكبر رغم معرفته بمسوخية هذا التمثيل...

انقذوا البلد طالما لا زال ذلك ممكناً... حتى لا يذهب البعض إلى المنفى، والآخر إلى السجن ونعود إلى زمن البكاء والمظلومية...

تعالوا إلى كلمة سواء قبل أن تقع "الفاس بالراس" ونقول "يا ريت"، لأن عمرها "يا ريت، ما عمرت بيت"...

كل ذلك بانتظار أن يخرج دستور جديد فعلاً يكون ديمقراطيا حديثا بالفعل يقوم على المساواة الكاملة والاحترام الكامل بقوة القانون...

يجري استفتاء، ونوافق جميعا...

حتى ذلك اليوم عودوا إلى رشدكم....

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري