رحيل قائد مقاوم.. لم يساوم
فلسطين
رحيل قائد مقاوم.. لم يساوم
طارق ناصر ابو بسام
5 أيار 2023 , 13:44 م


قائد الميدان الشيخ خضر عدنان

مسيرة كفاحية طويلة ،و دروس مستمدة،ونموذج قيادي.

فجعت صباح يوم الثاني من ايار، وقبل يومين، كما فجع ابناء الشعب الفلسطيني، بل كل أحرار العالم، بالخبر المؤلم الحزين، الذي تناقلته وكالات الانباء ومحطات التلفزة، عن رحيل القائد الشعبي، فارس الميدان الشيخ خضر عدنان، هذا القائد الذي احب شعبه وبادله الشعب المحبة بمثلها.

كان الشيخ خضر عدنان حاضرا بنضالاته ومواقفه في كل الساحات والميادين، لم يترك مناسبة الا وكان شريكا فيها، ولم يترك فرحا او حزنا الا وكان في مقدمة الحاضرين، لم يترك مظاهرة او اعتصاما او وقفة احتجاجية الا وكان في طليعتها.

كان صاحب موقف ونهج تعبوي، تحريضي ضد الإحتلال، لم يكن يهدأ وكان في حركة فعل مقاوم دائمة وكان محرضا جماهيريا من طراز رفيع وقريبا من الجميع كما احبه الجميع.

خضر عدنان مسيرة كفاحية معمدة بالنضال لا تنتهي.

خضر عدنان عزم فولاذي لا يلين، وصبر لا حدود له.

خضر عدنان، حضور دائم متجدد وسط الناس وبينهم.

خضر عدنان اكتسب عن جدارة لقب قائد الميدان.

خضر عدنان قائد مقاوم، اختار وعن قناعة حياة العمل ولم يألف حياة المكاتب كما غيره ممن يسمون قادة.

خضر عدنان واحد من ابناء الشعب الفلسطيني وقادته... قاوم الاحتلال الإسرائيلي بكل ما يملك، لايستطيع اي كان ان يتحدث عن المقاومة والسجون والاضراب عن الطعام الا وكان لخضر عدنان النصيب الأكبر من الحديث، وهو رمز بارز من رموز الحركة الأسيرة واحد اهم عناوينها.

خضر عدنان، صاحب اكبر تجربة في الاضراب عن الطعام في سجون الاحتلال من أجل نيل حريته وقد انتصر فيها في كل المرات حيث هزم العدو بامعائه الخاوية، وهو حيا ونال حريته، كما هزم العدو في المرة الأخيرة عندما نال الشهادة، وبقي صامدا ولم يرضخ للعدو وشروطه.

خضر عدنان شكّل نموذجا للمقاومة والتمسك بالمباديء، والثوابت الوطنية وتحرير كل فلسطين، في الوقت الذي ذهب فيه الكثيرون للمساومة والتنازل عن الأرض.

خضر عدنان تاريخ حافل من العطاء، ورمز للمقاومة والوفاء.

خصر عدنان كان كبيراً في حياته وفي استشهاده.

لا اقول ذلك من زاوية المديح و الاطراء، من تعرف على خضر عدنان يعلم انه كان كل ذلك واكثر .

ومهما قلنا عنه وعن تجربته الغنية لن نعطيه حقه ونبقى مقصرين.

خضر عدنان لم يستشهد بسبب الاضراب عن الطعام وليست هذه تجربته الأولى.

خضر عدنان تم تنفيذ حكم الاعدام بحقه ومع سبق الإصرار من قبل دولة العدو وممارساتها بحقه و الإهمال الطبي المتعمد.

ارادوا قتل ارادته ولم ينجحوا وعندما فشلوا قتلوا الجسد، وبقيت الروح ترفرف عالية في سماء فلسطين، وبقي النموذج الذي قدمه في مسيرته الطويلة مغروسا بين ابناء شعبه.

ان اعدام الشيخ خضرعدنان لم يكن صدفة، وإنما جاء تنفيذاً لتعليمات الصهيوني المجرم بنغفير الذي طالب باعدام الأسرى بكل الطرق.

لقد اعتقد العدو انه باعدام الشيخ خضرعدنان، سوف يرهب الحركة الاسيرة ويدفعها تجاه التخلي عن حقوقها، ويكسر شوكة المناضلين.

إلا ان هذا لم يتم وبقيت ارادة الحركة الاسيرة اقوى من ارادة الاحتلال، وعزمها اشد على مواصلة النضال.

الشيخ خضر عدنان، ناضل ضد الإحتلال وضد سلطة اوسلو والتنسيق الأمني

وقال ذات يوم بعد الاعتداء عليه من فبل رجال السلطة وأجهزتها الأمنية، مخاطباً اياهم خلال الوقفة المنددة بمحاكمة الشهيد باسل الاعرج.

(اذا قضيت يوما شهيدا فلا يقترب احد منكم من جثماني، ولا تدخلوا منازلنا، ولا تشاركونا مآتمنا، و لا افراحنا واتراحنا، لانكم اكثر حقدا علينا من العدو)

لقد قضى الشيخ عدنان شهيدا بعد مسيرة كفاحية طويلة وبعد معركة خاضها وحيدا بامعائه الخاوية واستمرت ٨٦ يوما، ورحل جائعاً وهو الخباز الذي يطعم الشعب.

لقد قصر الجميع مع الشيخ خضر عدنان ولم يساندوا معركته كما يجب، ولم يعملوا بشكل جيد من اجل تحريره، وليست هذه المرة الأولى في كيفية التعامل مع الأسرى من قبل أصحاب القرار والنفوذ ومن يملكون الصواريخ والمدافع والبنادق، لقد تخلوا قبل ذلك عن الشهيد ناصر ابو حميد وغيره من الأسرى والأسيرات. وقد يكون القادم أسوأ...

ليس المطلوب اصدار البيانات والتبجح بالخطب ومناشدة الرأي العام العالمي، كون هذا على اهميته لن يحرر اسيرا واحدا، وهذا ما اكدته التجربة طوال حكم الإحتلال..

المطلوب من الجميع وقفة جادة والقيام بفعل مقاوم تكون نتيجته تحرير الأسرى، وهذا ما ثبت نجاعته عبر التجربة، وهو الأسلوب الوحيد الذي يفهمه العدو ولا اسلوب غيره.

وفي حضرة الغياب، غياب الجسد وبقاء الروح.. روح الثورة والمقاومة

لا بد ان نتوقف امام اهم الدروس التي حملتها تجربة الراحل الكبير:

_ الدرس الأول :

الحضور الميداني المتواصل في كل الساحات والميادين، حيث كان الشيخ متواجدا دوما حيث يجب ان يكون، ومشاركا فاعلاً في كل المناسبات ولم يتغيب عن اي واحدة منها. تجده خطيباً هنا و محرضا هناك، رافعا العلم الفلسطيني، متصديا لقوات الاحتلال، رافضا ومدينا لممارسات السلطة ورجال أمنها. معلنا باستمرار ان العدو يملك مشروعا جذريا يعمل على تصفية قضيتنا، وعلينا بالمقابل ان نواجهه بمشروع جذري يحمي الشعب والقضية ويحرر الأرض و دون ذلك لن نكسب المعركة.

وهذا من اهم الدروس التي نستخلصها من تجربة الشيخ المناضل وهو الفهم الحقيقي للمشروع الصهيوني ومخاطره.

_ الدرس الثاني

التحلي بصفة القائد الميداني الذي يخوض معاركه مباشرة مع العدو، وربط القول بالممارسة وكان فعله يسبق كلماته وعمله يسبق خطاباته.

نعم لقد مثل النموذج الثوري بكل ما تعنيه الكلمة..عاش هموم شعبه بتفاصيلها ولم يقبل بحياة المكاتب التي قبلها الكثيرون من القادة.

_الدرس الثالث

الصلابة والثبات في مواجهة العدو وعدم الخضوع لكافة محاولات النيل من صموده وعزيمته وقد تجسد ذلك عبر ممارساته الطويلة منذ كان طالبا وفي الإضرابات المتعددة عن الطعام التي خاضها مرات عدة في سجون الاحتلال والصمود الاسطوري الذي مثله في السجون.

وكان دوما يردد لا حياة بدون كرامة... أرواحنا ليست اغلى من كرامتنا.

هذه اهم دروس التجربة وهناك العديد غيرها.

خضر عدنان مثل مدرسة كفاحية وتجربة نضالية غنية يجب ان تدرس للأجيال القادمة.

وفي مناسبة رحيله أتوجه باسمي و بإسم كل المناضلين الشرفاء، بخالص واحر التعازي لأسرته المناضلة، زوجته واولاده ولكل أصدقائه ومحبيه وإخوته و رفاق دربه .

و اخاطب زوجته المناضلة ام عبدالرحمن واقول كم كنت وفيه للشيخ خضر وللمقاومة .عندما قلت بعد اغتياله في سجون العدو

(احفظوا وجوه أبنائي جيدا، سيرى الإحتلال منهم ما لم يراه من خضر) في اقوى رسالة موجهة إلى الإحتلال تؤكد عزيمة شعبنا واجياله القادمة على مواصلة الكفاح حتى تحرير كل فلسطين.

والعزاء الخاص للأخوة في حركة الجهاد الإسلامي وفي مقدمتهم المجاهد ابا طارق ( زياد النخالة)

واقول ان هذه الحركة الرائدة التي انجبت فتحي الشقاقي وعبدالله شلح و ايهاب ابو العطا وخضر عدنان وغيرهم، ستخرج اقوى عوداً و اكثر صلابة بعد استشهاد الشيخ خضر عدنان ولن تسمح لهذه الجريمة ان تمر دون عقاب.

مع استشهاد الشيخ خضر عدنان تكون القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية خسرت واحدا من اهم اعمدتها. وعلما من اعلامها.

ومع ذلك نقول للشيخ خضر لن نرثيك

لقد تركت لنا و لشعبك وابنائك ارثا كبيرا يكفينا و يكفيك... لن نبكيك.. لن نبكيك .

لك منا العهد والوفاء على مواصلة الطريق.. طريق المقاومة و النضال حتى التحرير الكامل.

في الختام

اقول ان الرد على الجريمة البشعة التي اودت بحياة الشيخ خضر هي مسؤولية جماعية وليست مسؤولية حركة الجهاد الإسلامي فقط... الشيخ خضر كان يدافع عن القضية الفلسطينية اولا وأخيرا

واذا عجزنا عن نصرته في حياته و قصرنا تقصيرا كبيرا ونحن نراه يموت في كل يوم، ولم يكن ردنا بالمستوى المطلوب فإن الواجب الوطني يدعونا إلى نصرته بعد ان ارتقى شهيدا بالرد الجاد الموجع على العدو، وعدم الاكتفاء ببيانات الادانة ورشقات من الصواريخ حتى لا تتكرر جريمة اليوم غداً باغتيال المناضل وليد دقة وسواه، كما حصل من قبل مع المناضل ابو حميد وغيره من المناضلين.

سؤال كبير مطروح على حركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة للإجابة عليه و نأمل ان لا تكون الإجابة بعيدة

شعبنا ملّ الانتظار.

الى متى يبقى أسرانا واسيراتنا في سجون العدو؟؟؟؟

سلام لك وسلام عليك ياشيخ خضر عدنان

سنحمل وصاياك ونتابع مسيرتك في كل زمان و مكان.

للشهداء الرحمة

والحرية للأسرى

والنصر لفلسطين

طارق ابو بسام

براغ، ‏04‏/05‏/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري