كتب الأستاذ حليم خاتون: في لبنان، من يكون صوت الذين لا صوت لهم؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: في لبنان، من يكون صوت الذين لا صوت لهم؟
حليم خاتون
8 أيار 2023 , 19:55 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

في كل البلدان، هناك دوماً أغلبية صامتة... أغلبية غير متجانسة، لكن حقوق الجميع، رغم الاختلاف...، مُصادرة...

لا يختلف لبنان عن غيره من البلدان...

لكن في لبنان، هناك ضمن الأغلبية الصامتة، فئات متناحرة صامتة...

هناك أغلبية مسيحية صامتة تكره أغلبية مسلمة صامتة، والعكس صحيح...

هناك فقراء مسيحيون يكرهون فقراء مسلمين والعكس صحيح...

هي نظرية الخراف الصامتة، على وزن جبنة البقرة الفرنسية الضاحكة...

جهلة يكرهون جهلة والعكس صحيح...

من لا يذكر الشعار المضحك المبكي في الغربية أيام الحرب:

"لا للطائفية، لا للعلمانية، نعم للإسلام"!!!؟

تماما كما شعارات الانعزالية المسيحية عن الذمية...

ذمية ما لبث أن احتضنها القناصل...

بينما وصل التكفير مع المماليك والعثمانيين حد القتل واستباحة الأعراض والأملاك...

مئتي عام بقيت مدينة صور مدمرة غير مأهولة واهلها في الجبال تائهون...

يتشارك في هذه الشعارات السخيفة، الانعزالي القواتي أو الكتائبي، مع "المشرقي!" العوني...

عند المسلمين، هناك دواعش...

كذلك الأمر عند المسيحيين...

ألم يطالب جنود الرب في الشرقية بذبح "العلمانيين الخونة"؟

يتقاسم السلطة في لبنان جماعة الممانعة، كما جماعة السيادة...

الممانعة تُقسِم أنها لا تتبع للخارج، كذلك جماعة السيادة...

لكن الأولى تقاتل في محور تقوده طهران، والثانية تصر على وجوب انتخاب رئيس سيادي بامتياز... لكن بعد انتظار الإشارة من السعودية، مع ما تأتي به الوفود تلو الوفود التي لا "تتكنس" من واشنطن...

آخر هؤلاء وفد طويل عريض يبدأ مع غسان سكاف "المستقل!!"، ويمر بالياس اسطفان القواتي، ولا ينتهي مع مارك ضو "التغييري!!"...

يا جماعة: "سيادة، مع واشنطن والرياض والدوحة... دونتي ميكس...

جماعة الممانعة أكثر صراحة...

هم يتكلمون عن وحدة الساحات، رغم بعض المبالغة بين هذا الشعار وواقع الأمور...

لكن جماعة السيادة أكثر وقاحة في خلط ما لا يمكن خلطه... إلى درجة الغليان في "الخلط"...

في لبنان، طبخة السياسة، مثل كبود الدجاج؛ كثيرة الملح، كثيرة البهار والخل والحامض ودبس الرمان من أجل إخفاء مدى فساد، وانتهاء أجل صلاحية هذه الكبود...

ما ينطبق على السلطة، ينطبق على الإعلام...

المنار وNBN، وجريدة الأخبار تقريباً، ممانعة...

MTV, وLBC الجمهورية والنهار، ونداء الوطن

"سيادة" بس مش "سادة"...

الجديد ٦٠ إلى ٨٠٪ "سيادة"،

٣٩ إلى ١٩٪... اصدقاء أو مقربين من الممانعة...

وأقل من واحد في المئة صوت من لا صوت لهم...

ألا يظهر هذا جيدا مع جورج صليبي...؟

صوت وحيد من جماعة الذين لا صوت لهم، لم يتعدى كلامه جملتين أو ثلاثة جمل مع هادي رحال أمس...

ماذا قال هادي رحال؟

قال بشكل غير مباشر أن المشكلة ليست في انتخاب رئيس جمهورية، ولا في اختيار رئيس حكومة،... وهو قطعا ليس في انتخاب رئيس مجلس نواب...

قال بشكل غير مباشر أن كل انواع الانتخابات ضمن الطائفية لا تغير شيئا طالما ان البلد يكون منقسما على ذاته...

دون أن يقول هذا مباشرة، أشار بوضوح إلى أن المهم هو بناء وطن... بناء دولة...

وهذا لا يمكن أن يكون إلا إذا انتقلنا إلى العلمانية الكاملة والانتخابات خارج القيد الطائفي وعلى أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة...

في كل القوانين السابقة، كانت البوسطات الطائفية المناطقية تجلب بلوكات مسيحية، وبلوكات إسلامية عفنة إلى السلطة...

بالكاد كان "يزمط كم آدمي"... مثل نجاح واكيم وسليم الحص...

مع القانون الأخير الذي تفتقت عن عبقريته وحدة توجه الممانعة والسياديين...

ظهر خرق عند المسيحيين والدروز...

بسبب العقوبات على سعد الحريري، ظهر خرق بسيط جدا وسطحي جدا عند السُنّة...

لكن كل هذه الخروق لم تجلب إلا حفنة من اليمين السطحي الذي لم يستطع الخروج من علبة النظام الرأسمالي الطائفي العفن...

بينما لو جرت انتخابات خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية، ولبنان دائرة انتخابية واحدة... لكانت جرت خروقات أوسع بكثير وفي كل الطوائف، وبالأخص في القلعة الشيعية المنيعة على الاختراق...

عندها، وعندها فقط، ممكن إقامة دولة وبناء وطن...

في المجلس الحالي، الكل يميني، الكل طائفي حتى لو أقسم التغييريون على عكس ذلك...

الكتاب يُقرأ من العنوان...

ما نراه مع النواب الموجودين اليوم فضيحة...

حتى التغيير يخجل من هؤلاء التغييريين...

بينما في الحالة الأخرى لن يستطيع محمد رعد النجاح ألا إذا امتلك خطابا وطنياً جامعا؛ ولن يستطيع الجميل وجعجع وباسيل النجاح إلا إذا تكلموا باسم كل منطقة من لبنان وليس باسم مجموعات ضيقة من الشعب اللبناني...

في الحالة الأخرى، لن يخاف أحد من المناصفة أو المثالثة أو غيرها لأن المعيار سوف يكون لبنان، وفقط لبنان...

لن تحصل أزمة كل بضعة سنوات لأن اللبنانيين جميعا يكون متساوين في الحقوق والواجبات...

فقط في الدولة المدنية التي يقول بها الجميع فوق الطاولة، ويرفضها الكل تحت الطاولة...

تكون حقوق الأغلبية الصامتة محفوظة، ويكون الصوت مسموعا...

فقط في الدولة العلمانية يكون هناك ديمقراطية...

الموجود اليوم في لبنان هو حكم علي بابا والاربعين حرامي حتى لو اختلفت الاسماء من اسلام ومسيحية...

كل من هم فوق لصوص لديهم قطعان من الماعز...

مع أغلبية صوتها مخطوف...

حليم خاتون

المصدر: موقع إضاءات الإخباري