من صحافة العدو.
عين علی العدو
من صحافة العدو. " *آفي يسسخروف - يديعوت" حماس تصنع من الليمون ليموناضة
11 أيار 2023 , 11:40 ص


بشكل غير مفاجئ، قررت حماس عدم الانضمام إلى القتال في مواجهة إسرائيل، وأن تترك الجهاد الإسلامي يترنح وحيدًا، بدمه وصواريخه، في معركة محدودة أخرى أمام "العدو الصهيوني"، وذلك أن حماس كان لديها في ظاهر الأمر جميع الأسباب للانضمام إلى الجولة الحالية: المساس الإسرائيلي بمواطنين مدنيين كثيرين (عشرة شهداء أبرياء لا علاقة لهم بالقتال، أطفال، ونساء ورجل واحد)، مقتل مسؤولين فلسطينيين، وإن كانوا من تنظيم منافس، وربما بشكل أساس المطالبة الشعبية الفلسطينية بالانتقام.

لكن عندما ندرس منظومة اعتبارات التنظيم أمام العمليات التي نفذت أمس في الميدان (إطلاق الصواريخ من جانب الجهاد مقابل الهجوم الإسرائيلي على أهداف الجهاد فقط)، يكشف أن الحدث الأخير ربما وضعها في مقام أقل أريحية، لكن مواجهة شاملة أمام إسرائيل تضعها في موضع صعب ومعقد أكثر بكثير.

بهذا المفهوم نجحت حماس في تحويل الليمون (التصعيد المحدود في غزة) إلى ليموناضة، وضع الكل رابح: الجهاد الإسلامي أطلق أمس مئات الصواريخ نحو إسرائيل، بتصريح من حماس ومباركتها، في إطار ما يسمى "غرفة العمليات المشتركة". وهكذا نجحت حماس جزئيًا بدفع ضريبة كلامها والامتناع عن الظهور بمظهر العميل أو الخائن التي كان من المُمكن ان تلتصق بها لو أنها دخلت في مواجهة مباشرة مع الجهاد ومنعته من إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

في المقابل، الجيش الإسرائيلي، "الشاباك" ودولة إسرائيل برمتها ركزوا في الأيام الأخيرة على عدو واحد فقط، وهو الخصم السياسي لحماس؛ الجهاد الإسلامي. بكلمات أخرى، إسرائيل تضعف من يشكّلون تحديًا للتنظيم المُسيطر على قطاع غزة ويُعتبر منافسا لها. من هذه الناحية، إسرائيل من جهة والجهاد من الجهة الأخرى عملا الواحد ضد الآخر بينما بقيت حماس ولم تمس، خارج المعادلة، رغم أنها صرحت - ولو بغض الطرف - بإطلاق الصواريخ اتجاه إسرائيل.

ومع ذلك، فإن حماس ستدفع ثمن قرارها بعدم المشاركة في القتال. هناك تآكل ما في صورة حماس كـ "حركة مقاومة"، أغلب الجمهور الفلسطيني، يفهم أن حماس تفضل الهدوء في غزة على جولة قتال أخرى تنتهي دون تحقيق شيء. جزء من هذا الجمهور سيعتبر ذلك فضلًا لحماس بينما سيعتبره آخرون واجبها، رغم أنه في مُجمل الأمور تستطيع حماس أن تحسب تطورات الأيام الأخيرة انتصار لها. لم تسارع في الأسبوع الماضي لتدافع عن شرف خضر عدنان ولا عن شرف قادة الجهاد الإسلامي الثلاثة الذين تم اغتيالهم قبل عدة أيام.

ولماذا؟ لأن استراتيجية حماس، منذ ما قبل سنتين؛ حين انتهاء "حارس الأسوار"، لم تتغير قطعيًا. حماس مستمرة في تعزيز قوتها في القطاع دونما إزعاج، في المقابل تحاول أن تخرج إلى حيز التنفيذ المزيد والمزيد من العمليات من أراضي الضفة الغربية والمساس بمكانة السلطة، الوضع الاقتصادي في القطاع يتحسن، ومن هنا فإن الحرب الشاملة ضد إسرائيل هو آخر أمر تريده في هذه الأيام.

اختيار إسرائيل مُهاجمة الجهاد الإسلامي فقط، رغم أنه يُنهي الحرب سريعًا، لكن ذلك من شأنه أن يُنتج وجع رأس أكبر على امتداد الطريق؛ عندما يحين وقت المواجهة الواسعة مع حماس.

العنصر الآخر الذي يُمكن حقًا أن يجعل من العملية الأخيرة إنجازًا هو حكومة إسرائيل نتنياهو. ضرب قادة الجهاد دون أن تتدهور إلى معركة شاملة، سيسجلها معظم الجمهور الإسرائيلي على أنها انتصار لإسرائيل، وبحق. الجهة الوحيدة التي ستخرج كمهزومة ومذلولة في المعركة إذا ما انتهت في هذه المرحلة، هي الجهاد الإسلامي. وهنا بالتحديد يجب أن نسجل تنبيهًا تحذيريًا: حتى وإن وافق الجهاد على وقف إطلاق النار، فإنه سيكون وقفًا قصير الأمد. التنظيم سيسعى إلى الانتقام بكل الطرق المُمكنة، سواء من غزة أو من الضفة، وحتى من لبنان، سيسعى إلى تسجيل صورة رمزية "للانتصار" من خلال قتل جماعي لإسرائيليين، حتى وإن لم ينفذ في الأيام القريبة القادمة. بقي فقط أن نأمل بأن "الشاباك" والجيش الإسرائيلي سينجحون في إحباط ذلك.

*آفي يسسخروف - يديعوت* 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري