كتب الأستاذ حليم خاتون: هل يطلق ميشال عون، رصاصة الرحمة يوم الاربعاء؟
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: هل يطلق ميشال عون، رصاصة الرحمة يوم الاربعاء؟
حليم خاتون
16 أيار 2023 , 06:01 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

كما الزوج الذي لا يريد أن يصدق خيانة زوجته؛ كذلك هو موقف حزب الله...

إصرار عجيب على عدم رؤية ما هو واضح وضوح الشمس...

كل ما أراده ميشال عون وجبران باسيل من حزب الله هو تخطي الحواجز التي منعت التيار العوني من الاستئثار بالسلطة بعد عودة الجنرال من باريس...

كان دخول التيار العوني الى السلطة مشروطا بحصة حددتها ١٤ آذار عقب هذه العودة إلى لبنان...

لم تكن هذه الحصة تعطي ميشال عون اليد العليا في الدولة العميقة...

لم يكن أمام ميشال عون إلا طريق واحد... التحالف مع القوة الامنية التي ورثت الحمل الثقيل بعد خروج سوريا من لبنان...

ترك الخروج السوري فراغاً هائلا...

فجأة، وجدت الدولة العميقة نفسها يتيمة بلا أب ولا أم...

اغتيال رفيق الحريري لم يكن سوى الخطوة الأولى لإخراج سوريا واستفراد اميركا باليد العليا على السلطة في لبنان...

كانت اميركا تسيطر بالكامل على الاقتصاد والمال والجيش والقوى الأمنية الرسمية...

هدف الاغتيال الأساسي كان طرد سوريا والعمل على احتواء حزب الله أو ضربه في حال فشل هذا الاحتواء...

لقد شكل حزب الله مفارقة كبيرة في الصراع العربي الاسرائيلي، واصبح تهديدا جدياً لوجود اسرائيل...

انقسمت أحزاب السلطة في لبنان إلى قسمين:

واحد رأى أن احتواء الحزب ممكن عبر التسليم بشراكة جديدة بين الأميركيين والحزب فانتظم في فريق ٨ آذار...

وآخر قبل مرغما بهذه الشراكة، بانتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على الحزب، فانتظم هؤلاء في فريق ١٤ آذار...

حاولت ١٤ آذار ضم ميشال عون إليها دون القبول بإعطائه الوزن الحقيقي الذي كان يؤهله لاستلام قيادة هذا الفريق...

لأجل استبعاد الفريق العوني، توافق الفريقان على تحالف رباعي في العلن، خماسي في المضمون ضم إلى أمل والاشتراكي والمستقبل والقوات إلى جانب حزب الله...

لكن السحر انقلب على الساحر؛ اجتاح العونيون الشارع المسيحي مع تسونامي أعطى الجنرال أكثر من ٧٠٪ من الصوت المسيحي...

لم يكن حزب الله مرتاحاً داخل هذا التحالف الرباعي، وكان يرى نفسه غريبا ومهددا داخل هذه السلطة...

كذلك كان أمر العونيين...

رأى جبران باسيل، أن السبيل الوحيد لاقتحام حصون هذه الدولة العميقة، هو في الاحتماء والتحالف مع حزب الله...

كانت مار مخايل، تحالف الضرورة بين من يحاول تجنب الوقوع في فخ المشروع الأميركي الذي ظهرت خطوطه العريضة في محاصرة حزب الله بين احتمالين:

الإنضمام إلى سلطة الفساد أو مواجهة تهديد حرب أهلية بين الشيعة من جهة وكل مكونات الشعب اللبناني الأخرى من جهة ثانية...

في الجهة المقابلة لهذا التحالف، كان التيار الذي رأى أن التحالف مع حزب الله، يمكن أن يكون المطية لانتزاع نصف السلطة تحت بند الحقوق المسيحية والممثل الاقوى للطائفة...

نجح ميشال عون في الهيمنة على السلطة بفضل هذا التحالف غير المقدس...

لم يكن العونيون يتوقعون هذا الفشل الرهيب لعهد الرئيس القوي؛ كما لم يكونوا يتوقعون أن تنهار شعبية الجنرال إلى درجة الاضمحلال، وربما حتى الاختفاء تماماً عن الساحة...

تحول الجنرال عون الى اسير شعار الحقوق المسيحية وممثل الطائفة القوي...

انسحب معظم العلمانيين والاصلاحيين من التيار، وبقي فيه العنصريون، أمثال ناجي حايك، أو أزلام جبران باسيل الجدد، أمثال سيزار وعطاالله...

رأى جبران باسيل أن السلاح الوحيد الذي قد يسمح بإبقائه على قيد الحياة السياسية في لبنان، هو في مزيد من الشعارات الطائفية، وفي الابتعاد عن فكر المقاومة لاسرائيل وأميركا الذي يبدو أنه أصبح آخر موضة بين من يحلم ليس بإصلاح السلطة في لبنان، بقدر ما يحلم بعودة نفس اقتصاد الريع والتبعية للغرب ولعرب الخليج الأميركيين...

من المؤكد أن يخرج ميشال عون يوم الاربعاء في محاولة تزعم الفريق الرافض لفرنجية، لما في هذا الموقف من مكاسب في الشارع تسمح للتيار بعدم الموت بعد أن نجحت القوات والكتائب وكل فريق السيادة المزعومة في شيطنة الثنائى الشيعي وتصوير نفوذ حركة أمل داخل الدولة العميقة بصورة الشيعية السياسية التي تعمل على وراثة السنية السياسية والمارونية السياسية بعد فشل الاثنتين في إدارة البلاد...

وقد ساهم حزب الله من حيث يدري أو لا يدري، في ترسيخ هذه الصورة بسبب التقوقع المذهبي داخل هذه الثنائية، وعدم الجرأة على التقدم نحو رفع شعار تطبيق الدولة المدنية فوراً، خوفا من بعبع العلمانية الذي يرفعه الفريق المقابل الحريص على بقاء الحواجز والنظام الطائفي الذي يؤمن له الاستمرار في الهيمنة على كل مقدرات الدولة...

في النهاية، سواء انتصر سليمان فرنجية أو رجل جيفري فيلتمان، جهاد أزعور أو اي اسم آخر ينجح تحالف الأضداد في فرضه... فإن الأزمة لن تحل...

سوف نعيش هدنه مؤقتة لن تلبث أن تنفجر لأن التعصب الطائفي لن يلبث أن ينفجر ويعيد المتاريس إلى شوارع الطوائف بين بعضها البعض...

مأساة هذا البلد سوف تبقى دائماً في الطائفية، وكل كم سنة سوف "تنذكر وتنعاد" تلك الخلافات، كما تلك الحروب الطائفية التي لا ولن تنتهي إلا بزوال هذا النظام وفرض العلمانية الكاملة...

حليم خاتون

.. 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري