اتفاق ايار
مقالات
اتفاق ايار " بروفات لنصر قادم
راسم عبيدات
16 أيار 2023 , 06:39 ص


بقلم :- راسم عبيدات

اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم توصل بين قوى المقاومة في قطاع غزة وبين دولة الكيان، والذي تضمن وقف استهداف المدنيين وغير المدنيين "الأفراد"...شبيهة بتفاهمات نيسان / 1996 في لبنان بين المقاومة اللبنانية ودولة الكيان...هذه التفاهمات التي حمت المدنيين في الجنوب اللبناني من اعتداءات دولة الكيان،ومهدت لتحرير الجنوب اللبناني في 25/ ايار /2000،حيث طردت قوات الكيان من الجنوب اللبناني ....ومن بعد ذلك فرض حزب الله اللبناني معادلات ردع جديدة ..وراكم من مكونات ومركبات القوة وانواع السلاح المتطورة برية وبحرية والدفاع الجوي الشيء الكثير والترسانة والبنية العسكرية،ناهيك عن تطور القدرات والكفاءة والتدريب والفاعلية والمهنية لجنود وكوادر الحزب....كل هذا ساهم بشكل كبير بالإضافة الى الدعم والإسناد الإيراني- السوري - في تحقيق انتصار تموز/2006،هذا الإنتصار قادة الى "قبر" مشروع ما عرف بالشرق الأوسط الجديد الذي بشرت المقبورة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية انذاك به .....

التفاهمات او الإتفاق الذي جرى بعد الأيام القتالية الخمسة في ال 9 من آيار الحالي، مبيناً على معارك "سيف القدس " ،أيار 2021 ،و" وحدة الساحات" آب /2022 ، ومعركة العشر ساعات في نيسان الماضي.....كلها تقول بأن حرب الأيام الخمسة في التاسع من ايار الحالي، ستقود الى مراكمة وتثبيت موازين قوى استراتيجية ورسم معالم معادلات ردع وقواعد اشتباك جديدة..... هذه المعارك حفرت عميقاً في وعي ونفسية مستوطني دولة الكيان، بأن حكومتهم ومؤسساتها العسكرية والسياسية والأمنية ،اعجز من ان توفر لهم الأمن والأمان،او تعمل على استعادة قوة الردع في ظل دولة تنخرها المزيد من الأزمات السياسية والمجتمعية والبنيوية التي تزداد تفاقماً ،ويشتد احتدام صراعها الممتد عميقاً حتى تشرين ثاني /1995 ،حيث اغتالت الفاشية اليهودية التي حملت شارون ونتنياهو الى الحكم،رئيس وزراء الكيان أنذاك اسحق رابين،صراع يدور حول هوية الدولة ،صراع ايدولوجي وثقافي ....قادة دولة الكيان عسكريين وأمنيين وسياسيين وخبراء ومراكز دراسات وابحاث حاليين وسابقين يستشرفون المستقبل، بأن قوى مقاومة قطاع غزة تراكم من القوة والإمكانيات العسكرية والتسليحية والكفاءة والمهنية والتطور الكبير في تكنولوجيا السلاح،ما يفقد السلاح المتطور لدولة الكيان من جو وبر فاعليته وإمكانيات الحسم وتحقيق النصر السريع بنقل المعركة الى أرض " العدو" والتحكم في بدايتها ونهايتها ..وفرض شروطها على الطرف المعتدى عليه ..هي الآن حرب الصواريخ الدقيقة والمسيرات والسيبر وغيرها ...ليبرمان يقول بشكل واضح من موقعه كوزير لجيش الكيان السابق،وكزعيم لحزب " اسرائيل بيتنا" ،بأن الجولات العسكرية التي يخوضها الكيان، بين حرب وحرب ستجعل الكيان يجد نفسه امام حزب ا ل ل ه فلسطيني، على الحدود الجنوبية خلال ثلاث سنوات على أعلى تقدير. .

علينا ان نتذكر جيداً بأن عدوان تموز /2006 على حزب الله والمقاومة اللبنانية استهدف ،تدمير وتصفية المقاومة وحزب الله وايجاد ما عرف بالشرق الأوسط الأوسط الكبير بقيادة دولة الكيان واشراف وهيمنة امريكية على كامل المنطقة،ودمج دولة الكيان كمكون " طبيعي" من جغرافيتها،ولكن ح زب ال ل ه تمكن من "قبر" هذا المشروع ،ومنع تمدد المشروع الأمريكي في المنطقة والإقليم...وحرب التاسع من أيار الحالي واغتيال العديد من قادة سرايا القدس ، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، استهدف تصفية حركة الجهاد كراس حربة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة،والأخطر من ذلك هذه الحرب التي صادق عليها مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سولفان،وموافقة الإتحاد الأوروبي، والتي جاءت في ظل تزامن تراجع قوة الردع لدولة الكيان،وتراجع هيبة أمريكا وحضورها في المنطقة،مما يؤشر الى خسارة استراتيجية للطرفين،ولذلك هذه العملية الغادرة التي شنت على قيادة حركة ا لج هاد والأطفال والنساء هي كانت تهدف بالأساس للقول للعرب من تمردوا على الإرادة الأمريكية،وتموضعوا بعيداً خارج المظلة الأمريكية، بأن أمريكا ما زالت قوية ودورها فاعل في المنطقة .بإختصار هي تريد ان تفك علاقة السعودية مع ايران وان تمنع الإنفتاح العربي على سوريا وعودتها الى الجامعة العربية ،وكذاك لا تريد لمصر وتركيا ان تبقى خارج التموضع الأمريكي،وهي من رفضت المشاركة في العقوبات الأمريكية على روسيا.

نحن ندرك بأن هذه الجولة التي ترتب عليها خسائر بشرية ومادية،قيادات عسكرية ل ل جهاد الإ س لا مي (13) قائداً وكادراً،وقيادات ميدانية لكتائب الشهيد أبا علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية ،بالإضافة العديد من الأطفال والنساء ،وما يقترب من 200 جريح،وتدمير عشرات المنازل بشكل كلي وجزئي ،لن تنجح في تحرير في فلسطين ،ولكنها خطوة هامة على هذا الطريق،حيث نجحت صواريخ ا لمقاومة في إسقاط نظرية القبب الحديدية ومقلاع داود كهدف تكتيكي ،بما يجعل هذه الوسائل الدفاعية الجوية الإعتراضية للصواريخ،بما يضع علامات استفهام كبيرة حول هذه الأٍسلحة التي تعتبر مفخرة الصناعات الإسرائيلية،والتي استطاعت صواريخ ا لمق او مة البدائية بتقنياتها العالية ان تتجاوزها وتسقط في عمق دولة الكيان،تل ابيب والقدس،وهذا يعني خسائر اقتصادية كبيرة،فالدول التي كانت تشتري هذه المنظومات،وخاصة من دول التطبيع العربي،ستتخلى عنها،وهذا سيعكس نفسه أيضاً على تنامي وزيادة حالة فقدان الثقة عند المجتمع الصهيوني بالقدرة على توفير الحماية لهم.

هذه الجولة لم تحقق فقط اهدافاً تكتيكية،بل كان لها اهدافاً استراتيجية تحققت،بمنع دولة الكيان من استعادة الردع والتفوق،بل وجدنا بأن قوى ال مق ا و مة وعبر غرفة القيادة المشتركة،بعد إمتصاص الضربة الأولى الغادرة، تمكنت من استعادة المبادرة والتفوق في ذكاء إدارة الوقت ،وكانت متفوقة على الكيان تكتيكياً واستراتيجياً.

وانا أعتقد بأن هذه المعركة لم تكن معركة الجهاد او حماس او الشعبية وغيرها من الفصائل،بل هي معركة محور ا لمقاومة ،هذه المحور الذي انتقل من الجانب التنسيقي الى جانب توحيد الجبهات وتكامل الأدوار بينها،هي معركة في سلسلة معارك قادمة وممتدة،تؤشر الى ان الكيان المثقل بالأزمات الداخلية المتعمقة والإنقسامات والصراعات المتفاقمة حول هوية كيانه،لم يعد هذا الكيان القادر على تحقيق الإنتصارات،فهذا ما يقوله سياق الصراع والحروب من حرب تحرير الجنوب اللبناني،أيار /2000،وحتى معركة ال 5 أيام " في التاسع من آيار الحالي، الزمن الأميركي الإسرائيلي انتهى ومعه انتهت قدرة أصحابه على خوض الحروب والفوز بها.

فلسطين – القدس المحتلة

15/5/2023

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري