حوار مع الأستاذ ضرار البستنجي.. سورية عادت منتصرة وقد قدمت درساً جديداً في الثبات وصوابية الخيارات والتحالفات
أخبار وتقارير
حوار مع الأستاذ ضرار البستنجي.. سورية عادت منتصرة وقد قدمت درساً جديداً في الثبات وصوابية الخيارات والتحالفات
16 أيار 2023 , 11:28 ص


حوار مع الكاتب والمحلل السياسي

الأستاذ / ضرار البستنجي

أجرى الحوار / حسين المير


إعداد وإشراف / الأستاذة ربى يوسف شاهين .


رئيس التحرير / الأستاذ شاكر زلوم

موقع إضاءآت .. بيروت

في بداية الحوار وبعد الترحيب يسعدنا ويشرفنا إستضافة

الأستاذ ضرار البستنجي

يعيش الشرق الأوسط جملة من المتغيرات السياسية الإستراتيجية التي تشكل وفق مشهديتها عن تطورات وخاصة ما تشهده الساحة السورية من متابعة للحل السياسي عبر الحليفين الروسي والإيراني وما الاجتماعات السابقة التي تمت على مستوى المسؤولين العسكريين وما تبعه من إجتماعات على مستوى وزراء الخارجية إلا دليل على إيجابية هذه الاجتماعات و تبعه اللقاء الرباعي على مستوى وزراء الخارجية في الأردن بالنسبة لموضوع عودة سورية إلى الجامعة العربية والذي تكلل بدعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد محمد بن سلمان للرئيس الأسد لحضور القمة الذي ستعقدها الجامعة العربية في 19من أيار في جدة وما تخللته هذه التطورات السياسية على المستوى الإقليمي بالنسبة للعلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ..

أستاذ ضرار ..

برأيكم ما أهمية هذا الإجماع العربي على عودة سورية إلى العمل العربي المشترك ومن المتضرر ؟ ؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

في ظل التبدّلات الكبيرة على مستوى العالم حيث نشهد تراجعاً في السطوة والنفوذ الأمريكي والتي تدفع باتجاه القفز على واقع القطبية الواحدة نحو فضاءات متعددة المراكز تبرز فيها قوى دولية بأفق وتحالفات مختلفة ، وفي ظل تبدل المنطقة على ايقاع ذلك وعلى إيقاع صمود محور المقاومة والوقائع التي أثبتت صوابية خياراته، والذي يصب في معظمه نحو مزيد من التفاهمات والإستدارات إستعداداً للواقع الجديد نجد سورية وإيران في قلب هذه التفاهمات وعلى رأس الدول التي بات التفاهم معها مصلحةً لكثير من الأطراف ، إضافةً إلى وجود رغبة لدى المعسكر الآخر باستبدال منطق المواجهة والمكاسرة بمحاولات الاحتواء بمعنى استبدال العصى بالجزرة .

في هذا الجو تأتي محاولات البعض للتقارب او الإنفتاح على سورية ، مع وجود أطراف عربية مخلصة وقفت من اليوم الأول ضد إستهداف سورية ومحاولات تدميرها وتؤمن بضرورة عودة سورية إلى مكانها ودورها وتأثيرها في المنطقة وعلى المستوى العربي .

في إطار كل ذلك يمكن القول أن عودة سورية إلى الجامعة العربية وإلى دائرة الفعل العربي مهمة وإيجابية ، سيما أنها عادت منتصرة وقد قدمت درساً جديداً في الثبات وصوابية الخيارات والتحالفات وفي قيمة وجدوى المواجهة بديلاً عن الخنوع والدوران في فلك المشاريع المعادية للأمة.

ورغم أن العمل العربي المشترك في حالة ضعف ورغم التباينات القائمة بين بعض الأطراف العربية فإن المشهد اليوم يمكن أن يحقق قفزة حقيقية على مستوى المنطقة ، خاصةً اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الانفتاح العربي على إيران . وعليه تجد أن أكبر المتضررين من هذا التغير هو كيان الإحتلال والمحور الأمريكي ، حيث عطّلت هذه الوقائع الجديدة مشاريعه لفرض مزيد من التفتيت وتعزيز التطبيع وخلق محور عربي صهيوني في مواجهة محور المقاومة .

أستاذ ضرار سؤالي التالي ..

المتابع للتطورات الجارية على المستوى العربي بالنسبة لسورية ورغم أهميتها ما يزال الغرب الأمريكي يفرض عقوباته الاقتصادية على سورية وما زال الإحتلال الأمريكي ينهب النفط السوري بشكل مستمر وميليشيا قسد ترتكب أعمالها الإرهابية بحق الشعب السوري في الشمال الشرقي كالحسكة والقامشلي

ما هي رؤيتكم بالنسبة للموقف الأمريكي لما يجري في سورية من تطورات سياسية وخاصة بالنسبة لمحاولة إعادة العلاقات مع الدولة التركية لاستكمال مخرجات منصة استانا

وهل العلاقة التركية الأمريكية قد تسوء نتيجة ذلك فيما إذا وافقت تركيا على شروط سورية وأهمها الانسحاب من جميع المناطق الني تحتلها تركيا ؟ ؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

أمام الواقع الجديد الذي تحدثنا عنه في السؤال الأول، وحيث يشعر الأمريكي بتراجع نفوذه وخسارة الكثير من الأوراق في المنطقة، لاشك انه لن يسلّم بالأمر الواقع وسيحاول خلط الأوراق بإستخدام مايملك من عناصر في المعادلة.

سيكون من تجليات ذلك تطبيق مزيد من الضغط في الملف السوري ، سواءً عبر أدواته على الأرض أو عبر الأطراف الخارجية كتركيا مثلاً ، ناهيكم عن الضغط الهائل الناجم عن العقوبات الإقتصادية ونهب خيرات سورية.

تركياً سينتظر الأمريكي ظهور الدخان الأبيض في الانتخابات التي تجري حالياً ، والتي سيكون لنتيجتها أثر هام في موقف تركيا من ملفات عديدة في المنطقة رغم ان الشكل العام للسياسة التركية فيها باتت واضحة ،

وسواء نجح اردوغان او مرشح المعارضة كليجدار أوغلو سيجد في انتظاره جملة من الإستحقاقات في السياسة الخارجية لابد من البت بها بعد إنجلاء غبار المعركة الإنتخابية وفي مقدمتها الملف السوري بما له من تداخلات سواءً مع الإنفتاح التركي في المنطقة أو العلاقة مع شريك الناتو - الأمريكي و الصديق الروسي وغيرها، وسيكون أمام تركيا مهمة الإجابة على السؤال الأبرز : طبيعة العلاقة مع واشنطن ، حيث سيكون لابد من المفاضلة بين الضغوط والرغبات الأمريكية في الاستمرار بالضغط على سورية والمنطقة أو استكمال مسار الإنفتاح ضمن أجواء التهدئة بما يعنيه ذلك من تعاون مع دمشق لتحقيق المصالح المشتركة التي تتناقض في كثير من المفترقات مع مصالح ومشاريع واشنطن.

وهنا سيكون للحضور الصيني المتعاظم في المنطقة وللتقاطعات الوازنة مع روسيا دور حاسم .

أستاذ ضرار سؤالي التالي ..

في فلسطين المحتلة وعلى الرغم من الانهيار الأمني الداخلي للكيان و التخبطات التي تعيشها حكومة نتنياهو إلا انه يرتكب المجازر في كل ثانية بحق الشعب الفلسطيني وآخرها العدوان الإجرامي على قطاع غزة والذي راح ضحيته العشرات من الفلسطنيين العزل من اطفال وشيوخ وشباب

برأيكم هل يحاول الكيان الصهيوني جر المنطقة العربية إلى حرب واسعة ليثبت انه ما زال متماسكا ؟؟ أم يحاول إظهار الشعوب العربية على أنها غير قادرة على مواجهة هذا المحتل خاصة بعد التقارب السعودي الإيراني والسوري العربي ؟ ؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

الكيان المؤقت يعيش اليوم أزمته الداخلية الحتمية، وحكومة نتنياهو بالذات تعيش أكبر أزماتها ، في الداخل وعلى صعيد العلاقات الخارجية ، وتستشعر خطراً حقيقياً من ثبات وتعاظم قوة وتأثير محور المقاومة واتساعه، وأمام أجواء الانفتاح والتهدئة وتعثّر مشاريع التطبيع أو خلق محور في مواجهة إيران من المتوقع ان يحاول الكيان عرقلة الجهود وفرض وقائع جديدة على الأرض لذلك نرى عدواناً مستمراً على سورية وتصعيداً ضد الفلسطينيين ، كان من أبرز مظاهره الإغتيالات والعدوان الأخير على غزة .

الكيان في الواقع يريد معركة او ربما معارك على أن لا ترتقي إلى مستوى الحرب ، ذلك أنه يعلم أن حرباً كبرى أو واسعة ستكون مدمرة عليه وقد تكون الأخيرة ، فيما يحاول تعطيل إستعدادات المقاومة وخلق حالة من الخلاف بين بعض أطرافه وتصدير أزمته الداخلية وكسب تأييد الأطراف الأكثر تطرفاً في إئتلافه الحكومي الذي أوشك على الإنفراط .

استاذ ضرار سؤالي التالي لحضرتك ..

برأيكم

هل بإمكان المملكة العربية السعودية ودول الخليج السير في مبادرات التطبيع مع سورية دون ضوء أخضر أمريكي وماخلفية هذا الدور الأمريكي وأبعاده؟ ؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

عملياً يمكن للمتابع ان يرصد بوضوح تحولاً في سلوك الرياض بالذات وفي مقارباتها للسياسة الخارجية ، من أسباب ذلك ولاشك إدراك المملكة للواقع الدولي الجديد إضافةً إلى مشاريعها الكبرى في المنطقة والتي تحتاج الى تهدئة وأجواء آمنة تفتح الآفاق أمام الاستثمار فيها وتجنّبها مخاطر التصعيد والإشتباك، ونتمنى أن يكون ذلك كله منطلق من وعي السعودية لحجمها وإمكانياتها وتأثيرها ما سيفرض ندّية في العلاقات وحرص على المصلحة والمصالح المشتركة بمعزل عن أية إملاءات أو تدخلات .

كل ذلك لايعني القطع بالمطلق مع الحليف الأمريكي ، بما في ذلك هذا الإنفتاح الكبير على دور صيني وازن ومعلن في ملفات المنطقة.

أي أن واشنطن ليست بعيدةً عن خطوات الرياض الأخيرة ، و أن الإنفتاح على دمشق قد جاء بضوء أخضر أميركي أو غض نظر بالحد الأدنى ، ربما يأتي ذلك انطلاقاً من الرغبة الأمريكية بإحتواء سورية في محاولة لخلق مسافة بين دمشق وطهران ، وضمن فهم الحاجة السورية اليوم لإيجاد حلول للواقع الاقتصادي الخطير الذي تعيشه البلاد على وقع العقوبات وتداعيات أكثر من اثني عشر عاماً من العدوان المدمر على سورية، مايعني بحسبهم إعطاء بعض الأطراف الخليجية أفضلية الإضطلاع بدور يفضي إلى القدرة على التأثير في الواقع والدور والنهج السوري.

أستاذ ضرار سؤالي لكم ..

بالنتيجة البوصلة هي فلسطين والقضية الفلسطينية .

ما أهمية التقارب العربي مع سورية وإيران وانعكاسه على القضية الفلسطينية ؟ ؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

في الملف الفلسطيني بالذات قد لايكون التأثير في مواقف وخطوات الأطراف يسيراً ، سيما وأن محددات الموقف كثيرة وكبيرة ، لكن علينا أن نلحظ أن التقارب العربي مع إيران وسورية قد استمر مابعد الزيارة التاريخية للرئيس الإيراني (ابراهيم رئيسي) إلى دمشق قيب نحو اسبوعين، بما حملته من تأكيد على وحدة محور المقاومة والثبات على منطلقاته والمواقف من القضايا المهمة في المنطقة وعلى رأسها المضي في خيار المقاومة وفي كون فلسطين هي القضية المركزية ، وهو مايعني القبول بسياسات ومواقف كل من سورية وإيران ، حالياً على الأقل،

لذلك يمكن القول أن هذا التقارب سيخدم بشكل أو بآخر قضية فلسطين ، أقلّه مع الأقطار العربية التي تتبنى القضية الفلسطينية كالجزائر أو لجهة كبح جماح الراغبين في الالتحاق بمخططات ومشاريع التطبيع ، وهو ماتدرك سورية وإيران أنه أكثر مايمكن تحقيقه من اختراق في مواقف البعض حالياً.

أستاذ ضرار سؤالي الأخير لحضرتك

تركيا تاريخياً لها اطماع في الشمال السوري والعراقي .

فهل تؤدي هذه الإجتماعات واللقاءات الرباعية بين سورية وتركيا وروسيا وإيران

إلى خروج قوات الإحتلال التركي من شمال سورية وإيقاف دعم الجماعات الإرهابية المسلحة

ام أن التركي مازال يناور ويراوغ لما بعد إنتهاء الإنتخابات الرئاسية التركية ؟؟

أجاب الأستاذ ضرار ..

الإنتخابات التركية مفصلية كما قلنا ، لكن الملفات التي تشغل تركيا في سورية وإلى حد ما في العراق كثيرة وأعتقد بأن التركي لن يبادر لسحب قواته من الشمال السوري دون ضغط ، فهو يبحث عن مصالح ويبحث عن أكبر إستفادة من امتلاكه ورقة مهمة هي الجماعات الإرهابية ، لكن الملف الكردي الضاغط والتوافقات الأخيرة والتفاهمات مع روسيا ضمن اتساع مستويات المصالح ، مقابل اتساع هوامش الخلاف مع الغرب، إضافة إلى رغبة تركية حقيقية في إنجاز ملف اللجوء السوري كلها تساعد في خلق مقاربة مشتركة للخروج التركي ومصير الإرهابيين الذين يدعمهم ، ناهيكم عن ثقل عربي بات اليوم داعماً لدمشق في مطالبها المحقة في خروج القوات غير الشرعية من الأراضي السورية كافة وفي القضاء على الجماعات الإرهابية داخلها.

في نهاية هذا الحوار والقراءة القّيمة والمعلومات المهمة .

من فريق عمل موقع إضاءآت

جزيل الشكر والتقدير للأستاذ

ضرار البستنجي .. ضيفاً عزيزاً

والشكر موصول للاستاذ شاكر زلوم رئيس تحرير موقع إضاءآت في بيروت .

موقع إضاءآت الإخباري . 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري