توفر المعلومات أدّت إلى إغتيال قادة السرايا
مقالات
توفر المعلومات أدّت إلى إغتيال قادة السرايا
عدنان علامه
23 أيار 2023 , 23:55 م


عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

نحن نعيش مع العدو صراع وجود وليس صراع حدود؛ لذا ومنذ زرع هذا الكيان المؤقت في قلب الوطن العربي ونحن نبحث عن أفضل الوسائل لإجتثاث هذه الغدة السرطانية؛ والعدو بدوره يجمع المعلومات الدقيقة بكافة الوسائل المتاحة عمن يهدده ويصنف درجات التهديد.

وفي باب الإغتيالات علينا ان نراجع تاريخ هذا العدو في عمليات الإغتيالات ضد قادة المقاومة داخل فلسطين المحتلة وخارجها في لبنان، تونس، سوريا، دبي وفي أي مكان تتوفر فيه معلومات عن الأهداف المختارة.

وسأنطلق مما قاله العدو حول عملية إغتيال قادة سرايا واتوسع في شرحها لأخذ العبر واتباع خطوات التفلت من المراقبة تلافيًا لجمع المزيد من المعلومات حول قادة المقاومة في الهيكليات التنظيمية التابعة لها.

وقد إخترت الفقرة التالية من البيان الرسمي حول إغتيال قادة سرايا القدس :"…كانت عملية مشتركة مع جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، وهو ما يعني تتبع تحركات هؤلاء القادة الثلاثة في القطاع ورصدهم بدقة".

لقد لخص العدو الجهد المتواصل والمضني وعلى مدار الساعة لجمع المعلومات عن قادة سرايا المقاومة فقال بعدة كلمات مقتبضة : وهو ما يعني "تتبع تحركات هؤلاء القادة الثلاثة في القطاع ورصدهم بدقة".

فكيف تتم عمليات تتبع الحركة والرصد بدقة؟

إن أي عملية أمنية أو عسكرية تحتاج إلى توفر معلومات حول الهدف أو عدة أهداف في آن من خلال الرصد والإستطلاع وجمع كل المعلومات وإرسالها إلى غرفة العمليات. وتتم من خلال الخطوات التالية:-

1- نتيجة لتطور الحرب السيبرانية فإن أول جاسوس يعتمد عليه العدو بشكل رئيسي هو الهاتف الذكي نظرًا لتقدم العدو في هذا المجال؛ وقد باع العدو عدة برامج للقرصنة والتجسس وما خفي كان أعظم.

2- المراقبة البشرية لتحركات الهدف اليومية والتركيز على الروتين من الأعمال كتوقيت الخروج والعودة إلى المنزل في وقت ثابت، تناول وجبات الأفطار والظهيرة والعشاء. ويتم رفع التقارير بشكل يومي إلى غرفة العمليات. وقد يقوم بعمليات الرصد والإستطلاع فريق واحد يتناوبون على مراقبة الهدف أو أكثر من فريق لا يعرفون بعضهم ويتم رفع التقارير إلى غرفة العمليات.

3- الإعتماد على زرع العملاء داخل حركات وفصائل المقاومة وقد يتم اللجوء إلى عناصر َمن وحدات "المسنعربين" وال"دوفديفان" وهي وحدات لها ملامح عربية تم تدريسها اللغة العربية حتى درجة الإتقان، وحتى إتقان اللهجات وخاصة اللهجة الفلسطيينية بمختلف مناطقها لما لها من خبرات مكتسبة في التخفي والإستتار والإندماج في اي مجتمع فلسطيني دون ان يميزه احد والإنسحاب عند الخطر.

4- جمع كافة المعلومات عن الأهداف من وسائل التواصل الإجتماعي ومن كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.

وفي غرفة العمليات يتم مقاطعة التقارير مع المعلومات الإستخبارية عن التنصت ومصادر العدو الخاصة وهناك تحديث يومي للمعلومات حتى يصبح المستهدف جاهزًا للتصفية، فيتم الإنتقال إلى التنفيذ وآلياته.

ولما توفرت معلومات دقيقة جدًا عن بقاء القادة جهاد الغنام، صلاح البهيتي وطارق عز الدين في منازلهم برفقة عائلاتهم أعتبر قادة العدو بأنه حان الوقت لتصفية الحساب مع سرايا القدس في حركة الجهاد الإسلامي واعتبار ذلك "صيدََا ثمينًا" وفرصة لا يمكن تعويضها. تم نقل المعلومات إلى غرفة العمليات وتم التَوافق على تنفيذ عمليات الإغتيال بإعتماد بروتوكول "العمليات الجراحية الموضعية" ؛ وتم إتخاذ القرار بإستعمال القنابل الأمريكية الموجهة باللايزر من نوع GBU وذات رأس تفجيري كبير للتأكد من مقتل كل قائد. وخلال مناقشة التفاصيل تبين أن كل قائد لبس بمفرده وإنما مع زوجته وأولاده؛ فتم إستدعاء نتنياهو على عجل للموافقة على عمليات الإغتيال بعد شرح كافة التفاصيل له، فوافق بلا تردد وغير آبه بالقوانين الدولية التي تعتبر قتل الأطفال والمدنيين دون أي مسوغ جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

وفي كل غرف العمليات في العالم فإن أمر إغتيال أي مطلوب إذا كان برفقة زوجته وأولاده يلغى حتى يكون الهدف بمفرده؛ ولكن عنصرية نتنياهو التي لا تحترم النفس البشرية غير اليهودية دفعته إلى إتخاذ قرار إغتيال القادة مع أطفالهم ونسائهم. وهذا ليس ببطولة وإنما حضيض النذالة وإنعدام الأخلاق وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية يندي لها جبين البشرية. وسيدفع نتنياهو ثمن جريمته عاجلًا أم آجلًا. فالمجازر وجرائم الحرب والصهاينة صنوان لا يفترقان فقد ارتكب آباء وأجداد الصهاينة الحاليين المجازر بحق الفلسطينيين ومن أبرزها :-

مذبحة بلدة الشيخ 1947

مذبحة دير ياسين 1948

مذبحة قرية أبو شوشة 1948

مذبحة الطنطورة 1948

مذبحة قبية 1953

مذبحة قلقيلية 1956

مذبحة كفر قاسم 1956

مذبحة خان يونس 1956

مذبحة المسجد الأقصى 1990

مذبحة الحرم الإبراهيمي 1994

مذبحة مخيم جنين 2002

ولا ننسى جريمة إغتيال الصحفية شيرين ابو عاقلة بدم بارد؛ وإغتيال العديد من المجاهدين خارج نطاق القانون.

وفي لبنان إقترف العدو أيضًا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأهمها :-

إغتيال السيد عباس الموسوي 16 شباط 1992 برفقة زوجته وأبنه.

مجزرة قانا 1996

مجزرة قانا 2006

وأنتهز ما قالته معظم وسائل إعلام العدو حول مناورة حزب الله أمس لأخذ العبرة ؛ فقد أصيبوا بالخيبة لعدم عرض صواريخ حزب الله الدقيقة لأن الحزب لا يعرض سلاحه الإستراتيجي ليقدم معلومات مجانية ليستفيد منها العدو الصهيوني.

لذا وبكل محبة وحرص أتمنى من الأخوة في الإعلام الحربي في كافة الفصائل الفلسطينية عدم عرض أية صورة أو معلومة عن الصواريخ وعن الأنفاق وأماكن تخزين الصواريخ وإنطلاقها. وسأبين خطورة ذلك العمل على تصنيع الصواريخ مستقبلَا. فالمعلومات التي جمعتها شخصيًا عن صواريخ المقاومةمن خلال ما وزعه الإعلام الحربي لمختلف الفصائل .

1- الصواريخ هي تصنيع محلي من صفيح مختلف السماكات

2- الصواريخ المصنعة محليًا هي بدائية وشبيهة بقذائف الهاون لا تنفجر إلا إذا إصطدم الصاعق بجسم صلب.

3-الصواريخ تنطلق من باطن الأرض.َ وفي إحد الفيديوهات لاحظت تجمع أكثر من 6 مجاهدين حول صاروخ كبير الحجم مثبت على عوارض حديدية لإنزاله على منصة الإطلاق تحت الأرض. وهؤلاء يشكلون بحد ذاتهم هدفًا دسمًا للعدو.

فالعدو يجمع معلومات دقيقة جدًا عن صواريخ المقاومة وأنفاقها من خلال الفيديوهات التي يبثها الإعلام الحربي لمختلف الفصائل.

وإن طائرات العدو الإستطلاعية (الزنانات) تمسح الأماكن المفتوحة بشكل يومي لتحلیل المعلومات بواسطة برامج للذكاء الإصطناعي لمعرفة إختلاف التصاريس.

2- يستعمل العدو أجهزة رادار خاصة لتتبع مسار القذائف القوسية لتحدد بدقة مكان إنطلاق القذائف ومكان سقوطها.

3- وعندما ينفجر أي صاروخ للمقاومة في المناطق المحتلة يتوجه فريق متخصص شبيه بخبراء الأدلة الجنائية لمعاينة حجم الإنفجار، وتقدير وزن الرأس المتفجر، وتجميع كافة شظايا الصاروخ لدراستها وَتحليلها، فيمنكهم معرفة نوع المتفجرات ومركز صنعها لأن لكل نوع متفجرات بصمة خاصة به.

وفي المحصلة؛ فإن العدو الصهيوني يرتكب المجازر وجرائم الحرب دون أي وازع إنساني أو اخلاقي لعدم وجودها لديه، ولأنه يضمن عدم المحاسبة والمساءلة بسبب الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان المؤقت سياسيَا وعسكريًا.

لذا على الجهات الٱمنية في الفصائل الفلسطينية مراجعة أمن سكن الشخصيات والمكاتب وأمن الشخصيات بالتشاور مع محور المقاومة لاكتساب المزيد من الخبرات لديهم؛ وعدم عرض أية صورة عن الصواريخ والأنفاق لأن مواد صناعتها ستضاف إلى لائحة المواد المحظور إدخالها إلى قطاع غزة.

وأن غدًا لناظره قريب

23 أيار/مايو 2023 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري