كتب الأستاذ حليم خاتون: نهاية الدوحة، ونهاية الطائف
مقالات
كتب الأستاذ حليم خاتون: نهاية الدوحة، ونهاية الطائف
حليم خاتون
5 حزيران 2023 , 13:12 م


كتب الأستاذ حليم خاتون: 

بعد الخامس من حزيران يونيو ٦٧، لن يكون هناك نكسات عربية أخرى حتى لو ركب بعض العرب على آذانهم في خدمة الفتنة في مشاريع واشنطن...

الذي يعتقد أن الصراع مع اسرائيل يتوقف عند حدود فلسطين واهم...

كل أداة أميركية في الوطن العربي الكبير هي طابور خامس لإسرائيل، حتى لو لبست قبعة أميركية، أو غربية آخر موضة...

ألم يكن هذا خطاب التيار العوني في الإنتخابات الأخيرة؟

ألم يقل جبران باسيل في حزب القوات وسمير جعجع تحديدا، ما يفوق ما قالته منابر معاوية في امير المؤمنين علي بن ابي طالب؟

لكن الغلطة جاءت من بعض الشطار في فريق ٨ آذار...

غلطة الشاطر بألف، يقول المثل الشامي، وهذا بالتحديد ما فعله البعض حين طالبوا الفريق الآخر بالاتفاق على إسم، ملمحا في الوقت نفسه بالموافقة المسبقة على الاسم الذي يختاره ثنائي عون / جعجع...

فقط السذج ممكن أن يعطوا سلفا القول الأخير للخصم...

وهذا ما فعله بعض صبيان السياسة في فريق ٨ آذار...

لا التكتيك "ظبط"، ولا استفادت الاستراتيجية...

المهم، وبعد طول انتظار، خرج اليوم الأحد النائب السيد حسن فضل الله "يبق البحصة"، ويضع النقاط على الحروف...

لن يمر مرشح التحدي أيا كان اسمه، ونقطة على السطر...

احرق السيد فضل الله اسم جهاد أزعور حتى قبل أن يتم الإتفاق على الإخراج من قبل الفريق المقابل...

المسألة بسيطة جداً...

بعد الدوحة، اتفق الجميع على بعض التعديلات التي طالب بها انذاك التيار العوني في الدوائر الإنتخابية...

لكن جنرال الحرب "اكل البالوظة" ولم ينتصر تحالف ٨ آذار مع ميشال عون رغم فوزه بالأغلبية العددية، لأن وزير الداخلية التابع ل ١٤ آذار في تلك الأيام، حسن السبع لعب في نقل اسماء المجنسين الجدد إلى الدوائر المطلوبة، بينما كان تيار عون ينام على حرير مغشوش...

هذه المرة أيضاً، حصل شيء مشابه، لكن الارنب الذي أخرج من القبعة مؤخرا كان أميركيا بامتياز ويحمل اسم جهاد أزعور...

أرادت السعودية سحب البساط من تحت رجل سليمان فرنجية، وتوجيه صفعة إلى الثنائي الشيعي...

تم حبك القضية بإتقان شديد...

مهمة جهاد أزعور انتحارية لإزاحة سليمان فرنجية بأي طريقة...

إن هو نجح وصار رئيسا يكون الهدف تحقق، وصفع الاميركيون حزب الله بالمباشر عبر إرسال أحد أهم رجالهم من صندوق النقد مباشرة إلى بعبدا...

وإذا لم ينجح جهاد أزعور، يكون قد احترق، واحرق معه زعيم تيار المردة؛ ثم يتم طرح اسم ثالث تعمل الدوحة والرياض على أن يكون قائد الجيش جوزيف عون لإعادة مسرحية ميشال سليمان آخر، وكما يقول كارل ماركس، التاريخ حين يعيد نفسه يصبح مهزلة...

حين قال المفتي قبلان إن "مشاوير" الطائرات لا تنتج رئيساً، خرجت أبواق التيار والقوات في إعادة تلحين اغاني نشاز أخرى...

لم يفهموا أقوال المفتي رغم الوضوح في هذه الأقوال...

إن الحل لا يمكن أن يكون إلا حلا متكاملاً مؤلفا من رئاسة للجمهورية، ورئاسة للحكومة وبرنامج عمل واضح لهذه الحكومة...

يبقى السؤال كيف يمكن حرق اسم جهاد أزعور دون حرق اسم فرنجية؟...

يتحدث الكاتب جوني منير عن اتفاق ضمني من جنبلاط وكتلة الاعتدال ومجموعات صغيرة أخرى مع الرئيس بري على التصويت بالورقة البيضاء...

هل يمكن الركون إلى هذا التعهد مع وجود مليارات سعودية وأخرى قطرية لخدمة المشروع الأميركي في لبنان...

من أجل تدمير العراق، رمى الخليج بأكثر من مئة مليار دولار في آلة الحرب الأميركية...

من أجل تدمير سوريا، أحرق الخليج أكثر من مئتي مليار دولار...

من أجل تدمير اليمن تم رمي مئات المليارات الأخرى في أتون الحرب القذرة ضد اطفال اليمن...

لذلك المغامرة ممنوعة هنا...

لا يريد أحد "ابا موسى الأشعري" آخر...

ربما يتوجب عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس من الأساس، من أجل تعطيل نصاب هذه الجلسة...

وفي العموم، ربما يتوجب على حزب الله أن يضع برنامجاً واضحا ومحددا في التوزيع العادل للخسائر حيث يتحمل كل الخسائر بشكل أساسي من استفاد من الصفقات، ومن أهدر المال العام على مشاريع وهمية، ومن وضع يده على أملاك الدولة البحرية والبريةوالنهرية...

ربما آن الأوان لمحاسبة السياسيين الذين عن قصد أو عن غير قصد تسببوا بانهيار القطاعين الصناعي والزراعي، وتسببوا بالتالي بتشريد آلاف العائلات كما حدث في صناعة المفروشات في طرابلس حين قامت الحكومة بفتح أبواب الاستيراد على مصراعيها دون أية دراسة جدوى وتشرد إثر ذلك أكثر من ثلاثمائة ممن كان يعمل في هذا القطاع في محافظة الشمال وحدها...

أو صناعة الأحذية في بيروت والجنوب...

أو الزراعات المختلفة في كل بقعة من لبنان...

هل يُعقل أن يستورد لبنان التفاح ونحن بلد التفاح والأرض والشمس والمياه...؟

لا يحتاج حزب الله الى أكثر من الاستماع الى الدراسات الاقتصادية التي قام بها مجموعة كبيرة من الخبراء اللبنانيين لكي يعرف أين تكمن العلل...

لم تعد القصة في سليمان فرنجية أو في غيره...

يكفي أن يتابع حزب الله مقابلات الدكتور المرحوم الياس سابا، والدكتور عباس طفيلي، والدكتور شربل نحاس وغيرهم بالمئات حتى يتم وضع خطة إنقاذ فعلية...

أما في المجال الاجتماعي فعلى الحزب وضع برنامج من خطة خمسية أو في الحد الأقصى عشرية، من أجل الوصول في نهاية هذه الخطة إلى تأمين صحي كامل في القطاع الصحي لكل اللبنانيين ولكل المقيمين بصورة شرعية في البلد، والقيام بزيادة عدد المستشفيات الحكومية ودعمها هي بدل هدر المال العام للمستشفيات الخاصة سواء كانت ربحية ام تابعة للطوائف...

في المجال العلمي، يجب إعادة الاعتبار للمدرسة الرسمية والجامعة الوطنية عبر منع الحشرات الطفيلية من الطوائف والأحزاب من تحويلها إلى مؤسسات عبثية "سائبة"...

في المجال العسكري، يتوجب تحرير الجيش اللبناني والقوى الأمنية من كل السيطرات الداخلية والخارجية ووضع ميزانية تكفي لكي تصبح هذه القوى الأمنية جديرة بما قامت لأجله، وليس مجرد مؤسسات للحشو الطائفي والمذهبي...

كما يجب وضع أسس محددة لتحرير عملية التسليح بشكل لا يكون الجيش فيها تحت إمرة أية جهة دولية هي اصلا ترعى وتقوم بتسليح العدو الصهيوني وتجعل منه القوة الاولى في الشرق الأوسط...

أما على الصعيد السياسي، يجب على حزب الله رفض الاستمرار في عدم تطبيق بند إلغاء الطائفية السياسية، والعمل على إقامة لا مركزية إدارية وتفعيل البلديات ومنع سرقة مستحقاتها كما فعلت كل الحكومات منذ الاستقلال حتى يومنا هذا...

أما تحرير القضاء، فيبدأ عبر أقامة مؤتمر مفتوح للتوصل إلى دستور يتم الاستفتاء عليه، بحيث تكون الكلمة الأخيرة في كل الانتخابات للشعب ومن الشعب...

فلا تقوم جهة داخلية أو خارجية بشراء ذمم مجموعة من النواب أو من الوزراء كما حصل وكما لا يزال يحصل حيث تم تسريب أكثر من معلومة عن مسؤولين قبلوا رشاوى من دول أجنبية لانتخاب فلان أو العمل على شل البلد...

حزب الله موجود اليوم في وضع لا يستطيع الاستمرار فيه بتجاهل المآسي التي يرزح تحت حملها الناس لمجرد أن معركة الدفاع عن الوطن تستنزف قدراته...

إن تحرير الوطن من الزبالة الموجودة في الداخل على رأس كل السلطات دون استثناء، هي الممر الطبيعي لتحرير الوطن من العدو المتربص على الحدود،أو القابع في السفارات، وفي ما يسمى منظمات مجتمع مدني لا يعرف احد "قرعة" ابيها أين...

سواء وافقت أحزاب السيادة الممسوخة والمشرشحة على جهاد أزعور أو على غيره... كل هذا لم يعد يهم...

نحن نريد استعادة اعتبارنا في هذا الوطن وعلى هذه الأرض...

نحن نريد تحرير هذا الوطن من كل من تسول له نفسه أن يتعاون مع الأعداء حتى لو كانوا عربا، من أجل تخريب هذا البلد...

اليوم يوم عمل وطني بامتياز فوق كل الاسماء، وفوق كل الأحزاب...

المطلوب من حزب الله هو فقط أن يكون وفيا لما قام لأجله هذا الحزب...

حليم خاتون 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري