◦
إنَّ دعوَةَ السفيرِ السعوديِّ في لبنان، إلى طاولة الغداء هذه، لَم تَكُن مصادفَةً، ولا تكتيكاً سياسياً سعودياً فحَسب، بَل جاءَت في توقيتٍ مدروس، لإيصال رسالةٍ إلى بعضِ اللبنانيين مفادُها: أن المملكة صافحت سورية وإيران، ولن تتراجعَ عن ذلك، ولن تتَّخِذَ أيَّ موقفٍ مُغايِرٍ لسياسة البلدين.
طاولة غداء سعودية رسمية حَمَلَت عنوانَ تكريمِ السفير عبدالله بو حبيب، وجمعت حولها سفراء دُوَلٍ كثيرة، لكنّ نجمَيْها الأكثرَ إشعاعاً كانا:السفير الإيراني والقائم بالأعمال السوري في لبنان، وتميَّزَت بلقاءٍ سعوديٍّ حارٍّ للسفير مُجتبىَ أماني، الذي التقطَ وليد البخاري صورة تذكارية معه، ثُمَّ جلسا سوياً على طاولة غداءٍ واحدة، كل هذا حصل فيما المبعوثُ الرِّئاسِيُّ الفرنسيُّ الخاصُّ يصول ويجول في بيروت، بين قيادات الصفِّ المسيحيِّ الأوَّل، كما التقى الرئيسين: ميقاتي وبري، والمرشح سليمان فرنجية.
لودريان يحملُ حقيبةً سياسيةً فارغة، إلَّامن بعضِ الأوراق ِ البيضاءِ والأقلام، ليُدَوِّنَ عليها آراءَ الأفرِقاءِ اللبنانيين المعنيينَ بشكلٍ مباشرٍ، بموضوع الرئاسة اللبنانية، وزيارتُهُ أكّدَتِ الحالَ السَّيِّءَ الذي وصلت إليه باريس، من الضعف والوَهن، في ظِل صمْتٍ سعوديٍّ وتلاعُبٍ أمريكيٍّ بِلبنانَ، وضَياع ٍلبنانيٍّ داخليّ، ضمن بَوتَقَةِ التحالفِ السِّيَادِيِّ الهَشّ.
حزبُ اللهِ مُرتاحٌ، ومُتَمَسِّكٌ بمرشّحِه، لأنَّهُ يبني موقفَهُ على صخرةِ 51 نائباً صلبةٍ، غيرِ مدفوعةِ المُقابِل، بينما الفريقُ الآخَرُ جمعَهُمُ القرارُ الأمريكيُّ، مُحاولةٍ لِكَسْرِ إرادةِ المقاومةِ التي لم تتَضَرَّرْ من النتيجة.
لودريان سيرحلُ بخُفَّيْ حُنَين، وجهاد أزعور مُرابِطٌ في واشنطن، بينما طَيفُهُ على أبوابِ الصالوناتِ السياسية في بيروت، وعام 2023 لن يُشَكِّلَ مخرجاً رئاسياً للوضع اللبناني الراهن.
اللُّغْزُ في القضيةِ هو:
أوّلاً، قرارُ سورية، بعدم التّدخُّلِ في الشأن ِاللبنانيّ، حتى لوكان فرنجية يُشَكِّلُ الحليفَ المسيحيَّ الوحيدَ المُتَبَقِّيَ لها في لبنان.
وثانياً: الصمتُ الإيجابيُّ السعوديُّ حيالَ أيِّ اِسمٍ مطروح للرِّئاسة اللبنانية.
وثالثاً: إعادة حسابات أمريكية، بعد فشل ِحصول أزعور على 65 صوتاً،ما كان سيُشكل لهامدخلاًلِلِاعترافِ بهِ كرئيسٍ للجمهورية، على غرار جوان غوايدو في فنزويلا، ما يقود إلى تدمير لبنان.
الجميعُ في وطن ِ الأرزِ متموضِعٌ، ومُتَسَمِّرٌ في مكانِه؛ وحده لودريان يصولُ ويجول، لِيُثْبِتَ أنّ فرنسا لا زالَت لها هيبةٌ وأقدام، ولم تُصْبِحْ عاجزةً أمامَ القرارِ الأمريكيِّ الذي وضعَها أسفل السافلين.
لا اِنفراجَ رئاسياً قريب، وكُنّا قد حذّرنا من أنَّ العِنادَ السَّلْبِي َّ، بوجه فرنجيةلدى الطرف المسيحيّ، سيدفعُ بِحزبِ الله ِ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ أكثرَ فأكثر، ولَرُبَّما سَيُحَوِّلُهُ كُلٌّ من باسيل وجعجع، نتيجةَ غبائهما السياسيِّ إلى أيقونةٍ للمقاومة، وقضيةٍ لها رَمْزِيَّتُها الخاصةُ لدى حزبِ الله، تستحِقُّ الجهادَ السياسي َّوالتضحيةَ لأجلها.
بيروت في..
23/6/2023