بعيداً عن الدعاية الغربية و الروسية لما يحدث حالياً بين مجموعات فاغنر و وزارة الدفاع الروسية ..
مقالات
بعيداً عن الدعاية الغربية و الروسية لما يحدث حالياً بين مجموعات فاغنر و وزارة الدفاع الروسية ..
هنادي الصالح
24 حزيران 2023 , 17:32 م


أعتقد أننا في سوريا أكثر من يعلم بحكم التجربة طبيعة العلاقة و حساسيتها بين القوات النظامية و القوات الرديفة الخاصة.

الموضوع لا علاقة له بعمالة بريغوجين أو شويغو للغرب كما يقوم كل طرف منهم بتصوير الاخر ، إطلاقاً .. !

باختصار قوات فاغنر ناجحة عسكرياً ، فعالة جداً على الأرض ، لكن يديرها شخص عسكري لا يفهم ألف باء السياسة " بريغوجين "و بوجهه وزير دفاع " سيرغي شويغو " من أفضل القادة السياسيين في روسيا ، لكنه فاشل عسكرياً و لا تجارب ميدانية تذكر له.

الموضوع باختصار متعلق بإمدادات السلاح و الذخائر و حركة سلاح الجو داخل المعارك ، و فاغنر تتهم الدفاع الروسية بالخيانة لانها لا تقوم بالامدادات بالوقت المناسب مما يؤدي لفقدان اراضي و جنود بسبب نقص الامدادات ( البيروقراطية الموجودة ضمن المؤسسات الحكومية قاتلة بالحروب ).

و بالمقابل تنظر الدفاع الروسية لقوات فاغنر أنهم جنود سابقون بسجل اجرامي و سجناء تم الافراج عنهم مقابل القتال في أوكرانيا ، لا يمكن الوثوق بهم و لا يمكن إعطائهم حجم أكبر لأنهم مرتزقة كما يراهم كبار ضباط الدفاع الروسية.

هذا الواقع عشناه بسوريا بشكل كبير في عدة مراحل إن كان عبر قوات الدفاع الوطني بمرحلة مبكرة ، أو لاحقاً عبر قوات النمر.

الفرق الوحيد بيننا و بين الروس ، أن القيادة السورية تصرفت بشكل عملياتي ذكي و كانت حازمة و حاسمة بقطع يد القوات الرديفة حينما تفرعنت على الدولة في حالات كثيرة ، و بنفس الوقت حررت القوات الرديفة من بيروقراطية الدولة و أعطتها الحرية باستخدام مستودعات و مطارات تحت خدمتها بمسرح العمليات.

النموذج السوري بإدارة الحرب عبر اللا مركزية للقوات هو الأنجح ، و إصرار القيادة الروسية على الاستمرار بسياسة التغاضي عن الموضوع أوصل بها إلى مرحلة غير متوقعة باصطدام حقيقي بين فاغنر و الجيش.

قبل اليوم ، كان الحل الذكي لبوتين هو إعطاء فاغنر القدرة على استدعاء سلاح الجو ، و إعطاء فاغنر استقلالية بالتوريدات من مخازن الجيش بدون موافقة وزارة الدفاع اليومية لكن بإشرافها ، كما فعلت سوريا مع قوات النمر .

لكن اليوم بعد التمرد الحاصل ، لن يكون هنالك من حل مماثل للأسف ، و سيجد بوتين نفسه مضطراً للتضحية بقوات فاغنر و محاسبة رئيسهم بريغوجين لكي يحافظ على صورة الدولة الروسية القوية.

أعتقد أن السيناريو الأقرب هو إلقاء القبض على بريغوجين و تحويل القوة الضاربة من قوات فاغنر إلى ميادين حرب أخرى و قد تكون سوريا المرشح الأكبر لهذا مع اقتراب معارك شرق الفرات و ادلب.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري