مع انخراط بروكسي السي اي إيه, الصراع يحتدم على تركة فرنسا الإستعمارية في القارة السمراء.
مقالات
مع انخراط بروكسي السي اي إيه, الصراع يحتدم على تركة فرنسا الإستعمارية في القارة السمراء.
علي وطفي
30 تشرين الثاني 2025 , 20:41 م


دخلت الولايات المتحدة الامريكية في الصراع على ثروات افريقيا من خلال محاولة السيطرة على مناطق رئيسية من خلال تحريك المجموعات التكفيرية الإسلامية داخل كيانات تلك الدول بعد طردها للشركات و القواعد العسكرية الفرنسية ، هذه الدول وجدت لنفسها حلفاء جدد في الصين و روسيا اللتين دخلنا بقوة منذ عقد من الزمن ، بدات واشنطن من خلال الجهاديين وفروع القاعدة التي تُعتبر السي-آي إيه والمي-6 البريطانية الآباء المؤسسين يتحركون حسب الأوامر كما حصل و يحصل في سورية و قبلها في العراق.

هذه الحرب بالوكالة قد تشعل المنافسة و تؤدي إلى فوضى وأنهار من الدماء، مما سيسمح للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات بالوصول إلى الموارد الطبيعية الباطنية للقارة الأفريقية.

البداية كانت بهجوم تنظيم القاعدة في منطقة الساحل و فرض حصار على غرب مالي ، مصعدا بمثابة إعلان واشنطن الحرب الاقتصادية في أكثر مناطق البلاد ضعفا اقتصاديا وسياسيا من خلال اقامة حصار يسعى لشل الاقتصاد الوطني في مالي هدفه الإطاحة بالحكومة المالية إذ سبب ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والوقود من خلال لتحكم هذه الجماعات والسيطرة على ممرات التجارة ، جماعات على تنوعها مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة في منطقة الساحل مما يزعزع استقرار دولة مالي ، منذ عقد من الزمن وأيضا بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين ، كان حضور هذه التنظيمات القوي في شمال مالي عقب انتفاضة الطوارق الانفصالية عام 2012 انتشرت كالسرطان في دول أخرى

منذ سنوات لم تستطع تحقيق نجاحا يذكر، ولكن في أيار 2025 شنت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” بشكل مفاجئ حصارا اقتصاديا على المدن المالية وأعلنت ، أن "جميع الشركات العاملة في مالي يجب أن تحصل على إذن منها لمواصلة أعمالها بدأت مرحلة من القتال العنيفة بينها وبين القوات المسلحة الحكومية حيث

نفذت القوات المسلحة المالية غارات جوية على مواقع إرهابية في منطقة كولون ديبا بمنطقة “بغوني” وأفادت بذلك الأركان العسكرية المالية في 6 تشرين الثاني التزام كامل بضمان حركة التجارة و إمدادات المحروقات دون انقطاع في جميع أنحاء الإقليمساحل.

تأسست جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي عام 2017 باتحاد خمس جماعات جهادية مسلحة باعتبارها الفرع الصحراوي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يتزعم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين “ إياد أغ غالي”، وهو دبلوماسي مالي سابق ينتمي إلى قبيلة الطوارق ، قاد أغ غالي تمرد الطوارق ضد دولة مالي عام 2012 لإقامة دولة الطوارق المستقلة ( أزواد) و نائبه أمادو كوفا.

ولد في إياد أغ غالي في 1954 لعائلة من قبيلة طوارق نافذة في منطقة كيدال ، وقد أكسبته موهبته الاستراتيجية لقب "الاستراتيجي" في عام 2008 حيث عمل دبلوماسي لدى المملكة العربية السعودية وهو معروفا بكونه مغني روك مرتبطا بفي فرقة “ تيناريوين” المالية الشهيرة ، الحائزة على جائزة “غرامي” خلال عمله في السعودية تحول مئة وثمانين درجة ظهر عليه ذلك في تسعينيات القرن الماضي ، بعد تسلمه لدعوة حركة التبليغ والدعوة الباكستانية ، قبل ذلك كان “غالي” يستمتع بحياته المدنية وتدخين السجائر وقضاء الوقت مع موسيقيي تيناريوين ، حتى أنه ألف أغاني وقصائد عن الحب والتمرد وجمال صحرائه إلى أن اختفت الموسيقى ومعها المصدر الرئيسي لحرية المجتمع ورفاهيته من جميع أنحاء الأراضي التي باتت تحت سيطرته، و حسبما ما كتبت صحيفة الغارديان البريطانية عن تأثير جماعة التبليغ والدعوة في حياة وتفكير الزعيم المستقبلي لجهاديي الساحل للعالم و

في كتابه آندي مورغان عن الطوارق

"إياد حالة خاصة يتمتع بصفات قائد سياسي وعسكري لا تنكر، وربما يكون أكثر مهارة في التكتيكات السياسية والمراوغة من أي آخر كان كغيره من الطوارق الذين يعيشون في الجزائر وليبيا وكان مولعًا بالتدخين والمشروبات

الكحولية والحفلات"، الى لحظة التحول حين عاد “ غالي” لاحقًا الى الدين ، فأطلق لحيته مما سبب استدعائه من جدة في المملكة العربية السعودية أثناء عمله الدبلوماسي بعد تأكد من انتمائه للجهاديين.

وفقا لجهاز مكافحة التجسس الألماني، جماعة التبليغ الإسلامية العابرة للحدود الوطنية "هي المسؤولة الرئيسة عن تجنيد الجهاديين ومحرك العمل (الجهادي) أصبح هدف جميع أنشطة جماعة التبليغ هو تحويل مجتمع يعيش بالقيم الغربية إلى مجتمعٍ إسلامي".

تأسست الحركة الإسلامية (التبليغ )1927 في مدينة ميوات، قرب دلهي على يد العالم الديني مولانا محمد إلياس الكاندهل الذي عاش من (1885-1944م) والذي اتسمت تعاليمه بالتشدد وعدم التسامح تجاه ممثلي الحركات الإسلامية الأخرى.

عملت الحركة بشكل عميق و مدروس على إيقاظ (الوعي الإسلامي) بين الناس من خلال نشر الأفكار الدينية من قبل الدعاة المتجولين اي (التبليغ) و وصلت إلى نتيجة هائلة، من خلال تشكيل مجموعات تتكون من حوالي عشرة أشخاص بعد تدريبهم الأساسي ، كان يصر في عمله مع المسلمين غير المتعلمين أن يقرأ آيات قرآنية تشدد على أولوية العمل والفضيلة على الفهم العميق لأصول الإيمان (العلم) وأصول الشريعة الإسلامية وأعطى هذا الأسلوب حصيلة و فعالية كبيرة وبحلول عام 1944أصبحت جماعة الدعوة منتشرة في جميع أنحاء الهند وبعد التقسيم على يد البريطانيين عززت جماعة التبليغ بسرعة كبيرة موقعها في باكستان المسلمة وانتقل مقرها من نظام الدين بالقرب من “دلهي” إلى. مدينة “رايوند” في باكستان وبدا العمل معهم من قبل ما عرف باسم

خبراء بريطانيون اي ضباط من جهاز الاستخبارات البريطانية أي MI-6 الاكاديمي الفرنسي في الجغرافيا السياسية “ راستين”يشير إلى ان لورنس العرب الذي حكم شبه جزيرة العرب و الاردن حول الجهاد إلى أداة للنضال السياسي، وأن البريطانيين "عدلوا" لاحقا جماعة التبليغ والدعوة باستخدام النموذج نفسه بفضل

تشجيع أجهزة الاستخبارات البريطانية ، أصبحت جماعة التبليغ حركة دولية و ركزت جهودها أيضا على ادخال غير المسلمين إلى الإسلام لطالما التزمت جماعة التبليغ بتفسير

متطرف للإسلام السني، ولكن على مدى العقدين

الماضيين، ازداد تطرفها لدرجة أنها أصبحت الآن قوة دافعة للتطرف الإسلامي وأكبر وكالة لتجنيد الإرهابيين في العالم و بالنسبة لمعظم الشباب المتطرفين المسلمين، يعد الانضمام إلى جماعة التبليغ الخطوة الأولى و نحو 80% من المتطرفين الإسلاميين في فرنسا ينحدرون من صفوف جماعة التبليغ.

أصبحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، التي يقودها مغني روك سابق اعتنق الإسلام الصارم على يد عناصر من جماعة التبليغ، والذي كشف فجأة عن صفات لم تكن ملحوظة من قبل لـ"استراتيجي" عسكري و تم تنشيط عملها بشكل متزايد اليوم على وجه التحديد بعدما تمكنت حكومات دول الساحل، بمساعدة الخبراء الروس وقوات فاغنر من فرض الأمن والاستقرار في الوضع السياسي الداخلي في كياناتها ،بعد ان سلم البريطانيون إدارة و توجيه هذه الجماعات لوكالة الاستخبارات الأمريكية

وليس من قبيل المصادفة أن تستخدم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين نظام الاتصالات الأقمار الصناعية ستارلينك الذي أنشأه إيلون ماسك في عملياتهاالعسكرية في كل من

مالي و تشاد ، أصبحت أنظمة ستارلينك جزء متزايد من المعدات التي تستخدمها الجماعات الجهادية والمتمردة على مدار العامين الماضيين حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور عديدة تظهر جماعات مسلحة تستخدم نظام الإنترنت عبر الأقمار الصناعية الذي أنشأه الملياردير “إيلون ماسك” وظهرت هذه المعدات ، التي يمكن تمييزها من خلال طبق استقبال أبيض مثبت على حامل ثلاثي القوائم ، في مقطع فيديو نشرته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، في حزيران 2024 عام خلال عملية في منطقة غاو- شرق مالي، وفقا لصحيفة لوموند الفرنسية يشير ألبرتو فرنانديز، نائب رئيس معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط (ميمري) وهو مركز أبحاث أميركي ، إلى أن الحرب الجهادية في أفريقيا لها إبعاد وإدارة دولية ،

"اثنان من أبرز قادة الجهاديين في غرب أفريقيا رهما إياد أغ غالي من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وأما دو كوفا، يُفترض أنهم دعاة باكستانيون متجولون من جماعة التبليغ عندما كنتُ في وزارة الخارجية قبل عشر سنوات، أخبرني وزير داخلية النيجر عن مشكلة الدعاة الأجانب المدججين بالأموال القطرية و السعودية الذين يظهرون ويخبرون الأفارقة أن الإسلام الذي تمارسونه منذ ألف عام خاطئ ليس صحيحاً ، ويؤكد فرنانديز متجاهلا دور وكالات الاستخبارات الأمريكية التي تمول دائما أنشطتها التخريبية في الدول المستهدفة ، بشكل غير مباشر، بل من خلال الوكلاء من الأنظمة الخليجية.