كنب الأستاذ حليم خاتون:
رحم الله عبدالله حمصي (دويك)...
ماذا كان ليقول دويك عن بيروت بعد الدولرة...
ثلاث سنوات وبعض، قامت الحكومات المتتالية بتبديد ٢٣ مليار دولار من أموال المودعين على ما أطلق عليه زوراً دعماً لفقراء لبنان...
استطاعت طبقة الأغنياء دفع رواتب خادمات المنازل على دولار ال ١٥٠٠...
استطاع رجال الأعمال شراء بطاقات سفر على دولار ال ١٥٠٠...
استطاع من اعتاد على السومون فوميه والكاجو التمتع بالمازة على دولار ال ١٥٠٠...
استطاع بعض ذوي النفوذ الاستيلاء على دولار طالبي ب ١٥٠٠ ليرة هو اصلا غير شرعي لأنه غرف من أموال المودعين وليس من الخزينة التي كان سبق السطو عليها من قبل الطبقة الحاكمة وحلفائها من رجال المال والأعمال والسياسة...
في لبنان، "كيف ما ضربت إيدك، بتصيب"...
"الحرامية وين ما كان، وعلى كل المستويات... كل ينهب على قدر موقعه"...
لم يبق من لم يمد يده على أموال المودعين ورواتب موظفي القطاع العام...
أنه لبنان، بلد العجائب...
في لبنان، الكل سلطة...
وفي لبنان أيضاً، الكل معارضة...
السلطة معارضة والمعارضة سلطة حتى صرنا أمام سَلَطَة...
حتى نواب الصدفة دخلوا في "الحدوتة"...
المهم، خرج علينا أمس وزير الإقتصاد يشتكي من جشع التجار...
كأن حضرة الوزير يريد منا استعمال القوة لتطبيق قانون الربح المعقول...
إما أن السيد سلام يضحك على نفسه أو أنه يظن أننا أغبياء...
هو أحد من مشى بسياسات الدعم الشعبوية التي سطا بموجبها التجار على الأخضر واليابس...
هو الذي ابتكر فكرة دولرة الأسعار بعد نضوب أموال المودعين...
كأن السيد سلام لا يعرف أن الدولرة سوف تتحول تلقائيا ربحاً صافيا للتجار في سوق يحتكرون هم كل المعروض فيها...
المضحك المبكي أن الوزير مثله مثل غيره لا يعرف الف باء الاقتصاد...
يدخل سنويا إلى لبنان حوالي ٧ مليارات دولار فريش...
ما فعله، وما يفعله الوزير العبقري هو توجيه هذه الأموال باتجاه مزيد من الاستهلاك عبر دولرة تختصر مسافات الاستيراد وتتخطى بيروقراطية لا تعجب التجار...
السرعة في الربح السريع...
هذا لا يكون إلا في جمهوريات الموز...
بالنسبة لهؤلاء التجار، البلد ماشي طالما تجارتهم ماشية...
ما قاله الوزير سلام عن الأسعار، لم يكن اكتشاف الماء الساخن في لهيب آب...
الاسعار في لبنان نار...
اسعار لبنان تتفوق على أسعار دول غربية يبلغ الحد الأدنى للأجور فيها حوالي مئة ضعف ما هو موجود في لبنان...
في لبنان بلد التفاح يبلغ ثمن كوب عصير طازج من التفاح حوالي ٢٣٧٠٠٠ ليرة!!!
أحد الأطباء قرر أن من حقه وضع تعرفة خاصة بالمغتربين هي حوالي ٧٠ دولارا للكشف بينما في المانيا لا يحق أخذ أكثر من ١٨,٩ يورو مرة واحدة لنفس الحالة خلال ثلاثة أشهر لو مهما بلغت المراجعات...
أما شركة تأمين نقابة المهندسين، فقد قررت أن فحص "الناضور" لا يحتاج إلى تخدير، فقد اعتادت الشركة على الوصول إلى ذروة المتعة واللذة خلال ذلك الفحص!!!...
خط الهاتف الذي لا يزيد سعره في الكونغو على دولار واحد، والذي يُعطى مجانا لزوار الدار البيضاء في المغرب يصل في لبنان الى ثمانية دولارات لمدة خمسة أيام لا تلبث أن تصل إلى حوالي ٣٠ دولارا لأن خمسة أيام لا تلبي أدنى الحاجات المطلوبة...
المطلوب من الوزير عدم الشكوى...
نحن المغتربين لسنا حائط مبكى لا له ولا للحكومات ولا للمعارضة المزعومة...
بعد حوالي شهر من أحداث ١٧ تشرين، قال الرئيس بري كلمته المشهورة:
لولا الطائفية لتم سحب (سحل) الزعامات من البيوت...
احتراما لعقول الناس...
يرجى من الشاشات الى التوقف عن استضافة كل السياسيين بدون استثناء... ليس حبا بالتكنوقراط... لكن رأفة بمستوى اللغة عند الناس...
كلما خرج أحد من هؤلاء على الشاشة تنحدر لغة اللبناني إلى أقصى عبارات الشتم من الزنار ونازل باتجاه هؤلاء واللي خلفوهم وحتى اللي بيسمعولهم...
ليس كفرا...
لكن كفى...
على عصر العهر أن ينتهي قبل أن تنصب المشانق...
ألا من روبيسبير آخر...
ألا من مقصلة أخرى للتخلص من كل هؤلاء مرة واحدة، وإلى الأبد...
رأفة بالشعب المسكين...
اقفلوا افواهكم...
حليم خاتون