بعد أن كان قيمةً أدبية لبنانية راقية، يُعَدُّ الأديبُ العامليُّ الدكتور علي حجازي اليوم، قيمةً أدبيةً عربية وعالمية تأخذ طريقها عملياً، للتّأثير في بيئته والبيئات العالمية الأخرى.
فمن هو الدكتور علي حجازي؟:
ولد الكاتب والأديب الدكتور علي محمود حجازي في بلدة قبريخا،من جبل عامل في كنف عائلة كادحة، و بيئةٍ تلحّفت الحرِّيَّةَ، فحوربت بالحرمان، وتأطَّرت بالإهمال، فقرّر الاِنطلاقَ في مسيرةٍ، أقلّ ما يقال فيها: إنها انعكاس لإرادة التحدّي والنهوض والتحوّل.
من عمق طفولةٍلاتزال تحمل إلى ذاكرته الدفء و الطمأنينة، إلى فتوّة عاشت مخاضاً مع الوجود ، واختبرت كلّ أنواع المخاطر والصعوبات، وعاينت لبنان وهو يقع فريسة التحوّلات الجغرافيةِ والسياسية المأساوية، مروراً بشبابٍ اكتملت فيه الرؤيةُ المستقبلية ، وتحدّدت الخيارات؛ مسيرةٌ تمدّدت على مساحة عقودٍ من القرنين العشرين والحادي و العشرين ، وتعتّـقـت بخوابي الفكر الأصيل.
توزّعت دراستُه بين جبل عامل و بيروت ، حيث استقبلته على التوالي مقاعدُمدارس بلدته، و بلدتي شقراء و خربة سلم، قبل أن ينتقل لِيُتابعَ الدِّراسةَ في العاصمة، بيروت.
وشدّته تلك المناقبيّـةُ والروح الوطنيّةالعالية و الخدمةُ المجتمعيةُ المسؤولة، الّتي تحلّى بها أفراد قِوى الأمن الدّاخليّ، فانخرط في صفوفها، منذ العام 1971، برتبة دركيٍّ متمرّن، في وقت كان يتابع فيه تحصيله العلمي، حتى نال شهادة البكالوريا اللبنانية – القسم الثاني، فقرَّر الانطلاقَ بدراستِه الجامعيّة التي توزّعت بدورها بين الجامعة اللبنانية و جامعة القديس يوسف، فحاز من الأولى الإجازةَ التعليميةِ في اللغة العربيّة و آدابها، و من الثانية شهادتي الماجستير (1983) والدكتوراة (1985).
وفي العام 1996 حاز شهادة الدكتوراة– الفئة الأولى (دولة) – في اللغة العربية وآدابها، من الجامعة اللبنانية،متوِّجاً
تحصيله الجامعي برتبة "أستاذ" اللغة العربية و آدابها.
و قد أعدّ أطروحتي الدكتوراة الآتيتين:
١-"قبريخا، دراسة فولكلورية أدبيّة"، دكتوراة في اللغة العربية و آدابها(حلقة ثالثة 1985)من جامعة القديس يوسف بإشراف البروفيسور الدكتور. جبور عبد النّور.
٢- تطوّر القصّة القصيرة في لبنان، دكتوراة في اللغة العربية و آدابها (فئة أولى 1996) الجامعة اللبنانية.
في العام 1987، انتقل د. علي حجازي إلى ملاك شرطة مجلس النوّاب، و راح يترقى بالرتب العسكرية والمناصب بدءاً بمُلازم، إلى رتبةمقدّم.
وهو إلى ذلك، ناقد وكاتب و باحث في القصة و الرّواية مع الأدب الشعبيّ وأدب المقاومة و أدب الأطفال؛ كما كانت له تجربة في الإذاعة اللبنانية، حيث أعدَّ مسلسلاً إذاعياًعن
التراث الشعبي.
تخطت أفكار الدكتور حجازي حدود الجغرافيا اللبنانية، وتمدّدت على مساحةٍ ذاتِ أبعادٍ إنسانيّةٍ عامّة، كما ألهمت الإنتلجنسيا العربية، بعد أن ساهم، من خلال عمله الأدبي والنقدي، في ترسيم رؤية تجديديّة تستقي أسسَها من تطوّرات العصر وكنوزالحضارة، واكتناه المعايير الإنسانيّة.
وشأنه شأن كلّ مثقّف عربي، قرَّر د. حجازي عدم الرضوخ للواقع ، أوالوقوف على الحياد، بل حمل لواء النهضة، وسار في طريق التجديد، فضلاً عن أنّه استاذٌ محاضرٌ في الجامعة اللبنانية، منذ العام 1988، وأستاذ مشرف في جامعة القديس يوسف، وأستاذ محاضر في الجامعة الأمريكيّة للعلوم والتكنولوجيا AUST.
فقد التزم منفرداً النهجين: الفكريَّ والوطني ّ، اللذين برزا جليَّيْنِ في مسيرتِه الأكاديميّة، واللذين تحوّلا إلى حالة عامة التفّ حولها معظم الأكاديميين، الأمر الذي أعطى حضورَهُ دفعاً استثنائيا و مكانةً خاصة، تمّت ترجمتها في العام 2013، من خلال تعيينه مديراً لكلية الآداب – الفرع الخامس، في جنوب لبنان، فعمل من خلال هذا الموقع على محاربة الفساد،بكلّ ما أوتي من قوّة , وتطوير ِالمناهج والبرامج، وتفعيل القيمة الجامعية اللبنانية.
للدّكتور علي حجازي باقة وافرة من الكتب توزّعت بين القصّة القصيرة، والمؤلفات الأدبية، و الأبحاث النقدية، و قد تُرجمت أعمالُه القصصيّةُ إلى الصينيّة و الفرنسيّة والفارسيّة والإنكليزية، بعد أن اكتشف القرّاء، عبر العالم، بين سطور كتاباته عالَماً من التحوّلات يدفع إلى آفاق التحرّر من كل قيد تنفر منه حرّيتنا.
وقد قام العديد من طلاب الماستر، في لبنان والخارج،بدراسة أعماله القصصيّة ذات المناحي التربوية والوطنيّة والجماليّة؛ كماحازالروائي الدكتور محمد حمود شهادة الدكتوراة اللبنانيّة في اللغة العربيّة وآدابها على أعمال د. حجازي المنشورة حتى العام 2015، وطُبِعَتْ أطروحته التي نال عليها درجة جيّد جدّاً في كتاب حمل عنوان: "الأبعاد الوطنيّة والقوميّة والاجتماعيّة في قصص علي حجازي 688 صفحة".
ومثّل الدكتور علي حجازي لبنان في العديد من المؤتمرات المحليّة و الإقليميّة والدّولية، و استضافته كبرى الدّول محاضراً في جامعاتهاونواديها،
ومنها: الصّين،الجزائر، القاهرة،عمّان،طهران، كيشان،و الخرطوم.
ومؤخراً كانت له مشاركة قيّمة في المؤتمر الفكري التأسيسيّ الأوّل حول "الفكر المسيحي/الإسلامي و القيم الإنسانية" الّذي نظّمه المركز الاستشاري للبحوث الانثروبولوجية، في بيروت في 7 كانون الثاني 2014، و في المؤتمر العلمي الخامس الذي نظمته الجامعة اللبنانية كليّة الآداب و العلوم الإنسانية، بعنوان: "العلوم الإنسانية في التعليم العالي: واقع وآفاق" بتاريخ 3, 4, 5 نيسان 2014.
وفي استعراض المدن التي زارها و الدّول التي استضافته، محاضراً أو خطيباً، تتّضح هُوِيّةُ المفكّر المتجرّد التي طبعت أفكاره ، والتي عَبَرَ بها الآفاق، واقتحم الحدودَ على أنواعها من جغرافيّةٍوسياسيّةٍ و إثنيّةٍ و دينيّة.
إلى ذلك هو عضو في اتِّحاد الكتّاب اللبنانيّيـن، إذ انتُخب أميناً سابقاً للشؤون الخارجية.
كما أنّهُ عضوٌ في الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، و في اتّحاد الكتّاب العرب، و في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي.
وقدشارك في تأسيس ملتقى الثلاثاء الثقافي، و حلقةالحوارالثقافي، ومنتدى الضاحية، والمنتدى الأدبي للثقافة والعلوم.
وتجدر الإشارة إلى أنّه حوّل قسماً من منزله، في بلدته قبريخا إلى: ديوان الثقافةوالأدب، وأنّه شارك في الإعداد للمؤتمر الأوّل للثقافة الشعبيّة في لبنان.
بعد عقود من الخدمة في سلك قوى الأمن الدّاخلي وسبع وعشرين سنةً من التفرغ للتعليم في الجامعة، يبدو البروفيسور د. علي حجازي رائداً في قضايا المجتمع ، و في الخدمة و العطاء، كما في مسائل الفكر الذي نفح فيه من روحه، وأبقاه حيّاً، فاستحق على عطاءاته وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجات 1و2 و3 ، ووسام الأرزالوطنيّ من رتبة فارس،ووسام الأرز الوطنيّ من رتبة ضابط.
من مؤلفاته المنشورة التي لا يتّسع المجال هنا لإيردها كُلِّها:
1. الشاعر الشيخ علي مهدي شمس الدين، في حياته و أدبه، دراسة و تحقيق، بيروت – دار مجد، الطبعة الأولى، 1983.[1]
2. النعاس و أمير العواصف، مجموعة قصص، بيروت – دار الكتاب الحديث، الطبعة الأولى 1993 – الطبعة الثانية، 2003.
3. القبضة و الأرض، مجموعة قصص، بيروت – دار الميزان، الطبعة الأولى، 1994.وطبعت للمرة الرابعة في العام 2018
4. العيون الغاربة (مجموعة قصص)، دار الميزان، بيروت، 1994.
5. عناقيد العطش التي ترجمها الدكتور حسين مهتدي إلى اللغة الفارسيّة
6- شارة جديدة للنصر .دار المعارف الحكميّة بيروت. 2018 قدّمت له الاستاذة الدكتوره دلال عبّاس
7- وفاء الزيتون، مجموعة قصص، بيروت – اتّحاد الكتّاب اللبنانييّن، الطبعة الأولى، 2001.
وهذه المجموعة، تُرجمت إلى العديد من اللغات.
فقد ترجمها إلى الفارسية الدكتوران علي أرامش بور، وموسى عربي ، عضو هيئة التدريس في جامعة شيراز.وترجمه ثانية د. محسن اسدي وزوجة السيّد شيوا مشير فر ،كما ترجم هذه المجموعة إلى اللغة الصينية، المستشار الثقافي الصيني السابق في سفارتي الصين في القاهرة ودمشق، وانغ قوي فا، الذي يقول في تقديمه للتّرجمة:
" لقد عزمت على أن أنقل هذا الكتاب إلى اللغة الصينيّة، بل بدأت في ترجمة بعض قصصها، وأعمل في الترجمة بكلّ اهتمام، وبكلّ جهودي ليصل مستوى الترجمة إلى أعلى مستوى.
وسوف أتّفق مع إحدى دور النشر في الصين، لنشر هذا الكتاب إهداء إلى الأطفال والفتيان الصينيين، البالغ عددهم أكثر من ثلاث مئة مليون نسمة ؛ تعزيزاً للتفاهم والصداقة بين أطفال البلدين الصين ولبنان.
واتمنى هنا ل د . علي حجازي أن يبدع أكثر من الأعمال الأدبيّة للطفل.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدكتور علي حجازي عمل على كتابة القصص التي تجسّد إبداعات المقاومة وبطولاتها، الأمر الذي لفت المستشار الثقافي السابق للجمهورية الإسلاميّة في لبنان الدكتور محمد مهدي شريعتمدار فأطلق عليه لقب" عميد الأدب المقاوم " وترجم كتاب القبضة والأرض إلى اللغة الفارسيّة .
واخيراً ، ننتظر كتابه الجديد " سرّ الألوان في الدحنون" الذي قدّم له العميدالدكتور خليل أبو جهجاه ، وكتب الأستاذ الدكتور علي زيتون الذي قرأ القصّة التي تحمل العنوان ما يأتي :
" سرّ الألوان في الدحنون " قصّة غير عاديّة ، ماهت الوطني بالإنساني، كلّ ذلك بجماليّة أدبيّة رائعة تصنّف علي حجازي قاصّاً كبيراً، لعلّه القامة الأعلى، وسط القصاصين العرب.