عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
أقدمت امس مجموعة دانماركية يمينية متطرفة عنصرية، ومناهضة للإسلام على حرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة العراقية بالعاصمة كوبنهاغن.
وتطلق المجموعة على نفسها اسم "دانسك باتريوتر" (الوطنيون الدنماركيون)، وقد رفعوا لافتات معادية للإسلام والمسلمين، ورددوا شعارات مسيئة لهم.
ونفّذت المجموعة إعتداءها برعاية الشرطة التي اتخذت إجراءات أمنية مشددة في المنطقة.
ويشار أن إحراق القرآن والإساءة إلى الأنبياء والمسلمين اصبح شيئًا عاديًا في أوروبا عمومًا وفي الدانمارك خصوصًا بحجة حرية الرأي والتعبير.
فبتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2023 أحرق العنصري راسموس بالودان زعيم حزب “الخط المتشدد” الدنماركي اليميني المتطرف العنصري ضد الإسلام والمسلمين نسخة من القرآن الكريم أمام مسجد في العاصمة كوبنهاغن، وسط حماية من الشرطة، وذلك للمرة الثانية خلال أسبوع واحد.
وأفاد شهود عيان أن بالودان، الذي يحمل الجنسية السويدية أيضًا، حرق المصحف أمام مسجد تابع لـ”جمعية الجالية الإسلامية” عقب انتهاء صلاة الجمعة في حي دورثيفج، بحماية الشرطة التي أحاطت المكان.
وبتاريخ 25 آذار/مارس الماضي قام أنصار نفس المجموعة الدانماركية العنصرية المتطرفة تطلق على نفسها (باتريوتس لايف) ببث حي عبر حساب المجموعة على فيسبوك تضمّن حرق نسخة من القرآن الكريم إلى جانب حرق العلم التركي أمام السفارة التركية في العاصمة كوبنهاغن، وبحماية مشددة من الشرطة أيضًا.
إن تكرار حرق القرآن في المرة الأولى وتدنيسه في المرة الثناية في السويد وبتنفيذ نفس الشخص يؤكد وبشكل يقيني وجود رعاية رسمية سويدية له. وفي المرة الأولى تم توجيه تهمتين رسميتين له :-
1-خرق الحظر بشأن إشعال النار.
2- التحريض على العنصرية والكراهية.
ولم تتم محاكمته لأنهاء ونكرار تدنيس القرآن الكريم والعلم العراقي وصورة السيد القائد. فالدستور السويدي يعتبر ذلك جريمة حسب الدستور السويدي؛ ومن الناحية القانونية يعتبر "جرمًا مع سبق الإصرار والترصد" للجهات الراعية لعمله. وأما المنفذ فليس سوى بيدق يجرى سيتم التخلص منه بسهولة بعد إنجاز مهمته.
وأَما في الدانمارك؛ فالمنفذين جماعات عنصرية متطرفة تكن العداء الدفين والحقد والكراهية للإسلام والمسلمين. والمفارقة بأن حرق وتدنيس القرآن وإطلاق الشعارات المناهضة للإسلام والمسلمين كانت بحماية مكثفة من الشرطة كما الحال في السويد.
ولا بد من الإشارة بأن الدستور الدانماركي يعتبر إساءة استخدام حرية التعبير كوسيلة للتحريض المقصود ضد فئه من المجتمع فيما يخص التمييز العنصري و التجديف بالله وتجاوز حرمة المقدسات وان التجاوزات في هذا المجال تعرض مرتكبيها للمحاسبة القانونية.
1- حرية التعبير الدستور الدانماركي
إن حرية التعبير للمواطن وهي فقرة أساسية في الدستور الدنماركي تضمن للفرد الحرية الكاملة في التعبير عن اراءه في كافة المجالات السياسية والأجتماعية والثقافية والمعتقدات دون خوف . مع الأخذ بعين الأعتبار إن اساءة استخدام حرية التعبير كوسيلة للتحريض المقصود ضد فئه من المجتمع فيما يخص التمييز العنصري والتجديف بالله وتجاوز حرمة المقدسات وان التجاوزات في هذا المجال تعرض مرتكبيها للمحاسبة القانونية؛ إضافة لكونها مسالة جدلية خاضعة للنقاش الفقهي والقانوني.
وقد أفلت الكثيرون من المتجاوزين دون عقاب من خلال بوابة "حرية التعبير المقدسة". إن الفرد الدانماركي الذي يرتكب هذه المخالفات سواء عن قصد أو بدون قصد هو الشخص المسؤول أخلاقيًا وقانونيًا وأنه لا يعبر عن الرأي العام او عن رأي الدولة أو عن الصحيفة التي نشر فيها او دار النشر التي أصدرت مطبوعة ما؛ فإنها قضية شخصية تعبر عن رأي صاحبها، وهو المسؤول وفق التطبيق العملي للقوانين السارية.
وأما في فقرة حرية الرأي في الدستور السويدي … يُعد نشر تصريحات علنية تهدد أو تحط من قدر مجموعة من الأشخاص، مع الإشارة إلى العرق أو لون البشرة أو الجنسية أو الأصل العرقي أو العقيدة أو التوجه الجنسي، جريمة. ويُطلق على ذلك اسم التحريض على الكراهية العنصرية".
ولا بد من الإشارة بأن اي إدعاء ضد حارقي القرآن وتدنيسه وداعميهم في السويد والدانمارك لن تجدي نفعًا لأن هناك رعاية رسمية لهم في كلا البلدين.
وقد إخترت لكم شهادة أحد المقيمين قديمَا في الدانمارك (كاظم صالح) ليعطينا فكرة عن كيفية التهرب من المحاكمات بحجة حرية التعبير؛ فيتجاهل القضاة الدستور ويركزون فقط على المبدأ العام لحرية التعبير عن الرأي فينجا المجرمون.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=56121
ويبدو ان السويد والدانمارك لم يحسبا جيدًا حساب المقاطعة الفعلية لمنتجاتهم في البلاد الإسلامية؛ وأني أعتقد بأن ذلك سيكون أحد الخيارات الرئيسية؛ لأن الإصرار على حرق القرآن وتدنيسه في السويد والدانمارك يؤكد على وجود سلسلة بدأت بحلقتين فقط؛ وإكتمال السلسة مرتهن بالموقف المؤثر من البلدان العربية والإسلامية.
وإن غدًا لناظره قريب
22 تموز/يوليو 2023