كتب الأستاذ / إيهاب شوقي
جاءت اجتماعات العلمين بين الفصائل الفلسطينية والسلطة، في إطار محاولات مستميتة لتعويم السلطة الفلسطينية وفقًا لما استقرت عليه الخيارات الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية كبديل وحيد لسيطرة المقاومة على القرار الفلسطيني.
وهذه الخيارات الأمريكية والصهيونية تولدت باعتبار السلطة هي الطرف الوحيد الذي يمكنه التنسيق الأمني، وكذلك الطرف الوحيد الذي يمكنه التخلي عن خيار المقاومة المسلحة واستبدالها بمصطلح "المقاومة السلمية"، وهو مصطلح أجوف لا يتسق مع الواقع ولا مع مآلات المحاولات المستمرة منذ اوسلو وحتى الآن، في محاولة يائسة لمجرد تثبيت وجود كيان يسمى "السلطة"، يصلح للضغط عليه وانتزاع التنازلات التاريخية.
وربما اختلفت نوايا المجتمعين، فربما كان لمصر أهداف أخرى للحفاظ على الحد الأدنى من دورها كطرف معني ومؤثر، وربما كانت للفصائل أهداف تتعلق بالإعلان عن فشل خيارات السلطة وفشل مسار "السلام" وفقا لأوسلو ومنهجها، والدعوة للتوحد على خيار المقا..ومة.
ولكن المحصلة هي فشل التوافق بسبب تجاهل الأمر الواقع، وهو انكشاف ممارسات العدو ونواياه التصفوية وكذلك استقرار ورسوخ خيار المقا..ومة المسلحة كخيار وحيد للتحرير وانتزاع الحقوق لدى أغلبية الشعب الفلسطيني، إضافة إلى طبيعة الأوضاع الراهنة وأزمة الكيان الصهيوني وتنامي قدرات المقا..ومة بما لا يبرر أي تهدئة أو تنازلات حتى على المستوى التكتيكي.
وتزامنًا مع هذه الاجتماعات، وفي بقعة أخرى على المتوسط، وتحديدًا في صيدا، حدثت اشتباكات خطيرة ومأساوية داخل مخيم عين الحلوة، وهذه الاشتباكات المؤسفة تلقي بتأثيرات سلبية على صورة الوحدة الفلسطينية كما تشكل خطرًا على كامل الوضع في لبنان لو اتسعت دوائرها.
ورغم أن الاشتباكات دارت بين فصيل كبير وتاريخي وفصائل صغيرة ليس لها ذات الوزن التاريخي ولا تتمتع بالجماهيرية والانتشار وتعد غريبة إلى حد كبير عن التقسيمات الفلسطينية الشهيرة، إلا أن الشواهد المصاحبة لتفجير الأحداث وكذلك التمادي في اختراق وقف إطلاق النار، يشي باختراقات ولا يخلو من الشبهات.
قاطعت حركة "الجهاد" اجتماعات العلمين وهي مقاطعة لها دلالة بأن التنسيق مع العدو واعتقال المقا.ومين لا يجتمعان مع المصالحة، وأن المصالحة والوحدة يجب أن تكون على خيار المقا.ومة الشاملة، وهو ما أوضحته أيضا بقية الفصائل المشاركة في بياناتها وكلماتها واعلان مواقفها.
وغابت ايضا بقية الفصائل عن الاشتباكات في عين الحلوة، وهي اشارة الى أن السلاح يجب أن يوجه حصرًا للعدو.
وفي المحصلة لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني والعمل الفلسطيني العام سوى خيار واحد وهو الوحدة والمصالحة ولكن على مبدأ المقا.ومة الشاملة وعلى رأسها المقا.ومة المسلحة، وهو الخيار الوحيد الذي يفهمه العدو وهو الخيار الوحيد الصالح لاستعادة الحقوق.
تحفل مراكز الفكر الأمريكية وتقارير المراكز الاستخباراتية الصهيونية بمقالات وتقارير تبشر بتطبيع قريب مع السعودية وأن الإعلان عنه لا يرتبط بتنازلات صهيونية كما تحاول السعودية الترويج لذلك، وإنما يرتبط بتسوية صفقة شاملة بين السعودية والإدارة الأمريكية، وأن "اسرائيل" لن تقدم تنازلات وإنما قد تؤجل فقط المزيد من الضم العلني للضفة وقضمها على مراحل.
وتبشر هذه المراكز بأن الاتفاقيات الابراهيمية التطبيعية ستتوسع دون تنازلات، وهو ما يعني أن النظام الرسمي العربي يكسب الوقت لصالح امريكا والعدو، وأن الرهانات على المصالحات على حساب المقاومة هو نوع من أنواع انقاذ العدو وقبلة حياة له في وضعه المأزوم.
الوحدة على خيار المقاومة هي المسوغ الوحيد للوحدة وهو الضامن الوحيد لعدم تحول الخلافات والأوضاع المأزومة بالمخيمات لحروب أهلية بدلا من توحد البندقية الفلسطينية على التصويب ضد العدو.